الإمارات.. مساهمات رائدة في تعزيز السلم والأمن

00:52 صباحا
قراءة 4 دقائق

د. محمد إبراهيم الظاهري*

تأتي الذكرى السنوية لليوم العالمي للعمل الإنساني، لتشكل تذكيراً عالمياً بأهمية التعاون الدولي في مواجهة الأزمات الإنسانية وضرورة تعزيز جهود العمل الدبلوماسي حول العالم، وهنا يبرز دور دولة الإمارات العربية المتحدة، كلاعب محوري على الساحة الإنسانية العالمية، من خلال دبلوماسيتها الفاعلة واستراتيجياتها المبتكرة في مجال العمل الإنساني عبر مد أيادي الدولة البيضاء لكل إنسان حول العالم يقع تحت وطأة الحرب، أوالجوع والفقر والشتاء دون تفرقة باعتبار أن الجميع أخوة في الإنسانية.
ركيزة العمل الإنساني لدولة الإمارات ليست وليدة اللحظة، بل هي امتداد لمبادئ العطاء المتجذرة في تاريخ وثقافة الدولة، التي أرساها الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. فقد شكلت رؤيته الإنسانية حجر الزاوية في جعل الإمارات دولة رائدة في العمل الخيري ومساعي السلام الدولي.
وما زالت القيادة الرشيدة لدولة الإمارات تسير على هذا النهج، مستندة في ذلك إلى رؤية حكيمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، «حفظه الله»، في بناء عالمٍ أكثر أمناً وسلاماً واستدامة، وهو ما عزز من مكانة الدولة كقوة دبلوماسية، وإنسانية في المنطقة والعالم.
وينعكس هذا النهج بوضوح في رؤية أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية وبرامجها، خصوصاً في برنامج ماجستير الآداب في الأعمال الإنسانية والتنموية، الذي يسهم في تعزيز قدرات الأجيال القادمة من الدبلوماسيين، وتزويدهم بالمهارات اللازمة لقيادة دبلوماسية العمل الإنساني لدولة الإمارات بحياد واستقلالية.
تعتمد دولة الإمارات في عملها الإنساني على استراتيجيات شاملة تهدف إلى تحقيق تأثير دائم في حياة الأفراد والمجتمعات، وذلك عبر العديد من المؤسسات الوطنية ذات الدور الفاعل، مثل «الهلال الأحمر الإماراتي» و«مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية»، وغيرها الكثير. حيث تسهم هذه المؤسسات في تقديم الدعم في مجالات حيوية كالصحّة والتعليم والإغاثة الطارئة، ما يعكس التزام الدولة تطبيق استراتيجيات إنسانية مبتكرة ومستدامة تعزز من مكانتها الإقليمية والدولية في مجل العمل الإنساني.
وقد برز دور دولة الإمارات كواحدة من أكثر الدول كفاءة في الاستجابة للأزمات الإنسانية العالمية؛ كمواجهة تداعيات النزاعات والكوارث الطبيعية، حيث قامت دولة الإمارات بإرسال طائرات محملة بعشرات الأطنان من الإمدادات الطبية والغذائية إلى أفغانستان، وشحنة مساعدات لمتضرري الجفاف في الصومال.
كما كانت الإمارات من أوّل المساهمين في تقديم المساعدات الإنسانية إلى تركيا وسوريا لمواجهة آثار الزلزال المدمر في 6 فبراير العام الماضي، إذ وجهّت ما يزيد على 150 مليون دولار لدعم المتضررين من الشعبين، إضافة إلى توجيه جسر إنساني عبر عملية «الفارس الشهم» تم خلاله تسيير 243 طائرة، وسفينتي شحن تحملان 10 آلاف طن مساعدات، كما وجهت طائرة مساعدات تحمل 14 طناً من المساعدات للمتضررين من الشتاء في أوكرانيا. كما كان للوساطة الدبلوماسية الإماراتية دور استراتيجي في تخفيف حدة التوترات بين كل من روسيا وأوكرانيا.
كما لا يمكننا أن ننسى جهود دولة الإمارات في تقديم المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، حيث تصدرت الإمارات دول العالم عبر تقديم الإغاثات إلى الشعب الفلسطيني، كما وتواصل الدولة العمل مع الشركاء الدوليين لتكثيف الجهود لضمان وصول وتوزيع المساعدات عبر كل الطرق المتاحة براً وبحراً وجواً للإسهام في التخفيف من وطأة الأوضاع الإنسانية الحرجة التي يواجهها سكان القطاع.
وهو ما يعكس دعم الدولة الثابت للشعوب المنكوبة ويؤكد دورها المحوري في مجال العمل الدبلوماسي، والإنساني على الساحة الدولية والعالمية.
وانطلاقاً من إيمان دولة الإمارات بأهمية الشراكات الدولية في تحقيق أهدافها الإنسانية، تعتمد الدولة على استراتيجيات دبلوماسية، لتمكين التعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية، بما في ذلك الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية العالمية، حيث تسعى الإمارات لتحقيق استجابة سريعة وفعالة للأزمات العالمية وتحقيق التنمية المستدامة، ما يعكس رؤيتها في دعم جهود العمل الإنساني العالمي.
وفي هذا السياق، تتبنى دولة الإمارات نظرة مستقبلية قائمة على رؤية استراتيجية تركز على الابتكار واستخدام التكنولوجيا لتطوير كفاءة توزيع المساعدات الإنسانية، ومن أبرز الأمثلة على هذه الابتكارات هو تبني دولة الإمارات لتقنيات حديثة في إدارة الأزمات، مثل استخدام الطائرات من دون طيار لتوزيع المساعدات في المناطق التي يصعب الوصول إليها.
جهود دولة الإمارات في العمل الإنساني لا تقتصر على الصعيد الخارجي فحسب، بل تمتد أيضاً إلى تعزيز الوعي الثقافي والاجتماعي وغرس قيم العمل الإنساني داخلياً عبر تنظيم الفعاليات والندوات، وتفعيل المشاركة المجتمعية، حيث تتيح الدولة الفرصة أمام المواطنين والمقيمين للمشاركة في جهود الإغاثة الإنسانية عبر مؤسساتها المختلفة، ما يعكس مفاهيم التسامح والترابط التي يقوم عليها المجتمع الإماراتي.
وبالنظر إلى المستقبل، تبقى دولة الإمارات ملتزمة استراتيجيتها الدبلوماسية في مجال العمل الإنساني، انطلاقاً من دورها الريادي على الساحة الإنسانية العالمية، وذلك من خلال حرصها على تعزيز الشراكات العالمية في مجال العمل الإنساني العالمي؛ إذ تتطلع دولة الإمارات – دوماً - إلى مستقبل يعمه الأمن والسلام والاستقرار لكافة المجتمعات، مؤمنةً بأن العمل الإنساني كان وسيبقى «حجر الزاوية من أجل بناء عالم أفضل لأجيال المستقبل».

* نائب مدير أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/54pj4yde

عن الكاتب

نائب مدير عام أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"

مقالات أخرى للكاتب