شغلت العلاقة مع الآخر حيزاً من مساحة السينما والدراما في مصر، وحاول المبدعون تسليط الضوء على تعقيدات وتشابكات العلاقة مع العالم الخارجي من خلال أعمال طابعها اجتماعي وأحياناً كوميدي، ولكنها في التصنيف سياسية .
اتخذ صناع هذه الأعمال من قضايا البطالة مدخلاً لمناقشة هجرة الشباب، والسعي وراء حلم تحقيق الذات والذي سرعان ما يتحول إلى سراب، ولكن على الجانب الآخر كانت هناك أعمال سياسية الفكرة والطابع والمعالجة والهدف، ناقشت بكل وضوح وصراحة العلاقة مع الآخر، والذي كان في معظم الأحيان طامع أو محتل، مستحضرة صفحات من التاريخ، ومحولة إياها إلى مشاهد جيد .
المساحة الأكبر من الأعمال التي تناولت العلاقة مع الخارج خصصت للعلاقة مع العدو الإسرائيلي ابتداء من نبكة 1948 ونكسة 1967 وحرب أكتوبر وحروب التجسس المتبادلة، وانتهاء بمرحلة التطبيع على المستوى الرسمي والرفض الشعبي له، وشاهدنا في هذا الصدد أعمالاً كثيرة منها الصعود إلى الهاوية والرصاصة لاتزال في جيبي والطريق إلى إيلات ودموع في عيون وقحة والحفار ورأفت الهجان وأولاد العم وغيرها، واليوم نتابع يومياً حلقات مسلسلين حول هذه العلاقة أولهما مسلسل الصفعة والمستوحى عن قصة حقيقية من ملفات المخابرات المصرية أعدها اللواء عادل شاهين وسيناريو وحوار أحمد عبدالفتاح وإخراج مراد مصطفى وبطولة شريف منير وهيثم أحمد زكي وهيدي كرم وتتيانا، وتبدأ الأحداث بعد ثورة 1952 وهجرة اليهود من مصر إلى تل أبيب، وبينهم من يقرر الانتقام بالانتماء إلى الموساد للتجسس على مصر، ويتصدى له ضابط مصري ليوجه له وللكيان الذي ينتمي إليه الصفعة .
العمل الثاني عن طبيعة هذه العلاقة اليوم، وهو مسلسل فرقة ناجي عطاالله لعادل إمام التي تبدأ أحداثه في العام 2009 من خلال شخصية ضابط في الجيش يحال للتقاعد، وبعدها يتم تعيينه ملحقاً إدارياً لمصر في سفارتها في تل أبيب، ومن خلالها يتم التأكيد على أن التطبيع لا يتجاوز حدود التمثيل الدبلوماسي، وأن الموظفين في السفارة هناك يرفضونه ولكنهم مضطرون لأداء واجباتهم المهنية، فضلاً عن الرفض الشعبي له بين مختلف الطوائف، وعلى الجانب الآخر يبرز المسلسل عدوانية الشعب الصهيوني تجاه مصر وكل ما هو عربي، وتتوالى الأحداث في هذا الإطار الذي يقدمه عادل إمام على طريقته التي لا تخلو من مزحات كوميدية في أكثر المواقف جدية . والمسلسل تأليف يوسف معاطي وإخراج رامي إمام .
مسلسل ثالث يتناول علاقة مصر مع العالم الخارجي خلال الحرب العالمية الثانية وهو الخواجة عبدالقادر بطولة يحيى الفخراني وسوسن بدر وتأليف عبدالرحيم كمال وإخراج شادي الفخراني .
ومن أهم الأعمال التي تعرضها الشاشات هذا العام نابليون والمحروسة والذي يعود إلى 214 عاماً في أعماق التاريخ مستحضراً الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت على مصر العام 1798 والتي احتلتها حتى العام ،1801 وهو عمل ضخم يشارك فيه الآلاف من المجاميع والنجوم للمخرج التونسي الأشهر شوقي الماجري وبطولة ليلى علوي وشريف سلامة وسوسن بدر وعدد من الفنانين العرب والفرنسيين .
إن صفحات التاريخ مليئة بالأحداث والمعارك والشخصيات التي تبرز علاقة مصر مع محيطها الإقليمي والعالمي، والتي تستحق العودة إليها واستحضارها في أعمال فنية للأجيال الجديدة، وخصوصاً أن استيعاب التاريخ وتأمل العلاقة مع الآخر تساعد على فهم الحاضر ووضع النقاط على الحروف .
