موسم تلوث الطاقة في أمريكا

21:51 مساء
قراءة 3 دقائق

غافين ماغواير*
يُنظر إلى شهر يوليو/ تموز على أنه فترة الذروة السنوية لانبعاثات الطاقة في الولايات المتحدة، حيث تؤدي درجات الحرارة المرتفعة على مستوى البلاد إلى زيادة استخدام مكيفات الهواء كثيفة الاستهلاك للطاقة، وتحفيز الشركات العاملة في القطاع على زيادة إنتاجها من الوقود الأحفوري.

على مدى السنوات الثلاث الماضية، شهد الربع الثالث تسجيل أعلى نقطة فصلية لإنتاج الطاقة من الوقود الأحفوري في الولايات المتحدة، حيث ارتفع التوليد من الوقود الأحفوري بمعدل 37% في المتوسط عن الربع السابق منذ عام 2021، وفقاً لبيانات مجموعة بورصة لندن. وقفزت الانبعاثات الناتجة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي بدرجة مماثلة، وفقاً لمركز أبحاث الطاقة «إمبر»، متجاوزة ذروتها السنوية تاريخياً من يوليو/ تموز إلى سبتمبر/ أيلول.

وأشارت بيانات «إمبر» أيضاً إلى أن انبعاثات الطاقة في الولايات المتحدة ارتفعت خلال النصف الأول من عام 2024 بنسبة 5.2% عن نفس الفترة من العام الماضي، وصولاً إلى 790 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون والغازات المكافئة.

وفي حال واصلت شركات الطاقة ممارساتها المعتادة واعتمدت على الوقود الأحفوري لسد معظم حالات نقص الإمدادات خلال فترة ذروة الطلب هذا العام، فمن المرجح أن ترتفع حصيلة الانبعاثات لعام 2024 إلى ما هو أعلى من إجمالي الرقم المسجل العام الماضي.

وفي السياق ذاته، تعتمد شركات الطاقة تقليدياً على الغاز الطبيعي لتوفير غالبية أي ارتفاع تدريجي في استخدام الطاقة خلال الربع الثالث، مع ارتفاع إنتاج الغاز بنسبة 36% في المتوسط منذ عام 2021 خلال تلك الفترة الزمنية من الربع الثاني.

ومع ذلك، شهدت مستويات توليد الطاقة بالفحم ارتفاعات حادة هي الأخرى خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر، وفي عام 2023 قفزت نسبة التوليد بأكثر من 50% عن الربع الثاني، حيث بذلت شركات الطاقة قصارى جهدها لتلبية استهلاك الطاقة الأعلى خلال تلك الفترة.

ومن أحد العوامل الرئيسية وراء الاعتماد الكبير والمكثف على الوقود الأحفوري خلال ذروة فصل الصيف، هو ميل إمدادات الطاقة النظيفة إلى الثبات أو حتى الانكماش قليلاً في تلك الفترة الأكثر جفافاً في العام. ويُعزى ذلك إلى انخفاض سرعات الرياح على مستوى التوربينات، وانحسار توليد الطاقة الكهرومائية من السدود نسبياً.

وخلال الربع الثالث من عام 2023، توسع توليد الطاقة النظيفة بنسبة 0.4% فقط مقارنة بالربع الثاني. في حين انخفض توليدها لنفس الفترة من عامي 2022 و2021، بنسبة 4.3% و1.7% على التوالي مقارنة بالربع السابق، وفقاً لبيانات مجموعة بورصة لندن.

بالتالي، فإن السجل المختلط والمتبدل لتوليد الطاقة النظيفة في الوقت الذي يبلغ فيه الطلب الإجمالي على الطاقة ذروته، يترك لشركات الطاقة الأمريكية خيارات محدودة لتعزيز إنتاجها من مصادر متجددة بعيداً عن الوقود الأحفوري، على الرغم من الالتزامات المستمرة بإزالة الكربون من إنتاج الطاقة.

وتخضع انبعاثات قطاع الطاقة عادة لقفزات كبيرة كلما رفعت شركات الطاقة حصة الوقود الأحفوري في مزيج التوليد الإجمالي. ووفقاً لبيانات «إمبر»، بلغ متوسط انبعاثات قطاع الطاقة بين عامي 2019 و2023، خلال الربع الثالث، 532 مليون طن. وهذا يقارن ب 401 مليون طن لكل من الأرباع الأخرى من العام، ويسلط الضوء على حجم التأثير البيئي الناجم عن زيادة استخدام الوقود الأحفوري.

ومع ذلك، فإن الفترة الممتدة من يوليو إلى سبتمبر هي أيضاً الفترة التي يتعرض فيها نظام الطاقة في الولايات المتحدة لضغوط سببها موجات الحر والعواصف الشديدة التي تتجمع تاريخياً خلال أكثر أوقات السنة حرارة.

ولضمان توفر الطاقة على مدار الساعة وتلبية متطلبات الحمل الأساسي الأعلى من زيادة استخدام مكيفات الهواء التجارية والسكنية خلال الصيف، فإن معظم أنظمة الطاقة ملزمة بتعزيز الناتج الإجمالي بأي وسيلة ممكنة.

ولذلك، كان الوقود الأحفوري العمود الفقري لتوليد الطاقة الإضافية في السنوات الأخيرة، الأمر الذي ضاعف كمية الانبعاثات المرتبطة، وفاقم اتجاهات الاحتباس الحراري، التي رفعت بالنتيجة الطلب على مكيفات الهواء في المقام الأول.

ولكن إذا استمرت شركات الطاقة في بناء قدرات توليد الطاقة النظيفة وتخزين البطاريات بالوتيرة القياسية التي شهدناها على مدى العقد الماضي أو نحو ذلك، فقد تتمكن المصادر النظيفة منها من استبدال بعض الوقود الأحفوري من مولدات الطاقة المختلفة في السنوات المقبلة.

*كاتب متخصص بأسواق السلع والطاقة الآسيوية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdzm5vuk

عن الكاتب

كاتب متخصص بأسواق السلع وانتقال الطاقة العالمية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"