الحوار والدبلوماسية والتفاوض

00:20 صباحا
قراءة دقيقتين
2

يحتفل العالم منذ عقد من الزمان باليوم الدولي للإزالة الكاملة للأسلحة النووية، وهي مناسبة لها أهميتها، وتعبر عن إرادة دولية تتجسد في هدف نبيل، لكن المناسبة تبدو مثل حفل عرس يحضر فيه المعازيم ويغيب عنه العرسان.
رغم أن المجتمع الدولي، ممثلاً في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أقرّ بأنه لا سبيل إلى مستقبل يسوده السلام على كوكب الأرض إلا بإنهاء التهديد النووي، إلا أن أجواء الشك والريبة والتنافس لا تزال على الصعيد الجيوسياسي تفاقم من المخاطر النووية، حتى وصلت إلى ما كانت عليه إبان الحرب الباردة، بالتزامن مع تراجع عن التقدم الذي تحقق بصعوبة بالغة طوال عقود من أجل تجنب استخدام الأسلحة النووية وانتشارها واختبارها.
مع انتشار التوترات الجيوسياسية في المحيطين الهندي والهادئ وبحر الصين الجنوبي والشرق الأوسط وشرق أوروبا، ينظر المراقبون بقلق إلى دقات الساعة النووية التي بدأت تتسارع وسط حروب مندلعة وتهديدات متلاحقة باللجوء إلى الأسلحة النووية الاستراتيجية والتكتيكية، ونشرها بالفعل وفقاً لعقائد وطنية تبنى أساساً على درء التهديد الوجودي.
الأحداث المتسارعة في ظل حروب معلنة وأخرى بالوكالة وسط استعدادات جدية للجوء إلى سلاح الدمار الشامل، بالتزامن مع إغلاق باب الدبلوماسية والحوار، وتصاعد دقات طبول الحرب، تؤكد من جديد أنه لا مخرج من المأزق الماثل إلا بعالم خالٍ من الأسلحة النووية، وفي مأمن من الكوارث الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، التي من شأن استخدام هذه الأسلحة أن يحدثها.
ويلاحظ المراقب أن الكبار المنوط بهم أن يكونوا القدوة في هذا المجال، يتمسكون بأنانية أن يكونوا سادة الكوكب، فهم يقولون مالا يفعلون، وأن يكونوا رواد النادي المغلق من دون رغبة حقيقية في إغلاقه.
بين يدي الدورة الـ 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، نأمل أن تكون الدول النووية الرائدة على طريق الوفاء بالتزاماتها بنزع السلاح، وبعدم استخدام الأسلحة النووية أبداً أياً كانت الظروف.
الواجب الأخلاقي والتاريخي يحتم على كل البلدان، من دون استثناء، المصادقة والالتزام بمعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، وفي مقدمة هذه الدول أعضاء النادي المغلق، فهم المعنيون أكثر من غيرهم بتطويق آثار الكارثة التي قد تقضي على العالم بكبسة زر.
لقد جرب العالم الحروب الكبرى ولمس مآسيها، وفي الذاكرة أكثر من 100 مليون قتيل في حربين عالميتين في القرن الماضي، ما يستوجب اللجوء دائماً إلى الحوار والدبلوماسية والتفاوض؛ لنزع فتيل التوترات وإنهاء التهديدات النووية، التي بدأت تتزايد في الفترة الأخيرة.
وكما يقول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فإن السبيل الذي لا ثاني له لإزالة الخطر النووي، يكمن في القضاء على الأسلحة النووية، وجعلها ذكرى في كتب التاريخ، بصورة نهائية وإلى الأبد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/28383vbt

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"