هاريس في مواجهة ترامب

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

لا ينبغي لأحد التقليل من شأن ترشيح كامالا هاريس للرئاسة الأمريكية، بعد انسحاب الرئيس جو بايدن، والتي بات تكريسها رسمياً مضموناً في مؤتمر الحزب الديمقراطي الشهر المقبل، إذ إن الكثير من الخطط الانتخابية تغيرت على المستويين الاستراتيجي والتكتيكي للحزبين الجمهوري والديمقراطي معاً، على نحو قد يقلب الأوضاع رأساً على عقب.

أولى بوادر هذا التغيير ظهرت في القلق الذي بات يبديه الجمهوريون ومرشحهم الرئاسي دونالد ترامب، الذي على الرغم من تصريحاته بأنه سيهزم هاريس بسهولة أكثر من بايدن، خصوصاً بعد أدائه الكارثي في المناظرة التي جرت بينهما أواخر يونيو الماضي، إلا أن المرشح الجمهوري بدأ يعيد حساباته واستراتيجية حملته الانتخابية بشكل شبه جذري. ذلك أن الكثير من نقاط القوة التي كان يستند إليها في مواجهة بايدن، سقطت بل انقلبت ضده، فلم يعد التركيز على عامل السن واللياقة البدنية والصحة الذهنية والعقلية لبايدن جزءاً من حملته الانتخابية، وتحول هذا العامل إلى إحدى نقاط ضعفه في مواجهة مرشحة ديمقراطية تصغره بنحو عقدين.

وبالتالي فقد عادت الأمور إلى محاولة إقناع الناخبين بالخطوط العريضة لبرنامجي الحزبين، المختلفين أصلاً حول معظم القضايا الجوهرية، على صعيد الاقتصاد والهجرة والقضايا الداخلية المتعلقة بالإجهاض والحريات الداخلية، وصولاً إلى الاختلاف الشاسع بينهما في السياسات الخارجية، ورؤية كلا الحزبين لمستقبل الولايات المتحدة.

ما يثير قلق الجمهوريين هو السرعة الكبيرة التي تمكنت بها هاريس من الحصول على دعم الديمقراطيين وتوحيدهم خلفها، ناهيك عن التقدم السريع لهاريس في استطلاعات الرأي التي تفوقت في بعضها، وتقاربت في بعضها الآخر مع ترامب حتى في الولايات المتأرجحة، والتي كان يعتقد أنها حسمت لصالح الجمهوريين.

وفي خلفية المشهد العام، يبدو أن السباق بات يأخذ منحى مختلفاً، بين مدعية عامة تمثل «سيادة القانون» ومرشح مرتكب لجرائم جنائية وسياسية ومتهم بعشرات القضايا التي لا يزال يحاكم بسببها، ناهيك عن تصريحاته التي تظهر من الآن ميوله الاستبدادية. هذا لا يعني أن ترامب قد خسر السباق، أو أن هاريس ستحظى بفوز مؤكد، لكنه يعني أن الكثير من الفجوات الناجمة عن ضعف بايدن وانقسام الديمقراطيين قد تم ردمها ومعالجتها، وأن على ترامب أن يقلق من امرأة يرجح أن تحظى بدعم الكتلة النسائية الأكبر في أمريكا، وقادرة على مواجهته في أي مناظرة محتملة والرد على الأسئلة وتفنيد مزاعمه بما تتمتع به من ذكاء وموهبة وخبرة وثقافة واسعة.

ولهذا فقد تهرب ترامب من أول محاولة لترتيب مناظرة بينهما، وبدلاً من ذلك عاد الحديث عن إمكانية اندلاع حرب داخلية إذا خسر الجمهوريون الانتخابات. ولكن بالنظر إلى واقع الانقسام الأمريكي الداخلي، فإن ما هو المؤكد الآن، أن السباق سيشتعل خلال الأشهر القليلة المتبقية، ولن تحسمه إلا صناديق الاقتراع في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n8jhw35

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"