لماذا لم توقّع الإمارات؟

00:43 صباحا
قراءة 3 دقائق
2

لأن المؤتمر الذي استضافته سويسرا يومي 15 و16 يونيو/ حزيران الجاري، بحضور أكثر من 90 وفداً من مختلف دول العالم، حمل شعار «السلام في أوكرانيا».

ولأن بنود البيان الذي صدر عنه من الصعب تحقيقها، وصولاً إلى هدف تحقيق السلام، مع تغييب روسيا عن المؤتمر، وهي طرف أساسي في الحرب.

ولأن العديد من الدول التي شاركت في المؤتمر تتخذ موقفاً إيجابياً محايداً من الحرب، وتقوم بدور الوساطة بين كل من روسيا وأوكرانيا، وتلعب دوراً إيجابياً في إيجاد حل للأزمة، ومن بينها دولة الإمارات، فقد اختارت عدم التوقيع على البيان الختامي للمؤتمر، إضافة إلى كل من السعودية، والبحرين، والبرازيل، وجنوب إفريقيا، والهند، وإندونيسيا، والمكسيك، وأرمينيا، وليبيا، وكولومبيا، والفاتيكان، والأردن، والعراق.

أرادت هذه الدول أن تتخذ موقفاً يعبّر عن موقفها المحايد في ظل حالة الاستقطاب العالمية بشأن الحرب الأوكرانية، وأن يكون هناك صوت خارج هذا الاصطفاف يستطيع أن يقوم بدور إيجابي لمصلحة الأمن والسلام العالميين.

أكدت دولة الإمارات في كلمتها أمام المؤتمر أهمية دعم الجهود التي تهدف إلى إيجاد حل سلمي للحرب، والدعوة إلى الحوار عبر المفاوضات، وخفض التصعيد، وهو موقف مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمبادئ التي تؤمن بها، حفاظاً على السلم العالمي، من منطلق التزامها الوثيق بمبادئ الأمم المتحدة، والشرعية الدولية، والقانون الدولي الإنساني، الذي يحكم العلاقات بين الدول.

ومن هذا المنطلق، فهي تقوم بدور الوسيط في العديد من الملفات المعقدة المتعلقة بالحرب الأوكرانية، وقد حققت نجاحات في مراحل متعددة، بحمل الطرفين المتحاربين على تبادل العشرات من الأسرى، وتقديم المساعدات الإنسانية، وهي ترى أن هناك أهمية بالغة للاحتفاظ بهذا الدور، وعدم التفريط فيه، لأنها تستطيع أن تقوم بما يمكن أن يحقق المزيد من الخطوات والمبادرات التي تعبّد الطريق نحو حل سياسي للحرب المدمرة، وتفتح الباب أمام السلام الذي يحافظ على حقوق البلدين، من منطلق احترام سيادة الدول، ووحدة أراضيها، والالتزام بالقانون الدولي والإنساني، ويبعد عن القارة الأوروبية أي مخاطر، في حال الانزلاق إلى توسيع رقعة الحرب.

إن البحث عن السلام في أوكرانيا يكون من خلال توحيد الجهود الدولية، وبمشاركة كل الأطراف المنخرطة في الحرب، ومن دون استبعاد أي طرف، ومن خلال مؤتمر دولي يرسم خريطة طريق تأخذ في الاعتبار مواقف الطرفين، ومخاوفهما الأمنية، والتخلي عن منطق القوة، أو فرضها، لتحقيق أهداف خارج القانون الدولي.

إن المؤتمرات، أو اللقاءات التي تقصي طرفاً من أطراف الحرب، وتأخذ بوجهة نظر واحدة، لن تؤدي إلى حل، بل تشكل عقبة في طريقه، وبالتالي سيكون الأخذ بها مغامرة تزيد الأمور تعقيداً.

وزير الخارجية السويسري إجنازيو كاسيس، اعترف بعد اختتام المؤتمر بأن معظم القرارات التي تم اتخاذها «لا يمكن تنفيذها من دون مشاركة روسيا»، باعتبارها الطرف الأساسي في الحرب، وهي المعنية بالموافقة على القرارات وتنفيذها.

لذلك، فإن موقف الإمارات يمثل الجانب الإيجابي في المؤتمر، لأنه يستند إلى حقائق ميدانية، وسياسية، وأخلاقية، خارج أي اصطفافات يمكن أن يعيق دورها في أن تكون وسيطاً محايداً يلتزم القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، بما يحقق مصلحة جميع الأطراف، ومن منطلق علاقاتها الطيّبة بكل من روسيا، وأوكرانيا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mr46wkb9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"