ضحايا إلكترونيون

06:20 صباحا
قراءة دقيقتين
جمال الدويري

يومياً نسمع عن شخص أنه تعرض لمحاولة سرقة بالخداع الإلكتروني، أو أنه سُرق فعلاً، أو كاد يقع ضحية لولا ولولا.
قصة الجرائم المتعلقة بالحسابات البنكية، واستغلال أسماء بنوك وشركات معروفة بالدولة لسرقة حسابات الأفراد، أو سرقة حسابات «الواتس أب»، ومن بعدها التفاوض على فدية، أو «تهكير» هاتف وسرقة محتوياته، ثم مقايضة صاحبه، أصبحت الشغل الشاغل للناس، ولا يكاد يخلو حديث مجلس من هذه القصة، سواء التي وقعت أو التي كادت تقع.
مثل هذه الجرائم هي بالتأكيد سمة العصر، ولا نعلم شكل الجريمة القادمة مستقبلاً، لأنها ستكون حتماً مرتبطة بالذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وما إلى ذلك من مستحدثات سنعيشها لاحقاً، لأن الجريمة هي بالتأكيد انعكاس لبيئتها، ولن يكون هناك مُشَرِّع في العالم قادر على استشراف نوع الجرائم، ليضع لها قوانين رادعة، لأنه ببساطة، دائماً ما يأتي التشريع ليعاقب على جريمة وقعت، وليس على جريمة ستقع.
ليس معنى ذلك أن «المجرم» أذكى من المشرِّع، بل لأن الأخير معني بشكل دقيق في توصيف الجرمية، وتحديد أطرها وإجراءاتها، وكل ما إلى ذلك، حتى يستطيع أن يشملها بعقوبة واضحة النص على أساس مبدأ القضاء العالمي «لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص».
المتغيرات السريعة التي تحدث، تفرض علينا أن تكون التشريعات قادرة على مواكبة كل جديد، ولا مانع من التعديل في التشريعات مراراً وتكراراً، طالما تستدعي الحاجة ذلك، ولكن من يراقب تشريعات الإمارات، يجزم أنها مستحدثة بشكل كبير، ومناسبة لكل أنواع الجرائم، وتكاد تكون من الأفضل في المنطقة، وشاملة لكل ما يمكن أن يقع في زمننا الحالي.
لكن الحديث هنا ينصب على الأجهزة التنفيذية التي تسبق الجريمة، فلماذا ما زلنا نسمع عن ضحايا لحاسبات بنكية أو أشخاص تُسرق منهم حساباتهم على «السوشال ميديا» فيقعون ضحية ابتزاز خطيرة، فيدفعون على «الساكت» لإعادة محتويات هواتفهم أو حساباتهم.
الجهات المختصة تقول إن الكثير والكثير من الجرائم الإلكترونية التي تقع على الأفراد لا يُبَلَّغ عنها، لأن المجني عليه يتحمل الخسارة، ولكنه لا يتحمل «الفضيحة»، فيسكت على ما خسر، حتى لا تتحول مصيبته إلى حكاية الناس.
إزاء كل ما سلف، فإن المطالب هنا هو التوعية بشكل دائم، وضمن حملات تستخدم فيها جميع الوسائل الإعلامية على اختلافها.
وماذا ستخسر البنوك لو بعثت كل أسبوع أو كل شهر رسائل إلى عملائها لتحذرهم من إعطاء البيانات هاتفياً، وأن ترسلها لكل عميل بلغته، لأن التوعية هنا أفضل وسيلة للمكافحة، وحتى لا يبقى الضحايا واقعين تحت بند «القانون لا يحمي المغفلين»، فإن هذه البنوك، وبالتوعية المؤسسية، لن تُبقي أحداً مغفلاً، إلا من يصر على ذلك، فليتحمل بعدها نتيجة عمله.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"