«ديمقراطية» الاحتلال الواهية

03:01 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

لا توحي المعركة الدائرة في «إسرائيل» بين زعيم «أزرق-أبيض» بيني جانتس ورئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو بأن هناك صراعاً بين الرجلين حول «المبادئ»، وإنما يتعلق الأمر بتناحر على السلطة وقيادة مشروع الاحتلال وسط الأزمات المتلاطمة التي تدور من حوله، وسط انكفاء العالم عن الحركة بفعل الأزمة الجارية بسبب فيروس كورونا.

بيني جانتس، الذي أصبح رئيساً للكنيست وما زال يراهن على إزاحة خصمه نتنياهو بعد أن فشلا في مفاوضات تقاسم السلطة، اعترف بأن صراعهما أدخل «إسرائيل» في أزمة غير مسبوقة، قد تقود إلى انتخابات نيابية رابعة. وهذا السيناريو غير مستبعد لأنه يتماشى وحالة الإفلاس السياسي التي تصيب مشروع الاحتلال، وتتجلى في الفراغ الحكومي والنزاعات الحزبية وفضائح الفساد التي تلاحق نتنياهو حصراً. ولم يجد هذا المتطرف غير محنة كورونا ليتعلق بها عساها تنقذه من الغرق لعلمه المطلق بأن المستجدات المقبلة لن تكون في صالحه، وحتى إذا تم الذهاب إلى انتخابات رابعة فلن يكون الرابح فيها إن لم يخرج من المعركة خالي الوفاض.

هذه الأزمة العاصفة فضحت «ديمقراطية» الاحتلال الواهية، لاسيما بعد أن هدد نتنياهو بالعصيان المدني بعد أن فشل في تشكيل حكومة جديدة بالشراكة مع جانتس لأن تلك الشراكة هي التي ستمنع عنه مؤقتاً ملاحقة المحاكم. وبالمقابل فإن خصمه جانتس ليس ذلك النزيه إلى حد تفضيله عن غيره. فبعد أن كان يعمل على الدفع بمجموعة قوانين تمنع نتنياهو من تولي رئاسة الحكومة، أصبح في الوقت الراهن غير راغب في المصادقة عليها أو طرحها على الكنيست ولجانه لتمريرها حتى لا يقطع شعرة التحالف الممكن مع خصمه في أي مفاوضات مقبلة.

الحديث عن الصراع المحتدم داخل «إسرائيل» يستدعي مباشرة الوضع الفلسطيني الذي ما زال يرزح تحت المناورات الدائرة بين جانتس ونتنياهو. ورغم التنافر المعلن بينهما إلا أنهما حليفان حد النخاع بخصوص استكمال مشاريع النهب والضم والتهويد، وهو ما كان يثير الكثير من الاستياء في الخارج. وبالتوازي مع المفاوضات التي كانت جارية لتشكيل حكومة «إسرائيلية» تدخل مسؤولون أوروبيون لدى جانتس وطالبوه بعدم الموافقة على ضم أجزاء من الضفة الغربية تشمل الأغوار وبعض المستوطنات كان نتنياهو توعد مراراً بضمها وتهويدها في المستقبل.

التحذير الأوروبي لجانتس يعني أن هناك مخاوف جدية على الجهود الدولية المتعلقة بدعم جهود «السلام» في الشرق الأوسط، وهي جهود مجمدة حالياً بفعل الحجر العالمي الذي فرضه فيروس كورونا، وبسبب إصابة حكومة الاحتلال بالشلل التام. وخلال الأيام الماضية لم يرشح من المفاوضات «الإسرائيلية» أي تغيير بشأن العلاقة مع الفلسطينيين، مع القناعة بأن التغير لن يأتي مطلقاً سواء ترأس الحكومة نتنياهو أو جانتس لأن المنطلق عندهما واحد وهدفهما استنزاف ما تبقى للفلسطينيين من مقومات وجود لصالح الاحتلال ومشروعه المدمر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"