عادي

ضمان السيارة المستأجرة

22:14 مساء
قراءة 3 دقائق
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

توجد اليوم في كل البلاد مكاتب لتأجير السيارات فمن سافر إلى بلد مّا ولم يكن له معارف في ذلك البلد، يستطيع أن يستأجر أي سيارة من مكتب تأجير السيارات، لكن يا ترى إذا تعرضت السيارة لحادث في أثناء وجود السيارة بيده وتحت تصرفه، من يتحمل الخسارة وعلى من يكون الضمان؟
من المعلوم شرعاً وعرفاً أن السيارة في يد المستأجر أمانة، فلا بد أن يحافظ على هذه الأمانة طالما أنها في يده، فيده يد أمانة في عرف الفقهاء، ولو لم يحصل منه أيّ تعدّ أو تقصير في حفظ الأمانة فإنه لا شيء عليه في حال الخسارة أو التلف.
وقد ورد في فقه الحنابلة كما أورده ابن قدامة في كتاب المغني: «والعين المستأجرة أمانة في يد المستأجر إن تلفت بغير تفريط لم يضمنها»، (انظر المغني ج6 ص128).
وفي مجلة «الأحكام العدلية» تقول المادة 600 منها: «المأجور أمانة في يد المستأجر إن كان عقد الإجارة صحيحاً أو لم يكن» وتقول المادة 601 منها: «لا يلزم الضمان إذا تلف المأجور في يد المستأجر ما لم يكن تقصيره أو تعديه أو مخالفته لمأذونيته» وفي المادة 603 منها: «حركة المستأجر على خلاف المعتاد تعدّ ويضمن الضرر والخسارة التي تتولد منها، مثلاً لو ضرب المستأجر دابة الكراء فماتت منه أو ساقها بعنف وشدة فهلكت لزمه ضمان قيمتها».
ومن الفقهاء من فرّق بين أن تكون الإجارة تمليك منفعة بعوض، وبين أن تكون المنفعة المعقود عليها عملاً يؤديه العامل، فإذا كانت الإجارة منفعة فهي نوعان: 
1- منفعة مباشرة يعقد عليها مثل البناية السكنية أو سيارة أجرة، ففي هذه الحالة تكون البناية أو السيارة أمانة في يد المستأجر، فلو خربت أو تعطلت من غير تقصير منه فلا ضمان عليه.
2- منفعة معقود عليها كعمل يؤديه العامل مثل بناء بيت أو تركيب ماكينة أو خياطة ثوب، فعلى العامل أن يلتزم بالشرط المعقود عليه العقد وإلا ضمنه.
ومن أجل ذلك فإن بعض الفقهاء أجازوا وضع الشروط في عقد الإجارة حتى لو قلنا إن يد المستأجر يد أمانة، وإلى هذا القول ذهب قتادة وداوود الظاهري وأحمد في رواية، وأيدّ هذا الرأي الإمام الشوكاني في كتابه «السيل الجرّار».
نعم.. هذا الرأي وإن كان خلاف رأي جمهور الفقهاء، إلا أنه الأصلح في زماننا؛ حيث ضاعت الأمانات بين الناس وإذا كان كان الجمهور لهم دليلهم ويقولون: لا تكتري بضمان أو لا يصلح الكراء بالضمان كما رواه الأشرم بإسناده عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، واعتبروا الشرط فيه غير صحيح، إذا كان الجمهور رأوا ذلك فإن الآخرين لهم دليلهم أيضاً، وقد سئل الإمام أحمد نفسه عن ذلك فقال: «المسلمون على شروطهم»، وهذا يعني نفي الضمان بشرطه، ووجوبه بشرطه، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «المسلمون على شروطهم».
ولابن القيم رأي جميل حيث يقول: «الأصل في العقود والشروط الصحة إلا ما أبطله الشارع أو نهى عنه»، وهذا القول هو الصحيح، إذ لا حرام إلا ما حرمه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فالأصل في العقود والمعاملات الصحة حتى يقوم دليل على البطلان والتحريم «انظر إعلام الموقعين ج1 ص470».
وبناء على ما سبق نستطيع القول إن الشروط التي تضعها شركات تأجير السيارات على المستأجر تعد شروطاً صحيحة ما دام المستأجر قبلها ووقع عليها، أخذاً بالقاعدة المعروفة «يد الأمان تتحول إلى ضمان» ذلك أن المحافظة على أموال الناس واجب شرعي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"