أعياد 2020

05:16 صباحا
قراءة دقيقتين
عبدالله محمد السبب

عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ       بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ

أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دونَهُمُ         فَلَيتَ دونَكَ بيداً دونَها بيدُ

منذ نحو شهرين، كان موعدنا مع عيد الفطر السعيد؛ ومنذ أربعة أيام، كان موعدنا مع عيد الأضحى المبارك؛ وفي كلا الموعدين وفي كلا العيدين، كانت اللحظات عصيبة على المجتمع الإماراتي والعربي والإسلامي أجمع، بما لأعياد العام الجاري 2020 من خصوصية لم تكن في الحسبان البشري، ولم تكن في قائمة المستساغات من الظروف ذات النتائج وملابساتها الزمنية والتاريخية والجغرافية، بما نجم عنها من مشاعر مكتظة بالقلق، وممارسات اجتماعية روحانية تراثية محكوم عليها بإجراء تحفظات سلوكية، واحترازات الصحة والسلامة السُّكّانية الضرورية، بما يرمي إلى سلامة المجتمع من تبعات الجائحة العالمية «كوفيد 19» التي اجتاحت العالم أجمع، كما لو أنها حرب عالمية ثالثة ضد العالم بأسره من قبل فيروس مستتر تحت طاقية إخفاء، تتيح له معرفة ما يدور في خلد الناس من أفكار ورؤى وتدابير وقائية، تود إطاحته، ومسحه من الوجود الجغرافي بكافة تضاريسه، وهو ما يزال كما هو، الأخطبوط الذي يمد أذرعه الوبائية في كل زمان ومكان؛ للفتك بإنسان هذا الزمان غير القادر على درء الخطر الذي يترصده في كل أوان.
إن ما حدث ويحدث من أثر «كورونا»، في أغلب الحالات، وفي مختلف المناسبات؛ المفرحة منها، كالأعياد الدينية وحفلات الزواج ومناسبات النجاح المختلفة؛ والمحزنة منها، كحالات الوفاة بمختلف أسبابها والمناسبات المحزنة الأخرى.. حمل الناس على التباعد الجسدي بين الأفراد والعوائل والأهل والخلان والجيران والأنساب والأصهار والأصحاب والزملاء؛ تحسباً لأي ضرر قد يودي بحياتهم، بما يجعلهم بعداد الموتى المؤسوف على أرواحهم الراحلة إلى الله؛ فيما العلاقات الاجتماعية لم تنقطع؛ حيث وسائل الاتصال المختلفة، ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة المواكبة للتطورات الحضارية الحاضرة في حياة المجتمعات الدولية.
وفي مناسبة الحديث عن الحدث العالمي هذا، «كوفيد 19»؛ فإن المنصات الذكية تبدو كما لو أنها قرى عالمية، تجمع في فرجانها وحواريها وبيوتها طائفة من بشر من كافة أقطار العالم، تجمعهم مشتركات فكرية وثقافية واجتماعية؛ وعلاقات دولية كهذه، انتقلت بالعالم من ذاكرة الأمس إلى ذاكرة اليوم، لتذهب به من ذاكرة الحاضر إلى ذاكرة المستقبل؛ وإن نتائج كهذه، لم تكن ضمن أولويات خطط واستراتيجيات الدول في الراهن من الوقت، إلا أنها دخلت في نطاق الخرائط الذهنية الدولية قبل الأوان المرسوم له في الخطط الاستراتيجية العالمية؛ بما يعني أن استشراف المستقبل بدأ مبكراً؛ بفضل من الله سبحانه وتعالى عبر جائحة حرضت العالم على إعداد وتنفيذ جلسات عصف ذهني في مختلف المجالات والاتجاهات؛ بما يعني أننا على موعد مع مخرجات حضارية جديدة، بما يتطلب الأخذ بكل ما من شأنه إضاءة الحياة البشرية جمعاء، وغض النظر عن كل الاحتمالات المؤدية إلى عرقلة المسيرة البشرية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أديب وكاتب وإعلامي إماراتي، مهتم بالنقد الأدبي. يحمل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، من جامعة بيروت العربية. وهو عضو في اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات، وعضو في مسرح رأس الخيمة الوطني. له عدة إصدارات في الشعر والقصة والمقال والدراسات وأدب التراجم

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"