عادي
صيفنا قراءة

صالح كرامة: الفلسفة محيط بلا ضفاف

16:40 مساء
قراءة 3 دقائق
صالح كرامة العامري

الشارقة: جاكاتي الشيخ
يقول الكاتب المسرحي والمخرج صالح كرامة العامري: «إن القراءة عادة طبيعية مرافقة للمثقف في مختلف أوقاته، إذ لا يمكن للإنسان أن يكون مثقفاً دون أن يجول في عالمها الثري، والمفتوح على آفاق رحبة لا حدود لها، فهي وقود الكاتب والمبدع، وضالة كل المتعطشين إلى الارتواء من معين المعارف»

ويؤكد كرامة أن القراءة عملية تناسب كل الفصول، رغم اختلاف درجات القيام بها من فصل لآخر، ويجب اتخاذ كل السبل من أجل استمراريتها، حيث يستوجب تحقيقها اتباع نمط محدد للحياة، لأنها تتطلب الكثير من الجهد بوصفها عادة متعبة، ولكنها مفيدة وممتعة في الآن نفسه، ويضيف: «أصرف جل وقتي في هذه الهواية الملازمة للمشروع الإبداعي الذي يحتويني وأحتويه، ولكن حلول فصل الصيف يوقظ الالتزامات القرائية ويزيد من وتيرتها، ولذلك أدخل الصيف مستغلاًَ متسّع الوقت فيه، فأصرف جل ذلك الوقت في مطالعة الكتب».

ويرى كرامة أن نكهة الصيف التي توجد في هدوئه هي الدافع الوحيد للقراءة والكتابة والعمل على المشاريع الإبداعية، بتأنٍّ وتركيز، فهو الظرف الملائم للاسترخاء والتأمل، ولذلك فإنه نادراً ما يسافر فيه، مفضلاً قضاء وقته في الاستمتاع بالبحر ومناجاته.

وعن الكتب التي يقرؤها ويوصي بقراءتها، يقول كرامة «أتنقل بين الكتب كما يتنقل الطائر بين أفنان الأشجار، فالكتب التي أميل إلى قراءتها هي تلك التي تتناول حركية الإنسان وتطوره الفكري أينما كان، وتستهويني بشكل أخص كتب الفلسفة وعلم الاجتماع والرواية، وأحياناً أتلهف لتغيير نمطية القراءة لأنتقل من صعوبة المعرفة واندفاعاتها إلى أريحية الشعر التي تغوص بذاتي في كنه وجودي».

*فخ

ويقول كرامة إنه وجد نفسه في هذا الصيف واقعاً في فخ كتابين، أحدهما فلسفي والآخر مسرحي، حيث انغمس في تصفحهما، حتى إنه لم يستطع ترك أياً منهما قبل استكماله، فلأن الفلسفة محيط بلا ضفاف، ومجال خصب لإنارة الفكر بكل حساباته ليصبح جزءاً من اليقظة التي تقود لتنقلات مهمة لذهنية المبدع، فقد انكبَّ - منذ بعض الوقت - على قراءة كتاب «الفرق والمعاودة» للفيلسوف جيل دولوز، الذي استحوذ على اهتمامه، وهو عمل فلسفي عظيم، يعدّ من أهم أعمال دولوز الذي يُعتبر من أبرز الفلاسفة الذين قدّموا مفاهيمَ جديدة ومبتكرة في الفلسفة، وكان يصف الفلسفة بأنها «صناعة المفاهيم»، مما يجعل قراءة كتبه مثيرة للاهتمام، مثل الذي بين أيدينا، حيث يؤكد منذ استهلاله ضرورة أن تبحث الفلسفة عن أساليب جديدة في الكتابة، مستفيدة في ذلك من التجديدات الكبرى التي أحرزتها الفنون الحديثة من رواية ومسرح وموسيقى وسينما، ويجزم - أسوة بنيتشه - بوجود قرابة أساسية بين الفلسفة والفنون مؤدّاها الأساسي هو أنّ فيلسوف المستقبل هو تحديداً الفيلسوف الفنّان، فقد كان مدركاً لما يمكن للسينما أن تقدّمه لأنه يرى في فعل التفلسف إبداعاً ويماهي الفكر بالإبداع، ويقول في ذلك: «إنّ البحث عن وسائل جديدة للتعبير الفلسفي كان قد دشّن من قبل نيتشه، وينبغي اليوم أن تتمّ متابعته في صلة بالتجديد الذي شهدته بعض الفنون الأخرى مثل المسرح والسينما».

*مسرح

ويضيف كرامة أن الكتاب الثاني الذي لا يفارقه، هو كتاب «مسرحيات آرثر ميلر»، إذ لا يفرغ من قراءته إلا ويعود إليه مرة أخرى، فهو كتاب ينبش في البعد الدرامي لشخوصه، ولا يتركها تسرح وتمرح مطلقاً، فالكاتب المسرحي آرثر ميلر يبدع في جل نصوصه، ويجتهد في بناء شخوصه، التي توصل رسائلها الفنية من خلال نقاش طبيعي، يكاد يصل إلى الثرثرة المعتادة من خلال البوح الذاتي، ويشتمل الكتاب على مجموعة من المسرحيات هي: «موت بائع متجول»، و«الرجل الذي عنده كل الحظ»، و«جميع أولادي»، و«الاختبار القاسي»، وهي نصوص يحقق بها الكاتب مسرحاً سلساً ومذهلاً عبر الواقعية في بناء الحوار.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2bnrnb9u

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"