النزوح أزمة عالمية متفاقمة

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين
2

تحولت أزمة النزوح في العالم إلى واحدة من أشد الأزمات التي باتت تؤرق ضمير الإنسانية، من دون أن تلقى بالاً أو اهتماماً وسط نفير الحروب والصراعات، وزيادة ميزانيات التسلح وتغيّر المناخ، والفساد، وانعدام التنمية، ما بات يشكل عبئاً ثقيلاً على المنظمات الدولية الإنسانية التي تحاول جاهدةً تقديم ما أمكن من دعم رغم شحّ المساهمات الدولية المتضائلة، في حين يتم صرف المليارات على الحروب والسلاح.

يوماً بعد يوم تتفاقم أزمة النزوح إلى الداخل والخارج، وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية، وتشير الأرقام التي سجلتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن عدد هؤلاء بلغ 120 مليون نازح على مستوى العالم حتى شهر مايو/ أيار الماضي، وهو ما يعادل عدد سكان اليابان التي تحتل المرتبة الثالثة من حيث الكثافة السكانية في العالم، مع ما يرافق ذلك من مآسٍ إنسانية لا تعدّ ولا تحصى في جميع المجالات، وما يعنيه ذلك من أبشع أشكال انتهاك حقوق الإنسان.

الأرقام الجديدة التي تتجاوز أرقام العام الماضي بملايين عدة، سببها الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة، في إطار حرب إبادة وجرائم حرب ممنهجة، إضافة إلى الصراع الدموي في السودان وما سببه من مآسٍ لأكثر من 10.8 مليون نسمة نزحوا داخلياً أو اضطروا للنزوح إلى دول الجوار، والحرب الأوكرانية التي اضطرت ملايين الأوكرانيين إلى الهرب من نيران الحرب إلى الدول الأوروبية المجاورة. وتظل سوريا تشكل أكبر أزمة نزوح في العالم؛ حيث نزح حوالي 13.8 مليون شخص قسراً داخل البلاد وخارجها.

يضاف إلى ذلك، النزوح بسبب المناخ والكوارث الناجمة عنه من فيضانات وحرائق وأعاصير وتدمير للمزروعات، من دون القدرة على الصمود في مواجهة هذه التغيرت البيئية، ما يؤدي إلى ضعف البنى الاجتماعية وشح الموارد، خصوصاً في الحالات التي يطول فيها أمد هذه التغيرات المناخية بالنسبة للفئات المعدمة والضعيفة.

وللنزوح تداعيات أخرى تتمثل بالفقر والأمراض والجوع والتفكك الأسري. ويقول المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي: «وراء هذه الأرقام الصارخة والمتزايدة تكمن مآسٍ إنسانية لا يمكن حصرها، ويجب أن تحفز هذه المعاناة المجتمع الدولي على التحرك بشكل عاجل؛ لمعالجة الأسباب الجذرية لهذا النزوح».

إن محنة النازحين أكثر من مجرد قضية إنسانية، هي تعني الأمن والسلام في العالم، وتعني ضرورة اعتماد نهج متكامل يجمع بين الجهود المبذولة في تحقيق التنمية، والتوقف عن استنزاف الأرض، ووقف التدهور البيئي للحد من الكوارث، وبناء السلام، وحماية حقوق الإنسان واحترام القانون الدولي والإنساني في الحروب.. وما لم تتحقق هذه الأهداف فإن الأزمة سوف تتفاقم وستشكل عبئاً على المجتمع الدولي لن يتكمن من مواجهته، وذلك يتطلب من الدول الكبرى التوقف عن تأجيج الحروب والصراعات والتدخل في شؤون الدول الأخرى، والعمل على تنفيذ كل الاتفاقات الخاصة بالمناخ التي أبرمت على مدى السنوات الماضية، إضافة إلى تقليص ميزانيات التسلح وزيادة الدعم المالي للمنظمات الإنسانية الدولية التي تُعنى بقضية النازحين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mu75mybn

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"