د.باسمة يونس
من المتعارف عليه أنه لا يمكن فصل الثقافة والتعليم عن بعضهما بعضاً، فثقافة المجتمع توجه أنماطه التعليمية.
وكما تشير الثقافة إلى المعرفة والمعتقدات والفنون والعادات التي يتقاسمها أفراد المجتمع، يلعب التعليم دوراً مهمّاً في الحفاظ على هذه الثقافة ونقلها إلى الأجيال الجديدة، فضلاً عن تعديلها وتكييفها مع الاحتياجات والمؤثرات الجديدة مع مرور الوقت.
أما الفرق الحاسم فهو أن التعليم لا يضمن غرس القيم الثقافية التي تأتي من العائلة ومجموعة الأقران المباشرة، وقد تشمل أو لا تشمل النظام التعليمي؛ لذا من المهم تنظيم عملية التثقيف ومنهجها باعتبارها من أهم الأدوات التي تسهم في بناء المجتمعات وتطويرها وتنشر الوعي والمعرفة خارج نظام التعليم الرسمي لأكبر عدد ممكن من الأفراد من جميع الفئات.
ويوفر تنظيم عملية التثقيف فرصاً متساوية للتعلم للجميع، بغض النظر عن خلفيتهم الاجتماعية أو الاقتصادية ويساعد في رفع مستوى الوعي حول القضايا المهمة مثل الصحة العامة والتنمية المستدامة ويكافح انتشار الشائعات والمعلومات الخاطئة والمضللة التي لها آثار سلبية ومدمرة على المجتمعات، ويعزز المشاركة المجتمعية من خلال تشجيع الأفراد على المشاركة الفعالة في المجتمع واتخاذ قرارات مستنيرة.
ولكن هل يمكن تنظيم عملية التثقيف بفاعلية؟
إن عملية التنظيم تبدأ بوضع استراتيجيات واضحة ومحددة، تهدف إلى الوصول لجميع أفراد المجتمع وتحقيق أهداف معينة، ويمكن أن تشمل تحسين جودة التعليم وزيادة الوعي حول قضايا معينة، والتعاون بين مختلف القطاعات الحكومية وغير الحكومية والمؤسسات التعليمية والقطاع الخاص لإعداد محتوى يبرز أدوارها ويحمي قيم المجتمع ويعزز نشر ثقافته بين الجميع باستخدام التكنولوجيا الحديثة، ودعم تأسيس منصات التعليم الإلكتروني وإثراء محتوى وسائل التواصل الاجتماعي وتوفير مزيد من التطبيقات التعليمية المرنة والمبتكرة لنشر المعرفة وتيسير نقلها.
ومن الضروري تدريب المعلمين والمثقفين تدريباً مستمراً لضمان امتلاكهم المهارات والمعرفة اللازمة لنقل المعلومات بفاعلية مع ضرورة تضمين عملية التنظيم آليات لتقييم الأداء وقياس مدى تحقيق الأهداف المحددة، ويمكن أن تشمل هذه الآليات على سبيل المثال الاستبيانات، وتحليل البيانات، ومراجعة البرامج.
ومن بين التحديات التي قد تواجه تنظيم عملية التثقيف محدودية الموارد التي قد تعيق تحقيق الأهداف المرجوة.
إن تنظيم عملية التثقيف المستمر ضرورة ملحّة لتحقيق التنمية المستدامة، وبناء مجتمعات واعية ومستنيرة وعلى الرغم من التحديات المتوقعة فإن الفوائد الناتجة عنها تجعل من الجهود المبذولة في هذا المجال استثماراً قيّماً لمستقبل أفضل.
[email protected]
