النووي ومصادر الطاقة

21:59 مساء
قراءة دقيقتين

د. لويس حبيقة *

تنويع مصادر الطاقة مهم جداً للاستمرارية خاصة للدول المنتجة للنفط والغاز. أما الدول المستهلكة فتنوع الطاقة لتخفيض التكلفة واستمرارية المصادر ضمن معايير الفعالية والإنتاجية. النظافة البيئية هي معيار مهم لكنه ليس الوحيد، وبالتالي هنالك ضياع واضح تجاه ما يجب أن نقوم به كمجتمعات عالمية تواجه صعوبات وتحديات من مختلف الأنواع. هل يصلح النووي كمصدر للطاقة يؤمن النظافة البيئية والفعالية ضمن القدرات المالية المتوافرة، علماً أن حصته العالمية لا تتعدى 5% من الطاقات الأولية؟ فرنسا تقول نعم وتعود للنووي، أما ألمانيا فهي ضد وتقفل ما تبقى من مفاعلات لأسباب بيئية وتقنية ومالية.

ألمانيا خارج الإنتاج النووي الذي تعتبره مكلفاً وخطراً ومضراً بالصحة على المدى الطويل ومن الصعب إدارة سلامته بشكل دائم وأكيد. كما أن الولايات المتحدة بين سنتي 2009 و2021 أقفلت 12 محطة نووية للطاقة بسبب التكلفة المرتفعة مقارنة بالمصادر الأخرى. هل هنالك بدائل عملية للنووي؟ تشير الدراسات إلى إمكانية الاستفادة من الماء والهواء لأنها نظيفة وتكلفتها أدنى من النووي، لكن هل ممكن نشرها في كل الدول حيث الطقس ربما لا يسمح؟ حقيقة لكل مصدر طاقة إيجابيته وسلبياته ومن الضروري التنويع لأن الاتكال على مصدر واحد وحتى أساسي يمكن أن يكون خطراً للمجتمعات.

فرضت الحرب الأوكرانية على دول عدة خاصة في أوروبا تنويع مصادر الطاقة لأن الاعتماد على المصدر الروسي لم يعد ممكناً أو مرغوباً به. هنالك اعتماد أيضاً على دول المنطقة العربية للتعويض عن الإنتاج الروسي، خاصة أن تكلفة الإنتاج هي من الأدنى عالمياً. هنالك مواضيع ثلاثة يجب التنبه لها عندما نقارن مصادر الطاقة. إن انهيار مصارف عالمية مؤخراً بدأ من كاليفورنيا مع ال«SVB» أضر بالطاقة لأن هذه المصارف كانت تمول شركات ناشئة واعدة من نواحي الإنتاج والتنويع والنظافة في الطاقات البديلة. المال غير متوافر اليوم كما في السابق لتمويل هذه الحاجات التقنية والمخبرية المهمة. هنالك أكثر من 1500 شركة طاقة واعدة تنتظر التمويل المتوافر لكن غير المخصص لها.

هنالك تقدم علمي واضح من ناحيتي الانشطار النووي Fission كما الانصهار النووي Fusion وهي تعتبر مصادر فاعلة للكهرباء، لكن المطلوب الاستمرار في البحث والتطوير لتصبح ذات تكلفة مقبولة لكل الدول. هي تتفوق على المصادر الأخرى، لكنها لن تكون متوافرة قبل 2032. الانصهار هو تقنية أكثر قوة من الانشطار وتعتبر فاعلة أكثر من المصادر الأخرى حتى الشمسية والمائية. العالم ليس جاهزاً لها بعد.

مع البحث الذي يجري عن الطاقات البديلة، لا زال العالم يحتاج إلى كميات كبيرة من النفط والغاز وهنالك عودة إلى الفحم في بعض المناطق. ما يجري حالياً هو تطوير وسائل نقل قديمة كالدراجات الهوائية مع تحديث بنيتها التحتية، وتطوير شبكات سكك الحديد داخل الدول وبينها إذ إن الاستثمار فيها ذو جدوى اقتصادية ومالية واجتماعية كبيرة تكبر مع الوقت.

* كاتب لبناني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2uzxb3n3

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"