عادي

قصر الزعفران.. نفائس التاريخ في مصر

23:06 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: «الخليج»
تتواصل في مصر، عمليات ترميم وتطوير شاملة لقصر الزعفران، الذي يمثل المقر الرئيسي لجامعة عين شمس، بهدف الحفاظ على قيمته التاريخية والتراثية، بصفته واحداً من أجمل القصور التاريخية في مصر.

ويعد قصر الزعفران أحد أجمل القصور المصرية التي بنيت مطلع القرن التاسع عشر؛ إذ يتجاوز في قيمته التاريخية كونه تحفة معمارية فخمة قلما يوجد لها مثيل بين القصور الخديوية، حيث شاهد على مر الزمان العديد من الأحداث التاريخية المهمة التي مرت على مصر خلال نحو قرن كامل.

يرجع تاريخ بنائه على الفترة التي حكم فيها الخديوي إسماعيل مصر، والذي كلف المعماري الإيطالي الشهير أنطونيو لاشياك، ببناء هذا القصر المنيف، ليكون مستقراً لزوجتيه الأميرتين جنانيار هانم، وجشم آفت هانم، ويتميز القصر إلى جانب معماره الفريد، بالعديد من الوحدات الزخرفية، التي تمثل المونوجرام الخاص بالخديوي إسماعيل، بالحرف الأول من اسمه، داخل إكليل نباتي مكون من غصنين متقابلين في شكل دائري، يعلوهما التاج الملكي ذو الهلال، كأحد الشارات الملكية التي عرفت للحكام والأمراء من عصر أسرة محمد علي.

ويتكون قصر الزعفران الذي تم بناؤه بالحجر الجيري، من طابقين وبدروم وسطح توجد فيه مجموعة من الغرف التي كانت مخصصة للخدم، ويمتد على مساحة 1500 متر مربع، يمكن الوصول إليها عن طريق خمسة مداخل، اثنان رئيسيان في الجانبين الشمالي والجنوبي للقصر، وآخران فرعيان إضافة إلى مدخل يفضي إلى البدروم، وقد بني القصر متأثراً بطراز فن الباروك، وهو ما يبدو واضحاً فيما يضمه من عناصر زخرفية متنوعة الأشكال، ما بين باقات الورود، وفروع الأزهار المتناثرة في واجهات القصر الأربع، إلى جانب الكتل البارزة للواجهات المزدحمة بالوحدات الزخرفية.

ويتميز القصر بنقوشه الداخلية المتأثرة بزخارف فن الباروك، وطراز الروكوكو، الذي يتميز بالنقوش النباتية، مثل استخدام الأكاليل المشكلة من الزهور، وألوان الباستيل الدافئة، إلي جانب الزخارف الداخلية التي تعكس فنون الطراز القوطي، الذي يبدو واضحاً في استخدامات الزجاج المعشق بالرصاص، إلى جانب البريجات الصغيرة التي تعلو الواجهات.

ويعد السلم البيضوي الكبير، أحد أبرز عناصر قصر الزعفران المعمارية، وهو يتصدر البهو الكبير، الذي فرشت أرضياته بخشب الباركيه، بنظام السبعات والثمانينات، إضافة إلى استخدام الأعمدة أمام الفصوص، وهو ما يبدو في بهوي الطابقين الأول والثاني، وكذلك الثراء الزخرفي في الداخل، لاسيما الزخارف المنفذة بنظام الفورمات، التي اشتهرت بها مباني الباروك والركوكو وتغطية الزخارف الجصية بالألوان الذهبية والفضية.

ولا يعرف أحد على وجه الدقة، سر تسمية القصر بالزعفران، وإن اعتمدت كثير من التأويلات، على تلك القصة التي تقول إن خوشيار هانم، والدة الخديوي إسماعيل، التي اشتهرت باسم «الوالدة باشا»، أصيبت بمرض غامض، فنصحها بعض الأطباء بالإقامة في مسكن هادئ، تحيط به نباتات الزعفران، فما كان من الخديوي إسماعيل إلا أن أمر ببناء هذا القصر، وأطلق عليه هذا الاسم، وهي رواية من بين روايات أخرى، تقول إن التسمية ترجع إلى أن المنطقة التي بني فيها القصر، كانت تحفل بنبات الزعفران، وقد سكنت هذا القصر بعد وفاة والدة الخديوي، زوجتيه قبل أن يقوم السلطان أحمد فؤاد بشراء القصر، وتؤول ملكيته في ثلاثينات القرن الماضي، إلى وزارة الخارجية التي حولته إلى قصر ضيافة لكبار الشخصيات، وقد شهد القصر في منتصف الثلاثينات المفاوضات المصرية البريطانية المعروفة بمعاهدة عام 1936، ومراسم التوقيع على ميثاق الجامعة العربية في منتصف الأربعينات، ومن بعدها مفاوضات الجلاء المصرية البريطانية، قبل أن يصدر الملك فاروق قراراً في مطلع الخمسينات، بإنشاء جامعة إبراهيم باشا الكبير، التي ضمت وقتها 8 كليات، وقد قامت ثورة يوليو بعد ذلك بتغيير اسم الجامعة إلى «هليوبوليس»، ثم إلى «عين شمس»، حيث بدأت إدارة الجامعة منذ منتصف الستينات في التوسع حول القصر، ببناء الحرم الجامعي وإنشاء العديد من المباني الخاصة بالكليات الجديدة، حتى أصبح عددها في جامعة عين شمس 17 كلية إلى جانب معهد عالي واحد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ymj2572m

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"