«الجنائية» تلاحق مهندسي حرب أوكرانيا.. فمن هما ولماذا؟

«الخليج» - وكالات

منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، أصبح كل من وزير الدفاع الروسي السابق سيرغي شويغو ورئيس أركان الجيوش الروسية فاليري غيراسيموف وجهان للحرب، وعلى مدار العامين المنصرمين كيل للرجلين زخات من الاتهامات والادعاءات من كييف والغرب، ما دفع المحكمة الجنائية الدولية، الثلاثاء، لإصدار مذكرتي اعتقال بحقهما بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

وينظر للمسؤولين الروسيين أنهما مهندسا الحملة الناجحة لضم شبه جزيرة القرم في عام 2014، والاستراتيجية العسكرية الروسية الحديثة، ودعم الموالين لروسيا في منطقة دونباس، وذلك على الرغم من إقالة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيرغي شويغو من منصبه، وتعيين أندريه بيلوسوف بدلاً عنه، فمن هما الرجلان اللذان تلاحقهما «الجنائية الدولية»؟

• سيرغي شويغو «الحرباء المثالية»

بدأ شويغو العضو السابق في الحزب الشيوعي مسيرته السياسية مع نهاية الحقبة السوفييتية، ليصبح في عام 2012 وزيراً للدفاع بدون خبرة عسكرية، وهو أمر ليس نادراً في الهيكلة الوزارية لروسيا، لكن ما يختلف عنه شويغو هو يفتقر أيضاً إلى خبرة الأجهزة الاستخباراتية، على عكس العديد من المسؤولين الروس.

وعلى الرغم من الخلفية العسكرية المتواضعة للرجل فإن، سيرغي كونفيس السياسي من منطقة توفا في سيبيريا، من حيث ينحدر شويغو، وصفه بأنه «الحرباء المثالية»، القادرة على التحول لتحقيق رغبة القياصرة الروس.

وعين شويغو بمنصب وزير حالات الطوارئ في عهد بوريس يلستين، وفي مطلع القرن الواحد والعشرين، تحول هذا الجهاز إلى دولة فعلية داخل الدولة؛ إذ أصبح يضم أكثر من 350.000 رجل وشرطة متخصصة جاهزة للانتشار لدى اندلاع وقوع أبسط حادث على الأراضي الروسية، كما أظهر الوزير نشاطاً بالغاً؛ إذ لم يتوان عن التنقل إلى مسارح الأحداث، ما أكسبه شعبية واسعة، ولقب بولي عهد بوريس يلستين.

ومع تولي بوتين السلطة في عام 2022 وضع شويغو نفسه على الفور في خدمة الرجل القوي الجديد في الكرملين، وترأس على وجه الخصوص حزب روسيا الموحدة، نيابة عن فلاديمير بوتين، من أجل ترسيخ مبادئ الرئيس على اللعبة السياسية الروسية.

وظل شويغو مقرباً من بوتين على المستوى الشخصي، حيث كان يقضي معه عطلات في الغابات والجبال في سيبيريا ويلتقطان صوراً خلال التنزه والصيد معاً، لكن موقفه ضعف بشدة بعد اعتقال أحد نوابه في إبريل/نيسان في فضيحة فساد كبرى، واتسع نطاق القضية لتشمل المزيد من الاعتقالات في وزارة الدفاع وهيئة الأركان العامة.

ويري محللون أن الصراع الداخلي الذي نشب بينه وبين يفغيني بريغوجين رئيس مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الذي اتهمه بتخريب المجهود الحربي وحرمان مقاتلي فاغنر من الحصول على الذخيرة قبل أن يشن تمرداً في يونيو/حزيران 2023 أثر في صورة وزير الدفاع ومكانته في الكرملين على الرغم من عدم إذعان بوتين لمطالب بريغوجين بإقالته

• غيراسيموف «جندي من الرأس إلى أخمص القدمين»

وبالنسبة لفاليري غيراسيموف الذي وصفه شويغو بأنه «جندي من الرأس إلى أخمص القدمين» فهو جندي محترف ولد عام 1955 في كازان – ثاني أكبر مدينة روسية من حيث الديموغرافيا بعد موسكو خدم في العديد من الفرق المدرعة للجيش الأحمر في جميع أنحاء أراضي الاتحاد السوفييتي سابقاً.

وكان غيراسيموف أحد قادة جيش القوقاز الشمالي خلال حرب الشيشان الثانية (1999 – 2009). وخلال هذه الأحداث، نال ثناء الصحفية الشهيرة آنا بوليتكوفسكايا الناقدة الشرسة للنظام الروسي، حيث قالت عنه إنه مثال «الرجل الذي استطاع الحفاظ على شرفه كضابط» خلال الحرب؛ إذ قام باعتقال وإدانة جندي روسي متهم بمعاملة شابة شيشانية بوحشية وقتلها خلال النزاع.

ويشغل غيراسيموف رئاسة أركان جميع الجيوش الروسية منذ عام 2012، وتولى قيادة العمليات في أوكرانيا عام 2014 في عملية ضم شبه جزيرة القرم، واليوم مرة أخرى في أوكرانيا.

ولا يزال غيراسيموف في منصبه، لكن من المحتمل أن يكون في موقف ضعيف، لأن نائبه في هيئة الأركان العامة هو أحد المحتجزين قيد التحقيق، لكن على أرض المعركة، تحسن موقف روسيا في الأشهر القليلة الماضية مع تسجيل سلسلة من المكاسب التدريجية، ورئيس الأركان العامة هو أعلى منصب في القوات المسلحة بعد القائد الأعلى للقوات رئيس البلاد وبعد وزير الدفاع.

• رد الفعل الروسي

و صدرت مذكرتا الاعتقال بحق كل سيرغي شويغو و فاليري غيراسيموف، بشبهة ارتكاب جرائم حرب من خلال شن هجمات على أهداف مدنية وإلحاق ضرر جانبي كبير بمدنيين فضلا عن جرائم ضد الإنسانية من خلال "ممارسات غير إنسانية" في أوكرانيا، على ما جاء في بيان للمحكمة

واعتبرت موسكو منا جانبها أن هذا القارير "باطلا"، فيما شدد مجلس الأمن الروسي على أن قرار الجنائية ضد شويغو وغيراسيموف جزء من الحرب ضد روسيا.