منطقتنا تأمل الاستقرار لا التصعيد

00:05 صباحا
قراءة 3 دقائق
افتتاحية الخليج

لا شك في أن المرحلة الحرجة التي تمر بها منطقتنا واحدة من التداعيات الخطرة للحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، التي طالما جرى التنبيه والتحذير من تداعياتها الوخيمة على جميع الأطراف. وما كان للوضع أن يصل إلى هذا الوضع الخطر، لو تحمل المجتمع الدولي مسؤوليته، وفرض على إسرائيل وقف عدوانها، وألزمها باحترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

التصعيد وتجييش الجيوش ورفع نبرة الخطابات الحربية لن تحل المشكلة، بل ستفاقمها وتدفعها إلى هاوية سحيقة قد لا يمكن تخيل نتائجها في الوقت الراهن. ورغم أن المشهد شديد القتامة وضبابي، فبالإمكان تداركه بسرعة إذا كانت هناك إرادة فعلية تعمل على نزع فتيل التوتر وإنهاء أسبابه، ولن يتم ذلك إلا بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وفك الحصار عنها والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط، وعودة المهجرين والنازحين إلى ديارهم في ظروف آمنة، والشأن نفسه في الضفة الغربية المحتلة، حيث يجب على سلطة الاحتلال الإسرائيلي أن توقف المداهمات للمدن والقرى والمخيمات، وتضع حداً لسياسة الاستيطان التي نسفت أسس قيام الدولة الفلسطينية المنتظرة، وتنكّرت لحقوق شعب أعزل يقاوم منذ عقود لتحقيق مشروعه الوطني في كنف الشرعية الدولية وقراراتها الصادرة بهذا الشأن، وهو حق معترف به ضمن «حل الدولتين»، باعتباره الحل الأمثل لإنهاء هذا الصراع المزمن في المنطقة، بما يسمح لشعوبها العيش في سلام واستقرار مثل بقية أقاليم العالم.

تجاهل الحق الفلسطيني والتغاضي عن التمرد الإسرائيلي على الشرعية الدولية وتجاهل سيادة الدول وانتهاكها، من أهم أسباب التوتر المستمر في المنطقة منذ عقود، لأن المجتمع الدولي، ولا سيما القوى النافذة فيه، لا ترى إلا جانباً من الصورة، وهو المتعلق بأمن إسرائيل وحمايتها، وهذه العقلية، الموروثة منذ منتصف القرن الماضي لم تتغير، وتكرست بشكل فج في الأشهر العشرة الأخيرة من العدوان على غزة الذي تجاوز كل منطق، وداس على كثير من القيم والمبادئ التي يمثل كل منها خطاً أحمر لا ينبغي على أي قوة في الأرض أن تتجاوزه، أما إذا فعلت فعليها أن تتحمل التبعات.

الوضع في الشرق الأوسط لا يتحمل اشتعال صراع آخر قد يكون الأسوأ على الإطلاق بالنظر إلى الاحتقان الإقليمي غير المسبوق، والانقسام العالمي الكبير جراء أزمات وخلافات أعادت النظام الدولي مجدداً إلى منطق المحاور والتحالفات التي تتغذى على الصراعات الناشبة وأخطرها إلى الآن الحرب الدائرة في غزة، إضافة إلى ما يدور في أوكرانيا من أزمة متشعبة الأبعاد. وفي ما يخص الشرق الأوسط، فإن العقدة المزمنة تتمثل في القضية الفلسطينية التي تنتظر الحل منذ أكثر من سبعة عقود، وفي غياب ذلك فإن هذه المنطقة لن تعرف الاستقرار حتى يستوعب المجتمع الدولي أن عليه تبني سياسات جذرية تطبق مقررات الشرعية الدولية، والالتزام بمبادئ العدالة الدولية، وملاحقة كل من تجاوز في حق الإنسانية قاطبة، مثلما تفصح عن ذلك جرائم الحرب الإسرائيلية المرتكبة في غزة.

المنطقة تعلق مستقبلها على الاستقرار وليس على مزيد من الحروب، وتأمل شعوبها الحفاظ على مكتسباتها والتحرر من هذه الدوامة التي لم تعد تزعزع الأمن الإقليمي فحسب، بل تهدد بضرب الأمن العالمي في مقتل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4xrz5apf

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"