معايير الاستثمار في الطاقة النظيفة

21:27 مساء
قراءة 4 دقائق

غافين ماغواير*

تلقّى المستثمرون في قطاع الطاقة النظيفة ضربة قاسية من الانخفاضات الحادة في أسهم شركات الطاقة الشمسية هذا العام، لكنهم حققوا في المقابل عوائد قوية على حيازاتهم في أعمال المرافق، والتي كانت واحدة من ألمع النقاط في ساحة الأسهم الأمريكية في 2024.
لقد حفز الطلب المتزايد على الطاقة، من تطبيقات الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، الاستثمارات في قطاع المرافق ومنتجي الطاقة، والذي من المقرر أن يشهد ارتفاعاً في الإيرادات من جميع أصناف العملاء الرئيسيين في المستقبل. وتفوقت بعض أسهم المرافق حتى على ألمع نجوم الساحة التقنية، مع تجاوز شركة إنتاج وتوليد الكهرباء «فيسترا» ومقرها تكساس، شركة «إنفيديا» الرائدة في مجال الرقائق الفائقة منذ مارس/ آذار الماضي.
ويشعر محللو الأسهم بالتفاؤل بشأن آفاق المرافق لبقية العام، خاصة إذا تم تخفيض أسعار الفائدة الأمريكية، وكلفة تمويل الديون لتطوير البنية التحتية وتوسيع الخدمات وترقيات الشبكة. وهذا التوقع الإيجابي يتناقض مع توقعات صناعة الطاقة الشمسية، التي هزتها حملات إفلاس عالية المستوى هذا الشهر، قد تؤدي إلى عزوف مستثمري الطاقة النظيفة عنها والتحول إلى مجال المرافق بدلاً من ذلك.
وبهذا الصدد، عُدّ تقدم شركة الطاقة الشمسية الأمريكية «صن باور» بطلب للحماية من الإفلاس الأسبوع الفائت بمثابة أحدث ضربة لساحة الطاقة الشمسية. فبعد أن تباهت الشركة العريقة، التي تأسست قبل 40 عاماً، بقيمة سوقية تفوق ال 9 مليارات دولار مطلع عام 2021، وافقت هذا الشهر على بيع الجزء الأكبر من أصولها مقابل 45 مليون دولار نقداً، بعد تراكم المليارات من الديون.
وتضررت شركات تركيب الطاقة الشمسية على مدار العامين الماضيين بسبب نمو أسعار الفائدة التي رفعت تكاليف النظام للمشترين المحتملين، فضلاً عن التضخم الحاد في كلفة الأجزاء والعمالة، وخفض أسعار بيع الطاقة في الأسواق الرئيسية.
ويمتد ألم قطاع الطاقة الشمسية إلى ما هو أبعد من الولايات المتحدة، مع إعلان عدة شركات أوروبية وآسيوية عن تسريح عمال هذا العام. كما انخفض سعر أكبر صندوق متداول في البورصة للطاقة الشمسية في الولايات المتحدة «إنفسكو سولار»، بنسبة 24% حتى الآن في 2024، وبنسبة 55% منذ أغسطس/ آب 2022، في انعكاس واضح لمحنة القطاع.
وعلى النقيض من ذلك، حقق أكبر صندوق متداول في البورصة لقطاع المرافق، «SPDR»، مكاسب بنحو 18% حتى الآن هذا العام، وهو ما يزيد على المكاسب التي حققها صندوق «فانغارد إنفورميشن تكنولوجي» الشهير خلال الفترة نفسها.
وامتد الارتفاع في أسعار أسهم المرافق إلى ما هو أبعد من شركة «فيسترا»، حيث حققت كل من «كونستيليشن إنرجي»، و«إن آر جي إنرجي» مكاسب تزيد على 50% حتى الآن هذا العام. كما بلغت مكاسب «نيكسترا»، و«ساوذرن»، و«أمريكان إلكتريك باور» نحو 20% أيضاً، وقد تبلغ مزيداً من التقدم إذا سحب المستثمرون في قطاع الطاقة الشمسية حصصهم، واختاروا الانتقال إلى المرافق.
إلى ذلك، قد يعتمد تحديد الشركات المستهدفة من قبل المستثمرين في مجال المرافق على نسبة الطاقة المولدة من محطات الطاقة النووية داخل كل نظام طاقة. وحتى الآن هذا العام، تفوقت أسهم «فيسترا» و«كونستيليشن» على بقية القطاع، لأن كلتا الشركتين تولد حصة أكبر من إجمالي إمدادات الطاقة من المفاعلات النووية مقارنة بنظيراتها.
كما أن المرافق التي تمتلك أساطيل نووية كبيرة، جذابة للشركات المتعطشة للطاقة. لأن المحطات النووية يمكنها توفير كميات كبيرة ومستقرة من الطاقة النظيفة على مدار الساعة، وبالتالي تلبية احتياجات الطلب للشركات التي تتطلب قوة حوسبة هائلة.
ومع ذلك، من المرجح أن يكون منتجو الطاقة الذين يعملون على بناء قدرة توليد الطاقة المتجددة، إضافة إلى أنظمة تخزين البطاريات، أيضاً على رادار المستهلكين الذين يحتاجون إلى إمدادات وفيرة من الكهرباء النظيفة. وهذا يعني أن المرافق التي قد تفتقر إلى توليد الطاقة النووية، ولكن لديها خطط لزيادة كبيرة في أشكال بديلة من توليد الطاقة النظيفة، قد تشهد ارتفاعاً في الطلب على الطاقة في المستقبل.
وأشار محللو الأسهم إلى شركات مرافق مثل «إن آي سورس»، التي تمتد منطقة خدماتها من بنسلفانيا إلى أوهايو، و«نيكست إيرا»، التي تتخذ من فلوريدا مقراً لها، بوصفها شركات تتمتع بإمكانات نمو قوية، بفضل ارتفاع الإيرادات والخطط الراسخة لجلب المزيد من الطاقة المتجددة هذا العقد. ويروّجون باستمرار كذلك لأسهم شركة «داك إنرجي»، التي تتمتع ببصمة توليد كبيرة في كارولاينا، وشركة «ساوذرن»، المنتشرة في جميع أنحاء جورجيا، وألاباما، وميسيسيبي. كما أن هناك كثيراً من خيارات صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة والمخصصة للمرافق أمام المستثمرين للمفاضلة بينها، مثل «فانغارد»، و«إس آند بي غلوبال»، و«فيدلتي»، و«إنفسكو».
ونظراً لأن مستثمري الطاقة النظيفة يعانون خسائر في مجال الطاقة الشمسية، للعام الثاني على التوالي، فقد يميل البعض إلى توجيه الصناديق إلى أماكن أخرى في قطاع الطاقة، حيث تكون التوقعات أكثر تفاؤلاً.
وعلى اعتبار أن جميع شركات المرافق العامة تقريباً تعمل على تطوير ودمج كميات متزايدة من الطاقة النظيفة في أنظمة التوزيع الخاصة بها، فإن الكثير منها سوف تستوفي معايير المستثمرين في الطاقة النظيفة، حتى لو لم تكن مخصصة فقط لإنتاج الطاقة المتجددة.
*كاتب متخصص في أسواق السلع والطاقة الآسيوية «رويترز»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/47ytmtfz

عن الكاتب

كاتب متخصص بأسواق السلع وانتقال الطاقة العالمية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"