«سجن أبو غريب» الإسرائيلي

00:12 صباحا
قراءة 3 دقائق
افتتاحية الخليج

لم يكن أحد يعلم ماذا كان يجري في «سجن أبو غريب» في بغداد خلال الاحتلال الأمريكي للعراق لولا الصحفي الأمريكي الاستقصائي الشهير سيمور هيرش الذي فجّر فضيحة التعامل مع المعتقلين العراقيين في مطلع عام 2004، وصدم العالم بتقريره الذي نُشر مع صور لسجناء عراة تقودهم مجندة أمريكية كالكلاب، ثم ما كشفته التحقيقات بعد ذلك عن وسائل التعذيب البشعة التي تعرضوا لها من خلال الضرب المبرح، والجّر بالسلاسل الخانقة، وصب المياه الساخنة، والإلقاء على الأرض الرطبة وهم عراة، إضافة إلى الاعتداءات الجنسية.

هذا حصل في «سجن أبو غريب» بالعراق قبل عشرين عاماً، والآن يتكرر المشهد في سجون الاحتلال الإسرائيلي مع الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وكأن وسائل التعذيب واحدة، وذلك ليس مفاجئاً، فقد لعبت إسرائيل وأساليب التعذيب التي اتبعتها أجهزة مخابراتها دوراً رائداً على مدى عقود من الاحتلال في ممارسة شتى أنواع التعذيب وتحولت إلى مدرسة في ممارسة فنونه.

فضيحة «سجن أبو غريب» لا تزال تلطخ صورة الولايات المتحدة كمنتهكة لحقوق الإنسان وامتهان كرامته، وهي صورة تتكرر في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بعد الكشف عما يجري في سجن «سديه تيمان» في النقب بحق الأسرى الفلسطينيين الذين اعتقلوا بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

تفجرت الفضيحة بعد وصول أحد الأسرى إلى المستشفى وهو في حالة خطرة جراء تعرضه للتعذيب ويعاني كسوراً في جسده ما جعله عاجزاً عن المشي، إضافة إلى علامات تعذيب شملت الاغتصاب المتكرر بالعصي، ما دعا المحقق العسكري إلى فتح تحقيق في الجريمة، وقامت الشرطة العسكرية بالتوجه إلى المعتقل، لكن الجنود من الفرقة «قوة 100» الذين يشرفون على المعتقل تمردوا وقاوموا عناصر الشرطة التي تمكنت من اعتقال بعضهم في نهاية الأمر.

لكن الأمر لم ينته عند هذا الحد، إذ سارعت مجموعات من اليمين المتطرف بالتوجه إلى معتقل «سديه تيمان» واقتحموه وخلعوا أبوابه، وقد سارع وزير الأمن القومي إيتماربن غفير إلى إدانة سلوك الشرطة العسكرية، ودعا وزير الدفاع إلى تأييد الجنود الذين مارسوا التعذيب ضد الأسرى، والذين وصفهم ب«الأبطال» كما يفعل هو في مصلحة السجون.

وكانت صحيفة «هاآرتس» قد كشفت جزءاً من الممارسات المهينة في المعتقل الذي يتم فيه احتجاز نحو 700 شخص تدعي إسرائيل أنهم من عناصر حماس، وقد أدت عمليات التعذيب إلى مقتل ثمانية وأربعين أسيراً، منهم ستة وثلاثون قضوا في معتقل «سديه تيمان». كما أن صحيفة «واشنطن بوست» كشفت يوم الاثنين الماضي أن العنف يستخدم على نطاق واسع ضد الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، انطلاقاً من مقابلات مع سجناء فلسطينيين وممثلي منظمات غير حكومية عاملة في هذا المجال وفحص تقارير التشريح. وذكرت الصحيفة أن أسيراً فلسطينياً تعرض للضرب على يد حراس السجن الإسرائيلي الذي كان معتقلاً فيه، ما أدى إلى كسر ضلوعه ووفاته، كما توفي أحد الأسرى نتيجة عدم علاج مرضه المزمن رغم صراخه لطلب المساعدة لساعات.

كما كشف عدد من الأسرى الذين تم إطلاق سراحهم في الآونة الأخيرة عن تعرضهم لعمليات تعذيب مروعة، ومن بينهم عدد من النساء والأطفال، كذلك فإن قوات الاحتلال تمارس جريمة الإخفاء القسري بحق المعتقلين، إذ يتم نقلهم إلى أماكن مجهولة وتمنع زيارتهم من قبل أي شخص.

هذه الممارسات الشائنة تلخص حقيقة إسرائيل كدولة عنصرية لا تقيم وزناً لحقوق الإنسان ولكل المواثيق والقوانين الدولية، وتكشف الحقيقة المزورة ل«الجيش الأكثر أخلاقية».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/48e4xbc3

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"