عادي

الإمارات تدخل عصر صناعة وتوظيف الـ«روبوتات»

22:33 مساء
قراءة 8 دقائق
1
1
1

دبي: حمدي سعد

 

انتقلت دولة الإمارات من الخدمات الإلكترونية إلى الذكية لتدخل عصر صناعة الروبوتات، متسلحة بالاستثمار، وتبني أحدث شبكات الاتصالات ولاسيما الجيل الخامس وتقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، لتصبح الدولة الأولى إقليمياً في تلك المجالات.
وفتحت الإمارات الباب واسعاً أمام جميع الجهات الحكومية والشركات لاستخدام وتوظيف الروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات، استعداداً للمستقبل ولتعزيز كفاءة الخدمات وتطوير الأعمال في كافة القطاعات، عقب تفوق الدولة الإقليمي والعالمي في مجال الخدمات الإلكترونية والذكية على مدار الساعة لقطاعات الأعمال الحكومية والخاصة والأفراد.
وقال خبراء لـ«الخليج» إن دولة الإمارات تسعى إلى التحول لمركز تصنيع للروبوتات في المنطقة وإفريقيا وذلك ضمن استراتيجيات واضحة لاستشراف المستقبل والاستثمار في الجيل الجديد من تقنيات الذكاء الاصطناعي لمواكبة التطور التقني العالمي، الأمر الذي يسهم في تسريع التحول للاقتصاد المعرفي وتحسين جودة الحياة وإسعاد المجتمع.

أكدت مؤسسة «آي دي سي»، العالمية، المتخصصة في الأبحاث والدراسات في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، لـ«الخليج» أنها رصدت زيادة ملحوظة من قبل دولة الإمارات في مدى الاهتمام وتبني مشاريع باستخدام التكنولوجيات المبتكرة مثل: تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات، فيما تعد الإمارات قاعدة مهمة لقطاع التكنولوجيا، ليس في منطقة الخليج وحدها، بل لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا بأكملها والدول المحيطة بها، مرجعة الأسباب الرئيسية لذلك في تطور البنية التقنية المتطورة جداً في الدولة.
ويقول فادي العامودي، المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز «آي كيو فولفيلمنت»: يرتفع الطلب على توظيف الخدمات الروبوتية في دولة الإمارات التي تشهد مستوى أعلى من التركيز لتحقيق التحول الرقمي، وشهدنا نسبة نمو كبيرة في توريد الروبوتات المحمولة إلى الإمارات خلال السنوات القليلة الماضية، مع ملاحظة توسع سريع في قطاع الخدمات اللوجستية، في ظل توقعات تشير إلى احتمال تسجيل نمو 98% خلال عامي 2020 و2021 منذ عام 2012.
وأضاف، مع ارتفاع الطلب على التجارة الإلكترونية، يتوقع أن تنمو الشركات العاملة في هذا المجال بنسبة 16.4% خلال السنوات الثلاث المقبلة.
ويؤمن الكثيرون أن التكنولوجيا تمثل المفتاح الرئيسي الذي يضمن الانتقال إلى المستوى التالي من التطور وإضافة إلى ذلك، تعد الإمارات الوجهة الأولى من حيث استقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية في المنطقة، الأمر الذي يجعل منها مكاناً مثالياً لأي شركة لاتخاذها المحطة الأولى والأساسية لمقرها الرئيسي، كي تتمكن من تحقيق الانتشار العالمي، أما بالنسبة إلى قيمة هذه الحلول، فمن المتوقع أن تبلغ قيمة سوق الأتمتة الصناعية في دول الخليج 10.3 مليار دولار عام 2023.
وعن توجه الشركة لتصنيع روبوتات تسهم على سبيل المثال في مواجهة فيروس «كوفيد -19» ووقت توافرها في الإمارات قال العامودي: تعدّ دولة الإمارات عنواناً للريادة والتطور، ونحن كشركة إماراتية نسعى للإسهام قدر المستطاع لتعزيز هذه المبادرات، ويمكننا تحقيق ذلك بالاعتماد على خبراتنا وتقنياتنا لتحسين أنماط الحياة والعمل في الدولة، بما يؤدي إلى الارتقاء بمعايير السلامة العامة، والتطور العلمي، وتأمين الخدمات بأفضل جودة وفي أسرع وقت ممكن، لذلك تطور «آي كيو فولفيلمنت» روبوتات ذكية تعمل بتقنية الأشعة فوق البنفسجية، ويمكن الاعتماد عليها في الحد من تفشي فيروس «كوفيد- 19»، من خلال تطهير وتعقيم الأماكن متعددة الاستعمالات، خاصة تلك التي يتردد عليها الناس كثيراً، مثل المكاتب ومحطات ومقطورات المترو وحتى المجمعات التجارية، ونتوقع أن تكون جاهزة في الربع الأول 2021.
طلب قوي
وبالإشارة إلى تلقي الشركة لطلبات من جهات حكومية في الإمارات لتطوير روبوتات خاصة بها، مثل الجهات الصحية والبلديات والدفاع المدني وغيرها قال العامودي: منذ البداية، تلقينا الكثير من الاهتمام من جانب الهيئات والمؤسسات الحكومية، ولا يزال الطلب قائماً حتى الآن.
وتسعى جميع الهيئات والبلديات والمؤسسات الحكومية إلى الارتقاء بأساليب العمل وأنماط حياة الناس، لذلك فإنها تعمل باستمرار على تحسين أداء كافة الدوائر الخدماتية وغير الخدماتية، عن طريق تطبيق أفضل المعايير، والسعي الدؤوب نحو التطور.
ورداً على وجود وحدة تصنيع خاصة بالشركة لحلول الروبوتات الخاصة بالتخزين والمستودعات في الإمارات قال العامودي: لقد قمنا في الآونة الأخيرة بإنشاء مركز للتميز في دبي، إضافة إلى وجود مركز تقني، ما سيساعدنا في تطوير الكثير من التقنيات ودمجها وإطلاقها للاعتماد عليها في مختلف العمليات.
ونتوقع تحقيق نجاحات هائلة في هذا المجال، بفضل وجود الفريق المناسب من المهندسين والمطورين وخبراء الأتمتة القادرين على توفير خدمات لا تضاهى لعملائنا.
وحول الطلب من قبل قطاع التجارة الإلكترونية على الحلول الروبوتية في الإمارات قال: لقد تطورت الحلول الروبوتية أساساً، بهدف تسريع عمليات التحضير والتوزيع، والارتقاء به إلى المستوى الذي تتوقعه التجارة الإلكترونية.
القطاعات الأكثر استفادة
من جانبه قال المهندس بلال الزعبي، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «ديجي ورلد» الإماراتية ومقرها دبي حول أهم الاختراعات أو الأنظمة التقنية التي ابتكرتها الشركة لمساندة جهود حكومة الإمارات في مكافحة فيروس «كوفيد-19» وهل تم بالفعل إنتاج هذه الاختراعات؟: قامت «ديجي ورلد» بتطوير روبوتات مزودة بتقنيات الذكاء الاصطناعي تحتوي على ميزات عديدة تدعم جهود الحكومة في هذا المجال.
وعن مساهمة هذه الاختراعات أو الابتكارات في مساعدة فرق خط الدفاع الأول أو غيرها من القطاعات لمواجهة الفيروس قال الزعبي: يحتوي الروبوت المعروف باسم (ويزو) على ميزات عديدة لمواجهة الفيروسات من خلال المساهمة في تقليل انتشار العدوى بين الأفراد ومساندة جهود الكادر الطبي، منها قياس درجة حرارة الجسم، نقل معدات التعقيم، الدفع الآلي، والتطبيقات الذكية، بالإضافة إلى خاصية التعرف إلى الوجوه.
أهم القطاعات
وعن أهم القطاعات الحكومية والخاصة التي استفادت من الروبوتات والذكاء الاصطناعي خلال فترة جائحة «كوفيد-19» وما أهم القطاعات الحكومية الأكثر استعداداً للاستفادة خلال الفترة المقبلة؟
أوضح الزعبي، أن المراكز الصحية والخدمات اللوجستية ومراكز الخدمة الحكومية المختلفة، فضلاً عن المطاعم ومراكز التسوق والمراكز التعليمية والتجزئة تعد من القطاعات الأبرز استخداماً للحلول الروبوتية حالياً.
قطاع الصناعة
وعن مدى الفرص التي يوفرها قطاع الصناعة للاستعانة بالروبوتات خلال الفترة المقبلة، أكد الزعبي أن قطاع الصناعة هو قطاع حيوي ومهم لبناء اقتصاد قائم على المعرفة وفق رؤية وجهود حكومة الإمارات، ولا شك أن إدخال الروبوتات وأنظمة الأتوميشين يضمن تأمين عمليات تصنيعية وإنتاجية مرنة خلال مختلــف الظــروف كقطــاع التصنيع الغذائي والدوائي والإنشاءات.
بالإضافة إلى ذلك فإن قطاعات الخدمات اللوجستية والموانئ والمطارات والنقل العام داخــل المدن تعـد من أهم القطاعات التي تستفيد من تطبيق وتوظيف التكنولوجيا وأنظمة النقل الذاتي، ما يتطابــق مع استراتيجيــة الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي.
وعن آخر مشاريع الشركة في مجال الروبوتات والسيارات ذاتية القيادة قال الزعبي: في مجال الروبوتات عملنا مع شركة ستراتا للتصنيع على تطوير نظام روبوتي لإدخاله لاحقاً في خط تصنيع أجنحة الروبوتات والذي يعد الأول من نوعه على مستوى العالم.
وفي مجال أنظمة النقل ذاتي القيادة، عملت الشركة مع «موانئ دبي العالمية» لتطوير شاحنات ذاتية القيادة مع تطوير البنى التحية الرقمية بالكامل اللازمة للتشغيل، وتم أيضاً إطلاق النسخة الجديدة من الروبوت الخدمي للشركة مواكبة للتحديدات والمتطلبات خلال جائحة كورونا وما بعدها لاستخدامه في أماكن العمل المختلفة.
تأهيل الكوادر
وعن عمل الشركة على تدريب وتأهيل الكوادر الإماراتية في مجالات الروبوتات والمركبات ذاتية الإدارة والذكاء الاصطناعي قال الزعبي: تركز الشركة على دعم القطاع التعليمي والبحثي، ولذلك نحرص على التعاون مع الجامعات كالجامعة الأمريكية في الشارقة وجامعة خليفة وتوجد شراكة مع هيئة الطرق والمواصلات في دبي لتنفيذ مشروع التاكسي ذاتي القيادة المستقل وإجراء تجارب حية من أجل دعم جهود الهيئة في خطة التنقل المستقل في الإمارة.
اغتنام الفرص
بدوره، قال طارق هنيدي، نائب الرئيس لشؤون العمليات في شركة «فيديكس إكسبرس» بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: أصبحت الروبوتات تشكل جزءاً رئيسياً في الحياة اليومية، بدءاً من أداء مهام بسيطة كطهي طعام العشاء أو صرف الوصفات الطبية ووصولاً إلى مهام أكثر تعقيداً.
ويمكن لقطاع الخدمات اللوجستية أيضاً الاستفادة من هذه الإمكانات الجديدة التي باتت توفرها الروبوتات، ويؤكد تقرير «الروبوتات المتقدمة في مصانع المستقبل»، الصادر عن مجموعة «بوسطن كونسلتنج» أن الشركات العاملة في قطاعات النقل والخدمات اللوجستية والتكنولوجيا والسيارات بدأت باغتنام الفرص الفريدة التي تقدمها الروبوتات.
توصيل الشحنات
وتابع: لا شك أن هذا يبدو شبيهاً بأفلام الخيال العلمي، إلّا أن معظم جوانبه قابلة للتحقيق على أرض الواقع وأصبحت أنظمة المساعدة الافتراضية قادرة على إجراء الطلبات ومهام التنظيم بصورة تقدم مستويات أعلى من الراحة والمرونة للعملاء ولإجراء مجموعة مختارة من عمليات توصيل الشحنات إلى الوجهة النهائية، وستوظف روبوتات التوصيل (عربات التوصيل الآلية) تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار للتنقل بصورة آمنة إلى الوجهات المحددة وتقديم خدمات استلام وتوصيل الطرود، بينما ستنقل طائرات الدرون الطرود الحساسة والمهمة بما في ذلك منتجات الرعاية الصحية التي لا تحتاج إلى وصفات طبية والمنتجات الغذائية إلى العملاء في غضون دقائق قليلة.
وأضاف هنيدي، أصبح قطاع الخدمات اللوجستية مدركاً لفوائد استخدام الروبوتات لدعم وتعزيز الكفاءة التشغيلية والخدمية، وسيسهم الاعتماد المتزايد للروبوتات في طرح الوظائف والشواغر ذات الأجور المرتفعة والمطلوبة لتشغيل الروبوتات، مثل خبراء الآلات ذات التكنولوجيا المتقدمة ومطوري البرمجيات ومشغلي أبراج التحكم والمشغلين عن بعد، ويعكس هذا التوجه حاجة المؤسسات لتزويد فرق الموظفين بمهارات جديدة تمكنهم من العمل إلى جانب الروبوتات.
سوق عالمي كبير
قال محمد بدر أبوحية، مدير أول دائرة تكنولوجيا المعلومات في شركة «طوكيو مارين الإمارات»: وفقاً للتقرير الصادر عن «جراند فيو ريسيرش»، فمن المتوقع أن يصل حجم السوق العالمي لتقنيات أتمتة العمليات بالروبوت إلى 25,66 مليار دولار بحلول عام 2027، بما يعادل نمو سنوي مركب يصل إلى 6.40%، وكشف التقرير عن أن الطلب المتزايد على عمليات الأتمتة بغية توفير الوقت والتكاليف التشغيلية، يلعب دوراً محورياً في نمو سوق أتمتة العمليات الروبوتية.
وأضاف: تشكل رقمنه العمليات التشغيلية محركاً رئيساً لتحقيق التميز والارتقاء بمستوى الخدمات ونتطلع إلى تقليل التدخل البشري عبر الاعتماد على الابتكار والتكنولوجيا الحديثة وتبني العمليات القابلة للأتمتة الروبوتية، باعتبارها عنصراً أساسياً ومهماً في تحقيق مستهدفات العمل وتعزيز الإنتاجية.

استخدام الحلول المبتكرة للذكاء الاصطناعي

تسعى دولة الإمارات إلى تبني جميع الأدوات والمنهجيات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، لضمان المزيد من الكفاءة في الخدمات الحكومية على جميع المستويات وتهدف «جائزة الإمارات للروبوت والذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسان» إلى تشجيع البحث واستخدامات الحلول المبتكرة في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات من أجل التصدي للتحديات التي تواجهها 3 قطاعات رئيسية هي:«الصحة، والتعليم، والخدمات الاجتماعية».
وتدرك حكومة الإمارات أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها الإيجابي في إحداث طفرة تطويرية في أساليب تقديم الخدمات الحكومية وتعمل الحكومة جاهدةً على تسريع وتيرة تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي .

27.1 % نمو سوق الروبوتات للمستودعات

ومن المتوقع أن يسجل سوق الروبوتات للمستودعات معدل نمو سنوي مركباً يزيد على 27.1% عام 2024 ومن شأن ظهور إنترنت الأشياء في المشهد الصناعي العالمي، والأنظمة الأخرى ذات الصلة، أن يساعد الصناعات في أداء المهام والعمليات المختلفة في هذه الصناعة، مثل التصنيف والتعبئة والأمن والتفتيش والمساعدة في تحسين الكفاءة التشغيلية داخل المستودعات.
وتشير الأبحاث إلى أن أكثر من 50% من الشركات تتطلع إلى دمج عدد من وحدات التخزين، والاعتماد على الحلول الروبوتية، لتتمكن من تلبية متطلبات العملاء وتوسعة أنشطتها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"