مقبرة «كورونية» جماعية

00:53 صباحا
قراءة دقيقتين

في عام 1973، أنشأت الحكومة الأمريكية نظام ملاحة عبر الأقمار الصناعية هو (نظام التموضع العالمي:Global Positioning System) ويرمز له (GPS)، إذ يقوم النظام بتوفير معلومات عن الموقع والوقت في جميع الأحوال الجوية في أي مكان على أو بالقرب من الأرض، حيث هناك خط بصر غير معاق لأربعة أو أكثر من أقمار ال GPS، حيث يوفر النظام قدرات مهمة للمستخدمين العسكريين والمدنيين والتجاريين في جميع أنحاء العالم.
تلك هي الفكرة الرئيسة من إنشاء ال GPS، وعلى خلفية الوضع القائم في العالم جرّاء الإحصائيات المتعلقة بفيروس كورونا المستجد «كوفيد 19»، وفي معرض تعليقه على ما هو واقع في المشهد المجتمعي في مملكة البحرين الشقيقة من حيث التقرير اليومي لفيروس كورونا، ممثلاً بعدد الحاصلين على الجرعة الأولى من التطعيم، وعدد فحوصات اليوم الواحد، والحالات القائمة الجديدة، وحالات التعافي الإضافية، ووضع الحالات المستمرة، والحالات التي تحت العناية، والحالات القائمة التي تتلقى العلاج، وعدد الوفيات الذي هو في ازدياد يومي، أشار الأديب البحريني جعفر الجمري إلى مسألة غاية في الأهمية تستوجب الحذر والانتباه، إذ يقول في ما يقول: «هذا نوع من الانتحار والأماكن النهائية للمنتحرين معروفة» و«الجي بي إس» يشير إلى بضعة أمتار للوصول إلى المقبرة الجماعية».
هكذا هي مفردات التقرير اليومي بشعاره التوعوي (باستطاعتنا إيقاف الانتشار، عبر مواصلة الالتزام)، وهكذا الوصف الدقيق والمخيف للحالة الكورونية التي تعصف بالمجتمع العالمي، الناجم عن استفحال «فيروس كورونا: كوفيد 19» في المجتمع الدُّولي الكُلّي، وما شابهه من فيروسات قادمة أو سابقة، جرّاء استهتارات بشرية متواصلة بما هو رادع للوباء الفيروسي، أو مُخفِّف من وطأته.
فبحسب ما جاء على لسان «الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث» الإماراتية، فقد تم رصد أكثر عن 30,000 مخالفة منذ بداية العام الجاري 2021، أبرزها عدم الالتزام بارتداء الكمّامة وعدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية والوقائية في المنشآت التجارية وعدم الالتزام بالتباعد الجسدي في الأماكن العامة أو التقييد بعدد الأشخاص في السيارة، ورصد التجمعات العشوائية.
وبحسب تلك الإحصائية غير المسؤولة من لدن مستهترين أو لا مبالين أو غير مستوعبين لخطورة ما يصدر عنهم من مخالفات تُخلِّف وراءها إصابات ومصائب وخسارات في أرواح البشر من صغار وكبار بما يؤدي إلى خسارة الأوطان.
فلا نريد أن تكون حكمتنا في الحياة: (مصائب قوم عند قوم فوائد)، ولا نريد للبيت الشعري الرثائي المتوارث جيلاً بعد جيل أن يكون ملاذنا في الحديث عن النكبات الفيروسية الناجمة عن استفحال «فيروس كورونا المستجد: كوفيد 19»، أو سواها من كوارث حدثت وتحدث لنا بسببنا نحن لا بسبب سوانا:
لقد أسمعت لو ناديتَ حياًّ         ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نارٌ نفخت بها أضاءت       ولكن أنت تنفخ في الرماد

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أديب وكاتب وإعلامي إماراتي، مهتم بالنقد الأدبي. يحمل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، من جامعة بيروت العربية. وهو عضو في اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات، وعضو في مسرح رأس الخيمة الوطني. له عدة إصدارات في الشعر والقصة والمقال والدراسات وأدب التراجم

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"