عادي
صيفنا قراءة

إبراهيم مبارك: أطالع رواية «باهَبَل» لرجاء عالم

16:41 مساء
قراءة 3 دقائق
إبراهيم مبارك
الشارقة: جاكاتي الشيخ
يشكل الصيف فرصة جيدة للاطّلاع على الجديد، وتغيير نمط الحياة الرتيبة التي تمتد طوال بقية فصول السنة، وخاصة بالنسبة للذين يسعون دائماً إلى الاستزادة من المعارف، وكذلك الكُتّاب والمبدعين الذين يستغلون فترة الصيف من أجل إنجاز أعمال إبداعية جديدة، ولذلك فإن البعض يفكر أحياناً في أهم الكتب التي يمكنه قراءتها في هذه الفترة، أو العادات التي يمكنه الالتزام بها من أجل مواصلة عطائه الإبداعي.
يقول الكاتب إبراهيم مبارك: «العطلة الصيفية فرصة مهمة ومشجعة على الاطّلاع، فعلى الجميع استغلالها من أجل ترتيب حياتهم وتطويرها، ورفدها بكل ما يمكن أن يشكل إضافة إيجابية، خاصة من المعارف، والتي تعتبر الكتب أهم مصدر لها»، ويلفت إلى أنه يقرأ يومياً في العطلة الصيفية، حيث يخصص كل أسبوع لرواية محددة، كما ينوع قراءاته بالمستوى الذي يستطيع به الاطّلاع على أكبر عدد ممكن من الكتب التي تعكس ثقافات متعددة، وهو الأسلوب الذي يرى فيه إثراءً حقيقياً لثقافة أي قارئ.
* كتاب
وعن الكتاب الذي يوصي بقراءته في هذه العطلة الصيفية، يقترح مبارك رواية «باهبل» للكاتبة السعودية رجاء عالم، والتي تتناول مجتمع مكة المكرمة، وتدور أحداثها في الفترة الممتدة بين سنة 1945م وسنة 2005، وهي الفترة التي شهدت تحوّلات كبيرة في حياة أهل هذه المدينة، حيث تصف الرواية طبيعة العيش فيها، من خلال استعراض العلاقات الأسرية لبعض العائلات العريقة، بتسلسل تاريخي متقن، وبأسلوب جديد في التناول، يكشف عن مختلف التأثيرات الاجتماعية والدينية والثقافية التي كان لها دور كبير في تشكّل هذا المجتمع.
وتحكي هذه الرواية قصة عائلة متخيَّلة اسمها عائلة السردار، حيث تقدم تفاصيل حياتها كنموذج للأسر المكّية المعاصرة لها، وتتناول طبائع وخصوصيات كل أفرادها؛ من رجال ونساء وأطفال، وتفرعها إلى أسر صغيرة، لتشكل مجتمعة في كنف العائلة مجتمعاً مصغراً، يعكس صورة مجتمع المدينة الأكبر، وهي عائلة ثرية ذات نفوذ وهيبة ورثتها من أجيالها السابقة، حيث كان أحد أسلافها حاكماً لمكّة، فيما يعتبر مصطفى السردار عميد الأسرة الذي تغوص الرواية في زمنه، وهو الأب الذي يشكل المرجع الأول والأخير في كل شؤون العائلة، وله الكلمة الفصل في كل القرارات التي يجب اتخاذها؛ من زواج وطلاق وغير ذلك، حتى إنه قد يصل به الأمر إلى أن يكون مصدر القرارات الشخصية لكل فرد من أفراد العائلة، بما فيها الزوجات والأبناء والبنات والأحفاد والخدم، وكل من تربطه صلة بالعائلة، حيث يسعى الجميع إلى نيل رضاه، فيتنافسون في خدمته وإبداء الطاعة العمياء له، والتقرب منه طمعاً في ما يمكن الحصول عليه من مكاسب من ماله وسطوته، وخوفاً من أن تنقلب عليهم تلك السطوة فتخرجهم من كنفه.
وقد حاولت الكاتبة - من خلال هذه الرواية - تقديم هذا المجتمع بوصفه لا يختلف عن سواه من المجتمعات في ممارسة حياته اليومية، إذ تبرز من خلال الأحداث الاختلافات الفردية، والممارسات الإنسانية، بصفتها أحد أهم العوامل المميزة للطبيعة البشرية، وهو ما جعل الكثير من الكتاب يشيدون بها، لما تمثله من نموذجية إبداعية للأعمال السردية المعاصرة.
* طقوس
وبخصوص طقوسه الخاصة في الكتابة في الصيف، يقول مبارك إنها لا تختلف كثيراً عن بقية فصول السنة، حيث لا يكتب إلا في النهار، مفضلاً الانزواء في أحد المقاهي الهادئة، ليجد مساحة كبيرة من الوقت والوحدة يستطيع فيها التأمل والاشتغال برويّة على أعماله الإبداعية، وغيرها من مشاريعه الكتابية، فالمبدع بالنسبة له يحتاج إلى خلق جو خاص من الهدوء، بحيث لا تكون هنالك إمكانية لحدوث ما يقطع تسلسل الأفكار التي لا تهطل إلا في لحظات الصفاء الذهني الخالص.
كما اعتبر مبارك أن الجيل الجديد من الكتّاب تتاح له الكثير من الفرص، من أجل الاطّلاع على أكبر قدر ممكن من التجارب الإبداعية، خاصة من خلال شبكة الإنترنت، ولكنه يوصي هذا الجيل بضرورة التريث، وعدم الانجراف مع موجات سرعة الكتابة وسرعة النشر، ليأخذ ببعض تجارب الأجيال السابقة من الكتّاب، الذين كانوا يبذلون جهوداً شخصية كبيرة في القراءة المتأنية، والفهم العميق والاستفادة من مراجعة تجاربهم لتطويرها.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s4yc9ba

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"