عادي
الثقة الزائدة تفسدهنّ.. وإهمال الحقوق دافع للانحراف

خادمات يمتهن سرقة المنازل

01:35 صباحا
قراءة 6 دقائق
1

تحقيق: أمير السني
سرقة الخادمات منازل مخدوميهن، برزت في العديد من القضايا الواردة في المحاكم خلال الفترة الأخيرة، وتبين من خلال الوقائع أن الخادمة تستغل ثقة الأسرة وتمكث فترات تخطط للسرقة، بعد مراقبة مخدوميها ورصد تحركاتهم داخل المنزل، ومواعيد تواجدهم وخروجهم، وبعدها تحدد الوقت المناسب وساعة الصفر لتنفيذ السرقة، بعد تحديد الأشياء غالية الثمن في المنزل وكيفية حملها وإخفائها ثم تهرب من المنزل على أمل أن تغطي المسروقات احتياجاتها لسنوات.. نوع آخر من الخادمات ينفذن السرقات على مراحل.. حيث تستغل غفلة مخدومتها لتسحب في كل مرة جزءاً من المال، أو قطعة ذهب من دون ملاحظتها في السابق.

في قضية وردت لمحاكم دبي، اكتشفت أسرة عربية اختفاء مبالغ مالية من عملات مختلفة من المنزل على فترات متقاربة، ووصل إجمالي السرقات إلى نحو مليون و100 ألف درهم، وتبين أن الخادمة تسرق أموال الأسرة، وكشفت التحقيقات أن الخادمة اتفقت مع صديقها على تهريبها خارج الدولة، فوفر لها إقامة مع امرأة أخرى لحين تدبير مغادرتها، لكن شرطة دبي ألقت القبض عليها وأحالتها إلى النيابة العامة، ومنها إلى محكمة الجنايات في دبي، فيما تبين أن شريكها فر بعد الحصول على الأموال.
كمين
ربة المنزل اكتشفت نقصاً في نقودها أكثر من مرة، وقررت مراقبة الخادمتين، ووضعت مبلغ 4 آلاف درهم في حقيبة اليد، ووضعت عليها إشارة، وبعدها وضعت الحقيبة في خزانة ملابسها، فتبين لها فيما بعد اختفاء المبلغ من الحقيبة، فاستدعت الخادمتين وسألتهما فأنكرتا، وبعد قليل اعترفت المتهمة بسرقة 82 ألف درهم ومصوغات ذهبية، واعترفت بإرسال المصوغات الذهبية إلى بلدها.
مقتنيات ثمينة
تمكنت خادمة آسيوية 33 عاماً، من سرقة مقتنيات مخدومتها، وهي عبارة عن ساعة رولكس، وأساور ذهبية، و3 قلادات ذهب، وخاتم ألماس تقدر قيمتها بـ80 ألف درهم، ووفق شهادة المجني عليها، فإن المتهمة سرقت ساعة الرولكس الألماس والأساور والعقود وخاتم الألماس من داخل مركبتها عندما طلبت منها تنظيفها.
تفشي الظاهرة
يوضح الباحث الاجتماعي، سيد أحمد الحسين، أن التراخي في التعامل مع الخادمات، وترك المسؤولية الزائدة لهن بتكليفهن بمهام أخرى غير المهام التي جئن لأجلها هي السبب الأكبر في تفشي ظاهرة السرقات، والملاحظ في القضايا المنتشرة هذه الأيام هي وجود شريك معاون للخادمة من الخارج، وهو الذي يساعدها في عملية السرقة، إما بالتخطيط، وإما الضغط والتهديد للخادمة في حال لم تنفذ الأوامر، ويجبرها على السرقة، إذ لم يكن في نيتها السرقة بسبب العشرة التي قامت بينها والأسرة التي تعمل عندها، والتي وثقت بها وأصبحت تعاملها بطريقة جيدة، ولم تشك في تصرفاتها، فيستغل الشريك تلك العلاقة بأن يأمر الخادمة بخيانة الأمانة وتنفيذ الجريمة من دون أن يشعر أحد.
ويشير المحامي عبيد اسحاق المازمي إلى أن جريمة السرقة هي الاستيلاء غير القانوني على ممتلكات الغير بقصد حرمانه منها، وهي سرقة يرتكبها شخص يؤجر خدماته لآخر، على نحو ينقطع فيه لذلك، فيحوز ثقة عامة من مخدومه، وتعتبر صفة المتهم بالسرقة كخادم للمجني عليه، وأن الأشياء الموجودة في المنزل تقع في حيازة الخادم ولكنها حيازة مكانية بحكم تواجده في المكان، ولكن تظل الأشياء الموجودة في حيازة مالكها الأصلي صاحب المكان، أو أسرته، أو ضيوفه، وعليه فإن قام الخادم باختلاس هذه الأشياء تقوم جريمة السرقة في حقه بشرط انتقال الحيازة الكاملة إليه (أي يسيطر على الشيء بنية تملكه)، على أن تكون الحيازة الجديدة هادئة ومستقرة، ويتحقق ذلك لو كانت للخادم حجرة خاصة به وقام بنقل الشيء المسروق إليها.
ويضيف أن وجود الخادمة في المنزل ضروري جداً، خاصة إذا كانت ربة البيت سيدة عاملة، لأنها تحل مشكلة كبيرة وتساهم بشكل أو بآخر في الأعمال المنزلية والاهتمام بالأطفال، ولكن في الوقت نفسه، وبما أنه لا غنى عنها في ظل تسارع ظروف الحياة، لابد من مراقبة تحركها في المنزل ومتابعة أداء مهامها، حتى تشعر بأن هنالك من يتابع تصرفاتها وبالتالي ل اتفكر في السرقة، لأن عدم متابعة عملها وترك الحرية لها يمهد للتفكير في عمل أشياء يمكن أن تحدث من دون أن يحسّ أحد من أفراد العائلة.
عمالة غير قانونية
يؤكد المستشار القانوني محمد أدم عمارة أن استقدام الخادمات للعمل في المنزل ضرورة لابد منها عند الأُسر، ولهذا لابد من وعي الأفراد بخطورة التساهل مع الخادمات والتعاون الجاد مع الجهات الأمنية والرقابية، فالقضايا التي ترد بهذا الخصوص متكررة، يقع أصحابها ضحايا لما صنعته أيديهم، باستخدام خدم ليسوا على كفالتهم، وهو أمر له الكثير من السلبيات على أفراد المجتمع، ذلك أن استخدام شخص مجهول الهوية والبيانات ومجهول التاريخ الصحي قد يؤدي إلى الإضرار بالأسرة، وارتكابه الكثير من الجرائم من دون معرفة هوية ذلك الخادم، إضافة إلى إمكانية حمل هؤلاء المخالفين لأمراض يمكن نقلها إلى أفراد الأسرة، فاحذروا سلوك هذا الطريق الذي يفاقم مشكلة الخدم وهروبهم في الدول.
ولابد من حفظ الممتلكات الثمينة والمجوهرات في مكان جيد وآمن، خصوصاً في وقت غياب أصحاب المنزل، وعدم ترك كل المسؤولية على الخادمة، ويفضل استخدام الكاميرات وأجهزة الإنذار وعدم إعطائها الصلاحية الكاملة للخروج من المنزل في أي وقت حتى لا تلتقي بأشخاص يمكن أن يؤثروا فيها في التخطيط للسرقة، فهي على معرفة بخارطة المنزل، ولديها معلومات حول أوقات ربة المنزل ومتى تكون متواجدة، أو عودة رب المنزل من العمل، وفي حال خروج العائلة لزيارة الأقارب، أو الترفيه، والخادمة تستطيع أن تعرف مواعيد عودتهم وخروجهم، وبالتالي يسهل عليها في حال تنفيذ ارتكاب الجريمة نقل الأشياء الثمينة خارج المنزل من دون أن يلاحظها أحد.
ويشدد على أن القانون الجنائي هو الحل الأخير الذي يلجأ إليه المجتمع عندما تفشل الحلول الأخرى، لذا الأمر يوجب على صاحب العمل (المخدوم) أن يتخذ الاحتياطيات اللازمة لمنع الخادم من السرقة أو لتعصيب الأمر عليه، فلا يترك له الأشياء الثمينة أمام الخدم من دون وضعها في مكان مغلق.
علاقة متساوية
ويدعو الخبير في الموارد البشيرة مطيع عطا الله إلى علاقة متوازنة بين المخدوم والخادمة تضمن التعامل الجيد واحترام حقوق الخادمة والانتظام في دفع راتبها الشهري وعدم الإخلال به، وتحديد نوع العمل المكلفة به من خلال العقد المتفق عليه بواسطة مراكز تدبير المعنية باستقدام العمالة المساعدة، واحترام الخدم ومعاملتهم معاملة إنسانية له دور مهم في تنمية الحس الأخلاقي وروح العدالة والتواضع لدى الأبناء، ومراقبة الخدم وعدم ترك الأبناء وحدهم معهم، وضرورة احتضان الأم لأبنائها وإبعادهم عن النوم مع الخادمة في غرفتها، لأن ذلك قد يؤدي إلى مشاكل نفسية عميقة، ونجد أن أحد أسباب انتشار جرائم سرقة الخادمات نتيجة لطبيعة المجتمع التي تتطلب الاعتماد على الخادمات في الأسر التي يعمل فيها الزوج والزوجة، حيث تجد الخادمة نفسها حرة داخل المنزل يمكنها أن تفعل أي شيء.
دهاء ومكر
في واقعة أخرى لاحظت ربة منزل تعمل لديها 3 خادمات، اختفاء مبالغ مالية تخصها، إلى جانب عدد من المجوهرات، وقبل يوم من اكتشاف السرقة أبلغتها إحدى الخادمات عن اختفاء 200 درهم تخصها من تحت وسادتها، وأن لديها مبالغ مالية أيضاً سرقت في وقت سابق، وعليه أرسلت ربة المنزل الخادمات إلى منزل والدها، ومن ثم قامت بتفتيش خزانة الخادمة المشتبه فيها وعثرت على 3200 درهم، ومجوهرات عائدة لها عبارة عن خاتم من الذهب، وسوارين، وزوج من الحلق، وخلخال، جميعها كانت مفقودة.
صوت وصورة
قرر مقيم أوروبي اتخاذ إجراء للتحقق من سلوك خادمته، بعد سبع سنوات كاملة عانى خلالها اختفاء مبالغ مالية تخصه، هو وزوجته، من المنزل، فلجأ إلى تركيب كاميرات مراقبة من دون علم الخادمة، ليكتشف أنها تسرقه، وزوجته، بشكل ممنهج، وبلغ إجمالي المبالغ المسروقة التي يذكرها خلال الفترة الأخيرة قبل انكشاف أمرها، نحو 20 ألف درهم، فأبلغ شرطة دبي التي قبضت عليها، وأحالتها إلى النيابة العامة، ومنها إلى محكمة الجنايات بتهمة السرقة.

إجراءات استباقية

يؤكد يونس عبدالله بويرعبة، مدير أحد مراكز تدبير بالشارقة، أن المركز يعمل على تدريب العمالة المساعدة، وتوعية الخادمات بالقانون وتدريبهن وتوفير عمالة منزلية مؤهلة ومدربة تتوافق مع سوق العمل ومتطلبات المتعاملين الذين يريدون مواصفات محددة للعمالة المنزلية، كما يوفر خدمة المقابلة المسبقة للعامل قبل الالتحاق بالعمل، وتدريبه وتهيئته للعمل، وتوفير مركز دعم متخصص لضمان توازن العلاقة بين طرفي العلاقة، كما يوفر المركز سكناً لفئات عمال الخدمة المساعدة، الذين يتم استقدامهم من خلال المركز.
ويوضح أن أفراد فئة العمالة المساعدة يأتون من دول فقيرة وليس كل من يأتي من هذه الدول لديه سلوك السرقة، وهذا سلوك شخصي ليس في الكل، وثانياً إهمال بعض العائلات والثقة الزائدة بالخدم وترك مقتنياتهم الثمينة مثل الذهب والأكسسوارات الثمينة والساعات والحقائب النسائية والمبالغ النقدية في خارج الخزائن الخاصة وجعلها في متناولهم، هي السبب الرئيسي لوقوع جريمة السرقة من قبل الخدم، مشيراً إلى انه في حال قامت إحدى الخادمات بالسرقة وثبت ذلك للشرطة فإن مركز تدبير يقوم بتعويض الشخص واستقدام خادمة أخرى.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"