وداعاً بو خالد

06:11 صباحا
قراءة 3 دقائق
إن لم نمت اليوم سوف نموت غداً، وإن لم نجرب الموت فقد تجرعنا مرارته عن طريق موت عزيز علينا . ليس هدفي إثارة أحزان أو أن أقلب ذكرى موجودة في حنايا القلوب، ليس الهدف إثارة الحسرة في قلوب أذابها الحزن، لكن الهدف هو تبيان أن ليس في هذا الوجود إنسان لم يذق ألم الموت وإن لم نجربه ولا نستطيع أن ننكر أن ألم الحزن على ميت مؤلمٌ أيضاً .
قد يكون الموت أحد الأشياء المشتركة بيننا وإن أختلف الظرف والزمان والمكان .
فقدان شخص عزيز بالوفاة، أمرٌ في غاية الصعوبة على المُقرّبين منه، وبرغم أن الموت هو الحقيقة المُطلقة في هذه الحياة، وأن الموت مصير كل حي، إلا أن مشاعر الحزن والشعور بالفقد قد تكون أحياناً قوية، حسب قرابة الشخص المتوفى من الأشخاص الذين يُعانون مشاعر الحزن والفقد . وعادة ما تكون ردة الفعل الأولى عند المُقرّبين من الشخص المتوفى هو شعور هؤلاء الأقرباء بالإنكار، وعدم التصديق . فهم لا يُصّدقون بأن قريبهم قد توفاه الله، خاصةً إذا كانت الوفاة مفاجئة بلا مرض أو سبب .
أيها الصديق العزيز أبا خالد، نم قرير العين، لقد عانيت كثيراً من شرور هذه الدنيا الفانية، ومساوئ هذا الزمن العربي الرديء، وقسوة ظروفه وأحداثه التي كنت تعاني وتتألم منها كثيراً . لقد فاجأتنا برحيلك بلا وداع كنا بالأمس معك واليوم نحن جميعاً من دونك ولكن ستبقى حياً في قلوبنا نحن أحباءك وأصدقاءك ما دمنا أحياء .
ليس هناك أشد إيلاماً وصدمة على النفس من أن تتلقى في صباح يوم نبأ وفاة صديق ومعلم وأخ عزيز عليك، خاصة إذا كنت قد عاشرته منذ سنين طويله وبقي وفياً صادقاً لهذه الصداقة الحميمة إلى آخر لحظة من حياته .
نحن إذاً من يجزع لأن الراحلين انطفأت شموعهم في حياتنا، ولأن رحيلهم إعلان كبير بأن قطار العمر ماض، والأيام حبلى والقدر محتوم . . وللموت جلال أيها الباقون .
سأرثيك أبا خالد لعل الرثاء يخفف ألمي، صحيح أن الموت هو نهاية رحلتنا في الحياة ولا بد أنه ملاقينا يوماً ما إن عاجلاً أم آجلاً، ولكن في جميع الأحوال فالموت يتسلل إلينا خلسة ويختطف منا أعزاءنا واحداً بعد الآخر ومن دون إنذار .
كنت أيها الصديق تزرع الأمل لغد عربي مشرق دائماً في محفلك الثقافي، فينمو في قلوب قرائك وأصدقائك ومريديك وفي قلوب اقربائك الطيبين! كنت كبيراً في عطائك دقيقاً في تعاملك مع الآخرين . صريحاً وجريئاً في طرحك الوطني والعروبي، متسامحاً كريماً مع الجميع ، عطوفاً حنوناً مسايراً وملاطفاً، فأحبك الجميع وبادلتهم حباً بحب واحتراماً باحترام وهكذا كنت يا أبا خالد ولم تتوان يوماً عن القيام بمسؤولياتك الوطنية الجسام، ولم تفرّط في صداقة صديق! كنت تؤمن بأن الصدق والمكاشفة في كل تعامل سوف يكسبك صداقتهم وهذا ما كان .
كنت أيها الصديق قريباً من قلوبنا جميعاً . ولذلك ليس من قبيل الصدفة أن صورتك غادرت عيوننا إلى قلوبنا لتستقر هناك!
لذلك لن تبعد رحلتك عنا، بل ستبقى دائماً ذكراك عطرة في قلوبنا ما حيينا لأنك استحققت كل هذا الحب .
فقد كنت عظيما في حياتك وانت اليوم عظيم بعد مماتك! فطوبى لك ايها الوطني الخالد . . أبا خالد حيث اجتمعنا اليوم لوداعك لقاء في يليق بمكانتك في قلوبنا جميعاً .
رحمك الله رحمة واسعة وألهم الجميع والعائلة الكريمة الصبر والسلوان، ونم قرير العين وفي نعيم الآخرة، لأنك أهل لهذا النعيم، سنفتقدك ايها العزيز دائماً، سنفتقدك في أعيادنا واحتفالاتنا وشتى مناسباتنا الوطنية والثقافية والفكرية . وستبقى تلك النخلة الخالدة في أرضنا تعطي ثمارها وظلها للجميع . . وداعاً أبا خالد .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"

مقالات أخرى للكاتب