«تفنيش» أطباء مواطنين!

04:20 صباحا
قراءة دقيقتين
إبراهيم الهاشمي

فصل أي طبيب مواطن حدث جلل، يجب ألا يمر مرور الكرام بأي شكل من الأشكال، وخصوصاً أن الفصل لم يكن بسبب خطأ طبي أو إساءة لهذه المهنة الإنسانية الشريفة.
كيف يُستغنى عن خدمات ما بين 15 إلى 20 طبيباً وطبيبة في إحدى الإمارات في الربع الأخير من عام 2019، بعد أن أفنوا من أعمارهم 10 سنوات من الدراسة، 6 منها في الجامعة، وسنة للامتياز، و3 سنوات كأطباء مقيمين في المستشفى، 10 سنوات كاملة من الجد والاجتهاد لخدمة الوطن في مهنة تعد من أشرف المهن على وجه الأرض، لا تسعى إلا لخدمة الناس والحفاظ على صحتهم ورعايتهم وشفائهم من كل سقم ومرض وعلة؟
الكثير من الأسئلة التي تجول في الخاطر، ونحن كدولة نفتح أبوابنا للجميع، لكن يحدث مثل هذا مع أبنائنا الذين وهبوا أنفسهم لخدمة البشرية، ومهما تكن الأسباب والعلل والمبررات، فإن إنهاء مستقبل من قضى 10 سنوات من عمره في تحصيل وممارسة مهنة وتخصص لا يمكن أن يعمل في غيره، هو عملية هدم غريبة ليس لها من تخريج يبررها، وإن كانت هناك مبررات، فهي لا ترقى أبداً إلى أن تصل إلى الفصل أو الإجبار على الاستقالة.
ومع اطلاعي على مبررات فصل بعض أولئك الأطباء، وجدت أن عدم توفيق بعضهم في الحصول على البورد العربي هو المبرر وراء ذلك، مع العلم بأن الجهات الطبية ذاتها لم توفر لهم المناخ المناسب، والوقت الكافي للدراسة في ضوء ما كانت توكله إليهم من أعمال تستنزف مجمل أوقات اليوم، إضافة إلى العمل ساعات إضافية كمناوبات لتغطية العجز الموجود في الكادر الطبي في تلك المستشفيات في تلك الإمارة.
إن التعامل بهذا الأسلوب المجحف مع مواطنين وهبوا حياتهم لأشرف وأنبل مهنة، وأفنوا هذا العدد الكبير من السنوات لتعلمها لخدمة وطنهم والبشرية جمعاء، وليردوا لوطنهم بعض فضله عليهم، هو العجب العجاب، ألم يكن هناك من فرص لتقدم لهم، والواجب يحتم ذلك، فمثل مهنتهم وتخصصهم شحيح، وتطلبه الدولة وتنشده، والدليل أن الدولة استقدمت كوادر طبية من دول أخرى لسد النقص الناجم عن طوارئ جائحة كورونا، فكان من الأجدر أن يمنحوا كل السبل والفرص، ليستمروا في عطائهم، لا أن تغلق الأبواب في وجوههم، ويصبحوا عاطلين عن العمل، وخصوصاً أن تخصصاتهم كأطباء لا تفتح أي باب أمامهم في أعمال أخرى، والدولة تحتاج إليهم، وتحتاج إلى جهودهم الخيرة.
القضية مرفوعة إلى كل مسؤول في هذا الوطن، وفي كل جهة طبية فيه في كل إمارة من إمارات الدولة، وإلى وزارة الصحة ووقاية المجتمع، وإلى كل عضو في المجلس الوطني الاتحادي، وتحديداً اللجنة الطبية فيه.
إنهم من أبناء الوطن الذين يحبونه، ويسعون لرد الدين له، والعمل على صحته ووقايته، إنهم يستحقون معاملة غير هذه المعاملة، يستحقون أن يمنحوا الفرصة تلو الفرصة، مثل غيرهم لرد الدين لهذا الوطن، لا أن يتحولوا إلى عاطلين بلا عمل، فهل من مستمع؟ والله من وراء القصد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"