الاحتلال والمفلس نتنياهو

02:48 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

يبدو رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو في عجلة من أمره لضم المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، فما إن عرضت الحكومة الجديدة التي شكلها مع منافسه زعيم تحالف «أزرق-أبيض» بيني جانتس على «الكنيست»، حتى سارع إلى التذكير بوعده المعلن سابقاً بضم المستوطنات، زاعماً أنها خطوة «تقرب السلام ولا تبعده»، وهي عبارة لا معنى لها ولا قيمة قياساً بما ورد في الخطاب من تهجمات ومغالطات ونفاق.

لم يختلف الكلام الذي ساقه نتنياهو في جلسة صاخبة داخل «الكنيست» عما كان يتلفظ به طوال السنين الماضية، فقد تعهد مراراً وتكراراً بفرض سيادة «إسرائيل» على غور الأردن وشمال البحر الميت والمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، كما توعد بمصادرة مزيد من الأراضي الفلسطينية، وفرض إجراءات إضافية لتهويد القدس، وتشديد الخناق على قطاع غزة. ولم يكن منتظراً من رجل غارق في الشعبوية والتطرف والأوهام الصهيونية أن يفكر خارج هذا التيار، أو ينقلب على سيرته الملطخة بالجرائم والمفاسد. واستكمالاً لكل ما سبق، تهجم نتنياهو على محكمة الجنايات الدولية، معتبراً أنها «غير نزيهة»، ومدعياً أن جريمة «إسرائيل» تتمثل في بناء روضة أطفال في مستوطنة «جيلو» قرب القدس المحتلة، ومنازل في مستوطنة «شيلو» بين رام الله ونابلس. وبهذا التبسيط الوقح، سعى نتنياهو إلى التهوين من كل الجرائم المسجلة والاقتصار على «منازل وروضة أطفال»، متجاهلاً أن الأرض التي أقيمت عليها تلك المستوطنات مغتصبة، وأن المستوطنين لصوص ومعتدون، بينما أصحاب الأرض الحقيقيون أصبحوا مشردين ومهجرين داخل وطنهم وخارجه، وأن جريمة العصر المتمثلة في الاحتلال لا تزال مستمرة، وتظهر المناسبات المختلفة أن الجرح لم يندمل والحق لن يسقط بالتقادم مهما بغى الظالم وتجبر معه حلفاؤه وعملاؤه على السواء.

عشية الذكرى الثانية والسبعين للنكبة أجرى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو زيارة خاطفة إلى الكيان، مقدماً الدعم لنتنياهو وشريكه في الحكم زعيم «أزرق أبيض» بيني جانتس، كما حذر المحكمة الدولية من ملاحقة «إسرائيل» أو محاكمة مسؤوليها، في إشارة إلى أن واشنطن مستمرة في ضلالها البعيد عن مسارات الشرعية الدولية وحقوق الإنسان والقانون، في الوقت الذي لم تستبعد فيه دول في الاتحاد الأوروبي، وبريطانيا أيضاً، فرض عقوبات على «إسرائيل» إذا انساقت في مخطط الضم، وضربت بعرض الحائط المواقف العربية الرافضة بقوة للخطوات أحادية الجانب التي تقوض جهود المجتمع الدولي لإيجاد حل سياسي دائم للقضية الفلسطينية.

منذ فترة طويلة، ومنذ ما قبل أزمة فيروس كورونا، كانت هناك مؤشرات قوية تؤكد أن العالم كله، بما فيه منطقة الشرق الأوسط، يتغير، ولن يشبه ما كان. والآن يقول معظم الخبراء: إن عالم ما بعد كورونا لن يكون كما قبله. وبالاستتباع لن تكون «إسرائيل» كما كانت، وستصطدم بواقع جديد لم يدر في مخيلة أحد من حكامها، ومنهم نتنياهو الذي كلما تمادى في عنصريته وتطرفه عجل بإفلاس مشروع الاحتلال وسقوط أوهامه.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"