مؤتمر سلام آخر!

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

يخطط الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لعقد مؤتمر سلام آخر، بعد المؤتمر الأول الذي عقد في سويسرا يومي 15 و15 يونيو/ حزيران الماضي، على أمل أن يكون المؤتمر المفترض عقده في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية مختلفاً من حيث النتائج عن المؤتمر الأول الذي أصدر بياناً عاماً غير قابل للتطبيق، وكان أشبه بمؤتمر علاقات عامة.

الجديد في هذا المؤتمر أن زيلينسكي أيد مشاركة روسيا فيه على عكس المؤتمر الأول، ربما لأنه أدرك خطأ عدم مشاركتها باعتبارها الطرف الأساسي في قرار الحرب والسلم.

لكن، هل يمكن مشاركة روسيا، في حال انعقاد المؤتمر، التي لم يصدر عنها حتى الآن أي إشارة بالقبول أو الرفض؟ خصوصاً أن لديها شروطها للمشاركة في أي مفاوضات، وهي شروط تتعارض في المطلق مع الشروط الأوكرانية، سواء بالنسبة لجهة الأراضي التي احتلتها في شبه جزيرة القرم أم بالنسبة للأراضي الخاضعة لسيطرتها الآن في شرق أوكرانيا والتي تقدر ب20 في المئة من الأراضي الأوكرانية، أم بالنسبة لمحاولتها الانضمام إلى حلف الأطلسي، أم بالنسبة لتشكيلها خطراً على الأمن الروسي.

ثم إن موقف زيلينسكي الجديد جاء بعد قمة حلف الأطلسي التي عقدت في واشنطن مؤخراً وتعهدت فيها دول الحلف بتقديم المزيد من الدعم العسكري والمالي إلى أوكرانيا بما في ذلك طائرات «إف 16» وأنظمة صواريخ مضادة للطائرات و40 مليار يورو، وبعد مطالبته دول الحلف برفع «كل القيود» على قصف العمق الروسي بقوله «إذا أردنا أن ننتصر، وإذا أردنا إنقاذ بلادنا والدفاع عنها، فعلينا رفع كل القيود»، في إشارة إلى بعض الدول التي تفرض قيوداً على استخدام هذه الأسلحة داخل الأراضي الروسية، وتقيّد دول أخرى استخدامها في ضربات على أهداف روسية ضمن عمق محدود.

لذلك فإن الدعوة إلى مؤتمر سلام جديد بمشاركة روسيا وفي ظل هذه المواقف، ليس أكثر من محاولة للإيحاء بالرغبة في السلام دون توفير الحد الأدنى من المقدمات المفترضة التي تؤدي إلى الجلوس على طاولة المفاوضات وطرح المواقف المتعارضة، ثم الوصول إلى صيغة تسوية مقبولة من الطرفين.

لعل ما توصل إليه المتفاوضون الروس والأوكرانيون في تركيا عام 2022 من نقاط اتفاق قبل أن يتم نسف المفاوضات من جانب الولايات المتحدة وبريطانيا يصلح قاعدةً لعملية سلام ممكنة، لكن من الواضح أن قبول مشاركة روسيا في مؤتمر جديد هدفه إحراجها وإظهارها بأنها لا ترغب في السلام.

ثم، هل يريد الرئيس الأوكراني السلام فعلاً؟ وهل هو قادر على إنجازه ؟ وهل يملك قرار وقف الحرب والتفاوض بمعزل عن الولايات المتحدة ؟ خصوصاً بعدما أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن في قمة حلف الأطلسي الأخيرة أن أوكرانيا «صامدة وستستمر في الصمود»، وأن روسيا ستفشل في حربها على أوكرانيا، مؤكداً أن «الناتو اليوم أكثر قوة من أي وقت مضى في تاريخه».

ثم إن قرار الحلف بالعمل على اندماج أوكرانيا الكامل في الحلف وفي الاتحاد الأوروبي هو مؤشر آخر على التصعيد مع روسيا وعدم الاستعداد للسلام.

لذلك تبقى الدعوة إلى مشاركة روسيا في مؤتمر سلام جديد حول أوكرانيا مجرد دعوة بلا معنى.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2sj89y6u

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"