تسعون دقيقة فاصلة

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

غداة المناظرة بين الرئيس الأمريكي جو بايدن، والرئيس السابق دونالد ترامب، وفي سياق الدفاع عن نفسه بعد أدائه السيئ في المناظرة، قال بايدن أمام تجمع لأنصاره: «لم أعد أسير بسهولة كما كنتُ أفعل سابقاً، لم أعد أتكلم بطلاقة كما كنتُ أفعل سابقاً، لم أعد أناظر بالجودة السابقة نفسها، لكنني أعلم كيفية قول الحقيقة». ولم يكتفِ بايدن بذلك، بل أضاف، في إطار «تسويق» نفسه كمرشح كفؤ قادرٍ على منازلة ترامب: «أعلم الصواب من الخطأ. أعلم كيفية القيام بهذه المهمة. أعلم كيفية إنجاز الأمور. أعلم، كما يعلم ملايين الأمريكيين، أنك حين تسقط فإنك تنهض مجدداً».

وكمن يحاول إظهار ضعف خصمه، قال بايدن «هل شاهدتم ترامب؟ أعتقد أنه حقق رقماً قياسياً جديداً لأكبر عدد من الأكاذيب في مناظرة واحدة». وللإنصاف لا أحد يضاهي ترامب في سوق المغالطات إن أراد، فهو الآخر تعرض أيضاً لانتقادات بسبب إدلائه بعدد من التأكيدات الكاذبة بنوعٍ من اليقين، والثقة.

لكن انطباع الجمهور، بما فيه قطاعات واسعة من القاعدة الانتخابية للحزب الديمقراطي، كان نقيض ما حاول بايدن الترويج له. في المناظرة بدا ترامب متمكناً في المحاججة بما لا يقارن بما كان عليه بايدن، للدرجة التي أثارت قلقاً كبيراً لدى مناصريه، وتعالت الدعوات من داخل الحزب الديمقراطي نفسه مطالبة إيّاه بعدم الترشح ثانية، حتى أنّ استطلاع رأي أجرته (سي بي إس نيوز) أشار إلى أن 72 في المئة من الناخبين الديمقراطيين المسجلين يعتقدون أن الرئيس لا يتمتع بالصحة العقلية والإدراكية اللازمة لشغل منصب الرئيس، واعترف أكثر من نصف الناخبين بأن بايدن يجب أن يتنحّى، ويترك الانتخابات. فيما ازداد تمسك الجمهوريين بترامب مرشحاً قويّاً له، قادراً على إلحاق الهزيمة به.

اللافت أن قادة نافدين في الحزب الديمقراطي، وبعد فشل رئيسهم البيّن في المناظرة، لم يجرؤوا على مصارحة بايدن نفسه بعدم ترشيح نفسه، بل توسلوا عائلته بأن تتولى إقناعه بذلك، كأن الأمر أصبح عائلياً، أكثر مما هو حزبي. العائلة التي أنفقت نحو أسبوع في منتجع كمب ديفيد لتهيئة بايدن للمناظرة الكارثية بعونٍ من بعض المستشارين، عادت مجدداً، بعد انتهائها، إلى الإعلان، وفي المنتجع نفسه، عن دعمها له، وتجاهل دعوات تنحّيه، مشجعة إيّاه «على الاستمرار في القتال»، لأن ذلك «أفضل أمل أمام الديمقراطيين لهزيمة ترامب»، الذي وصفه بايدن بأنه «أكبر تهديد لهذه الأمة. إنه تهديد لكل شيء تدافع عنه أمريكا».

زوجة بايدن قالت «لن نسمح لتلك الدقائق التسعين بإنهاء السنوات الأربع التي قضاها رئيساً». ربما فات السيدة الأولى أن الدقائق التسعين قد فعلت فعلها الذي يصعب تداركه.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mubd44ck

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"