«غباء» التوصيل

03:55 صباحا
قراءة دقيقتين
جمال الدويري

أكبر عقبة تواجه الشراء عبر مواقع التواصل أو ما يُعرف بتجارة «الأون لاين»، التي أصبح لها صفحات ومواقع كثيرة تزور المستهلكين؛ من خلال صفحاتهم في «فيسبوك» و«تويتر» و«إنستجرام»؛ هي شركات توصيل هذه المشتريات، التي باتت تشكل هماً كبيراً لكل من يقصد هذه المواقع؛ لشراء حاجة.
بعض شركات التوصيل السريع، أصبحت شركات تنفر المشتري؛ بسبب عملية توصيل الطلبات؛ لابتكارها فنوناً جديدة، لتوصيل طلبية قد تأخذ في بعض الحالات شهراً كاملاً داخل الإمارة نفسها؛ وذلك حسب جدول أعمال السائق، الذي باتت الشركات تطلب منك مواءمة وقت عملك، أو مكان وجودك في مكان التوصيل، مع الأوقات التي يسمح بها وقت السائق، وليس العكس.
بعض شركات التوصيل أبدع رؤساؤها التنفيذيون في الاستفادة من موجة الذكاء الاصطناعي أو الخدمات الإلكترونية، ولكن كانت الاستفادة هذه «غبية»، ولا تخدم الجمهور، وتقوم فكرتها على تشغيل جهاز آلي يتصل بمن لهم طلبيات في اليوم عشرات المرات، وفق جدول زمني يحدده البرنامج، ويطلب إلى العميل انتظاراً على الخط قد يمتد 10 دقائق؛ ليحول المكالمة إلى موظف خدمة العملاء في الشركة، لأخذ عنوان العميل، وترتيب أوقات عمله بحسب مواعيد السائق؛ لأجل توصيل الطلبية.
الأصل في شركات التوصيل، أن يتصل موظفها على «طالب الخدمة»، ويعاود الاتصال به، إذا كان مشغولاً، لا توظيف برنامج اتصال آلي «يمطره» يومياً بأكثر من 10 مكالمات؛ لأجل توصيل زجاجة عطر، قد تكون في نهاية المطاف «مغشوشة».
وما يزيد الطين بلة، أنه في كل مكالمة هاتفية تصل إليك من الشركة في حال كان لديك وقت وقدرة على تحمل الانتظار، حتى يرد عليك موظف الشركة المحترم، يتبين لك أنه موظف آخر غير الذي اتصل أولاً، ويبدأ بتوجيه الأسئلة إليك من الصفر، ولا يستفيد من قاعدة المعلومات، التي أخذها زميله السابق، وفي كل مكالمة هناك سيل من الأسئلة عليك أن تجيب عنها.
أطرف ما في عملية إدارة هذه الشركات، أن طلبية من بنك؛ لتجديد بطاقة ائتمانية قد تأخذ شهراً كاملاً، حتى تصل إليك (حسب مواعيد سائق التوصيل)، علماً بأن فرع البنك، الذي أصدر البطاقة لا يبعد سوى مئات الأمتار عن مقر سكنك.
شركات التوصيل التي «تعذّب الناس» معظمها أجنبية، ولها طريقة عمل وبرمجة تتبع عقلية أصحابها ومديريها، وتدار بطريقة معقدة جداً، ولا شك أن الاستثمار في هذا القطاع، بطريقة ذكية تلائم الناس وطبيعتهم، سيكون مصيره النجاح؛ إذا ما أحسنت إدارته، وإلا فإن بقاء هذا الشركات العالمية ذات التاريخ الطويل في السوق، ينذر بفشل تجارة «الأون لاين»، بما أنه يصرّ على إدارة توصيل الطلبات بهذه الطريقة المعقدة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"