عادي
شاركت في التجارب السريرية وأطلقت أجهزة تنفس وفحص

جامعات إماراتية تستنفر في مواجهة «كورونا»

23:32 مساء
قراءة 8 دقائق
7
7
7

تحقيق: راشد النعيمي

منذ الإعلان عن تسجيل أولى حالات فيروس «كورونا» في الإمارات وبدء التلاحم الحكومي المجتمعي لمواجهة هذا الوباء والحد من تأثيراته وتطبيق أفضل وأحدث الممارسات للتعامل معه، أدت مؤسسات التعليم العالي في الدولة دوراً محورياً في هذا الجهد، اعتماداً على إمكاناتها العلمية والبحثية ومختبراتها الابتكارية التي جندت طاقاتها، للتوصل إلى حلول عبر دراسة المرض وفهم أبعاده، حرصاً على ازدهار المجتمع، عبر بحوث عالية الجودة، بالتكنولوجيا والتقنيات المتطورة، لتقديم حلول مبتكرة للتحديات التي تواجه الدولة والمنطقة والعالم، وظهرت بوضوح خلال الأزمة.
كان حصيلة هذا العمل إنجازات علمية كشفت عنها جامعات الدولة ومؤسساتها البحثية، وشراكات فاعلة مع الجهات الصحية والمجتمعية، لإيجاد تفسيرات تواكب الجهد العالمي المبذول في هذا الشأن، وتقديم معلومات ونتائج يستفاد منها واقعياً خاصة خلال التحديات التي برزت في بداية الجائحة، بالنقص الكبير في المستلزمات الطبية الخاصة بالتعامل مع المرض ونظم إدارة الأزمة.
اللقاح الروسي
وأعلنت جامعة الإمارات، مشاركتها في التجارب السريرية للقاح معهد «غاماليا» الفيدرالي لأبحاث الأوبئة وعلم الأحياء الدقيقة، في جمهورية روسيا الاتحادية ضد الفيروس، وهو أول لقاح مسجل قائم على الفيروسات الغدية في العالم. يشارك في المرحلة الثالثة من هذه التجارب في روسيا حالياً 40 ألف متطوع، حيث أظهرت النتائج نسبة فاعلية تصل إلى 92٪ بعد الجرعة الثانية.
وكانت بعض الدول قد شاركت في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح الروسي، من بينها دولة الإمارات، التي تشهد حتى الآن تجارب على 500 متطوع تحت إشراف الدكتور أحمد الحمادي، استشاري الأمراض المعدية في مستشفى توام، وبدعم من الدكتور باسل الرمادي، أستاذ طب المناعة، ورئيس قسم الأحياء الدقيقة والمناعة بكلية الطب والعلوم الصحية في جامعة الإمارات، حيث تتولى شركة «بيور هيلث» إجراء الدراسة في مدينة العين.
نظام تنبّؤ
وتمكنت الباحثة الدكتورة ليلى إسماعيل، الأستاذة المشاركة بقسم علوم الحاسوب وهندسة البرمجيات، بكلية تقنية المعلومات في جامعة الإمارات، ومؤسسة «مختبر أنظمة الحوسبة الموزعة الذكية»، من تطوير نموذج يساهم في معرفة مدى انتشار فيروس «كورونا» بالذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، يمثل خطوة أولى لصناع القرار في فهم العواقب المترتبة على انتشار الفيروس، حيث نشرت نتائج البحث، بعد استكمال تجاربه المخبرية ونتائج البيانات الواردة من 187 دولة.
وأشارت إلى أن التنبّؤ بالكيفية التي سينتشر بها المرض وعدد المصابين، يعدّ أمراً ضرورياً لعملية التخطيط في الرعاية الصحية، وتحديد المتطلبات اللازمة، ولتقييم أثر أي إجراء يتخذ، حيث تتفاوت دول العالم في استجابتها لفيروس «كورونا»، وفقاً لمدى التقدم التكنولوجي ووفرة المصادر والقوى البشرية، حيث يعتمد النموذج على التنبّؤ بانتشار الأمراض المعدية، ما يساعد على توقيت إنهاء العزل الاجتماعي، وتحديد عدد وحدات العناية المركزة، ويعدل النموذج النتائج، بحسب البيانات المدخلة وتمثل إمكانيات الدولة التي يطبّق النظام عليها.
الصحة العقلية وجودة الحياة
وأجرى فريق بحثي علمي من جامعة الإمارات، وجامعة الشارقة وجامعات ومنظمات عالمية دراسة علمية عن تأثير فيروس «كورونا» في الصحة العقلية ونوعية الحياة لدى سكان دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ودولة الإمارات.
وذكرت الدكتورة عائشة الظاهري، رئيسة الفريق البحثي، ووكيلة كلية الأغذية والزراعة بجامعة الإمارات، أن الدراسة شملت 9068 بالغاً من «الإمارات، والسعودية، والجزائر، ومملكة البحرين، ومصر، والعراق، والأردن، والكويت، ولبنان، وليبيا، والمغرب، وعمان، وفلسطين، والسودان، وسوريا، وتونس، واليمن». حيث أكمل المشاركون استبانة عن التأثيرات السلبية لوباء «كورونا» في الصحة العقلية، وتأثيره في الدعم الاجتماعي والأسري ونمط الحياة أيضاً. حيث وزّع الاستمارة إلكترونياً، عبر وسائل التواصل، رافقتها دراسة موسعة أخرى خاصة بدولة الإمارات، شارك فيها 4426 بالغاً.
وأشارت إلى أن تأثير الفيروس في مستوى التوتر كان حاداً لدى 30.9% من المشاركين، ومعتدلاً لدى9.0%، وخفيفاً لدى 22.3%. أما في دولة الإمارات، فقد كان تأثيره في مستوى التوتر حاداً لدى 27.3% ومعتدلاً لدى 8.4%، وخفيفاً عند 22.6%.
صناعات محلية
في إطار حرص جامعة الإمارات على إيجاد حلول علمية ومبتكرة للمساهمة في مكافحة الجائحة، أطلق منتزه الجامعة للعلوم والابتكار مبادرة «صناع ضد كوفيد 19»، وأشارت الدكتورة نهال شبراك، المديرة التنفيذية للمنتزه، إلى أن المبادرة جاءت لتؤكد دور الجامعة في دعم القطاع الطبي، في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم في مواجهة هذا الوباء، وتهدف إلى تشجيع أعضاء الهيئة التدريسية والطلبة على الابتكار العلمي والعملي في مجتمع الصناعة لدعم جهود الدولة في مكافحه انتشار الفيروس، والسيطرة عليه.
وأضافت أنه نظراً لنقص إمدادات معدات الحماية الشخصية، فإن حياة العاملين في المجال الصحي والعاملين في خط الدفاع الأول ضد هذا الفيروس في جميع أنحاء العالم، معرضون للخطر، قام فريق عمل من المبدعين والمهندسين والمبتكرين ورواد الأعمال والطلبة في المنتزه بجهود حثيثة يسابقون الزمن فيها لابتكار أجهزة ومعدات باستخدام تقنيات الطباعة الثلاثية. كما لفتت إلى أن الجامعة تنسق حالياً مع الهيئة الوطنية لإدارة الأزمات والطوارئ، ووزارة الصحة، لتسليمهما الأقنعة المجهزة في مختبراتها، والعمل على تطوير الإنتاج.
انتشار «كورونا»
وكان مشروع النمذجة الرياضية لديناميكية انتشار الوباء، من جامعة الإمارات ودائرة الصحة في أبوظبي الذي نال بجائزة الابتكار من أهم الجهود العلمية في التصدي ل«كورونا»، حيث ابتكرت الجامعة، بالتعاون مع صحة أبوظبي، المشروع، وهو نموذج حاسوبي رياضي لتحليل توقعات انتشار الوباء، وتقديم تصورات عن تطوره على المديين القصير والبعيد، وقد ساهم هذا الابتكار في تحديد الاحتياجات المستقبلية بدقة، بما يوفره من معلومات، ما أسهم في تسهيل وضع الخطط الاستباقية للتصدي للجائحة.
جهاز محمول
كما طور فريق بحثي من «جامعة خليفة» جهازاً محمولاً لإجراء فحص فيروس «كورونا» بحجم الهاتف الذكي، ويمكن نقله من مكان إلى آخر بسهولة، ويتميز بفاعليته وسرعته في الحصول على النتيجة في مدة لا تتجاوز 45 دقيقة.
وأشرف على المشروع الدكتور أنس العزام، الأستاذ المشارك في الهندسة الميكانيكية والعضو في مركز الأنظمة الدقيقة، بمشاركة الدكتورة حبيبة الصفار، مديرة مركز جامعة خليفة للتكنولوجيا الحيوية، والأستاذة المشاركة في الأحياء الجزيئية وعلم الوراثة، كما ضم الفريق: وقاص وحيد وسويدا سيلان، إلى جانب الباحث المشارك حسين كنوت.
ويمتاز الجهاز ببساطته، حيث يرصد الفيروس من المسحة المأخوذة من المراد فحصه مباشرة. كما يشير تغير لون العينة إلى النتيجة؛ فالوردي يدل على أن النتيجة سلبية، والأصفر إيجابية. كما يحظى الجهاز المبتكر الذي يخضع في الوقت الحالي لمرحلة التحقق في المرحلة الطبية، بقدرته على كشف الفيروس خلال 45 دقيقة، ما يؤهله لإجراء الفحوص السريعة بأقل كلفة.
بيولوجية الفيروس
وأعلنت جامعة خليفة، بالتعاون مع «صحة أبوظبي»، و«صحة دبي»، وجامعة الشارقة، وجامعة الإمارات، قيام فريق مشترك من العلماء والأطباء بمشاريع بحثية تهدف إلى تحقيق الفهم الأفضل لطريقة انتشار فيروس «كوفيد  19» وأثره في المجتمع، لتمكين صناع القرار في الدولة من تطوير الاستراتيجيات التي تحد من آثار الفيروس، على جودة الحياة واقتصاد الدولة.
وقالت الدكتورة حبيبة الصفار «في المتوسط، يستغرق ظهور الأعراض بين خمسة أيام وستة، ويمكن للذين يعانون أعراضاً خفيفة الاعتناء بأنفسهم في المنزل بشكل عام. وعلى الرغم من ذلك، وبالنسبة للمرضى الذين يعانون مشكلات صحية أخرى، يمكن أن تكون العدوى قاتلة؛ ما دفع فريقنا إلى تحديد كيف تصبح الجينات والبروتينات الأخرى عاملاً يفسر سبب عدم شعور بعض المرضى بأية أعراض، في حين يستجيب بعضهم الآخر بشكل سيئ للعدوى».
ويجري فريق العلماء مجموعة من المشاريع تفسر أسباب استجابة بعض الأشخاص للفيروس بطريقة أخطر من غيرهم، وطريقة الإصابة به، حيث يحاول الباحثون من مختلف التخصصات فهم طبيعة الجهاز المناعي والفروق في طرق الاستجابة، ودور ذلك في تفسير الاختلافات في شدة المرض بين الأفراد، كما يدرسون الجينات البشرية والبروتينات التي تبين قابلية بعض المرضى لإظهار أعراض الإصابة أو عدم إظهارها.
كمامة وجواز رقمي
ونجح فريق بحثي من جامعة خليفة في تطوير أول نموذج فعال ل«نافا ماسك»، وهي كمامة جديدة مضادة للفيروسات وصديقة للبيئة، طوروها من مواد بيولوجية وألياف نانوية تمنحها خصائص مضادة للميكروبات ذات فاعلية. وقد سجل الباحثون براءة اختراع عن تلك المواد. كما طور باحثون من جامعة «خليفة» جواز سفر رقمياً يمكن أن يسهم في السيطرة على انتشار الفيروس.
تسطيح المنحنى
أجرى فريق من علماء الرياضيات والاقتصاد، من جامعة نيويورك أبوظبي، دراسة عن كيفية الموازنة بين الحاجة إلى تسطيح منحنى انتشار فيروس «كورونا»، وخفض مستويات تفشيه، مع محاولة الحد من تكبد الاقتصادات للأضرار الطويلة الأمد، التي يحتمل أن تستمر بشكل دائم، حيث طور الفريق نموذجاً رياضياً، يمكن أن يوفر لصنّاع السياسات الذين يبحثون عن أفضل نهج لتقييم التكاليف البشرية والاقتصادية للتدابير الاحترازية المتخذة لاحتواء الوباء.
وتمكن باحثون من برنامج الأحياء ومركز علوم الجينوم والأنظمة الحيوية في جامعة نيويورك أبوظبي، من تطبيق نهج جديد لتشخيص الفيروس، يتألف من ثلاث مراحل تقنية، تسهم في تحسين دقة الاختبار بشكل كبير وزيادة فاعليته من حيث التكلفة.
وطبق باحثو الجامعة تحت إشراف أستاذة علم الأحياء في جامعتي نيويورك، ونيويورك أبوظبي، كريستين غونسالوس، والأستاذ المساعد في علم الأحياء بجامعة نيويورك أبوظبي يوسف إدغضور، نهج النسخ العكسي «اختصاراً RT-PCR» ونسخ عدد كبير من جزيئات الفيروس قبل إجراء اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل الكمي «اختصاراً q-PCR» باستخدام رقاقة حيوية تعتمد على تقنية النانو، بدلاً من الجمع بين هذه المراحل في أنبوب مختبري عادي.
تسلسل الجينيوم 
أعلن «مركز التحكم والسيطرة لمكافحة فيروس كورونا» عن تسجيل تسلسل الجينوم الخاص بفيروس «كورونا» في كشفٍ طبي هو الأول من نوعه في دولة الإمارات، وسجّل هذا التسلسل بنجاح من مريض في دبي، من باحثين في جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية.
ويعد هذا الاكتشاف ركيزة أساسية تدعم الجهود الرامية إلى تحقيق مستويات متقدمة في التعامل مع المرضى، وإيجاد أفضل السبل الممكنة لعلاجهم بتوفير فهم معمق ومبني على أسس علمية لانتقال الوباء وكيفية تطوره وانتشاره، ويسهم في تحقيق رؤية مركز التحكم والسيطرة لمكافحة الفيروس الذي أطلقه سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي، والرامية إلى ضمان توافق عمل مؤسسات الرعاية الصحية لمعالجة تفشي الفيروس.


انخفاض الإنفاق

أكد فريق بحثي من جامعة الإمارات أن النتائج الأولية للبحث أشارت إلى أنه كان هناك انخفاض ملحوظ في الإنفاق على وقود السيارات والمطاعم والفنادق والمقاهي، في مقابل ذلك شهد التسوق عبر الإنترنت والتسوق من البقالات ارتفاعاً كبيراً في الإنفاق.
وأوضحت الدراسة الأولية أنه من حيث التفاعل الاجتماعي، فإن نسبة، 80% من المستطلعين قللوا من الزيارات للعوائل والأصدقاء، ونسبة 78% يشعرون بالقلق من زيارة المستشفيات والعيادات، حتى لو أنهم يشعرون بالمرض. ومن ناحية أخرى شهد الترابط والتقارب بين أفراد الأسرة زيادة ملحوظة، حيث زادت مشاركة الأطفال أسرهم بإعداد الوجبات في المنازل وزاد التلاحم الأسري بين الأسر. ويمكن الاختصار بالقول إن جائحة «كورونا» كان لها تأثير اجتماعي واقتصادي كبير في مجتمع دولة الإمارات.


تشخيص بالأشعة في جامعة الشارقة

نال بحث «تشخيص مرض كوفيد-19 عن طريق الأشعة المقطعية باستخدام الذكاء الاصطناعي» للطالبين حذيفة الرفاعي، ومريم عرابي، من كلية الحوسبة والمعلوماتية بجامعة الشارقة، تخصص علوم الحاسوب اهتماماً من حيث فكرة تشخيص مرض كوفيد-19، والأمراض المتعلقة بالجهاز التنفسي في الوقت نفسه، عن طريق الأشعة المقطعية باستخدام الذكاء الاصطناعي. واستخدمت نماذج لصور الأشعة المقطعية للمرضى والأصحاء لتدريب نظام الذكاء الاصطناعي ومعرفة مدى فاعليته للكشف عن مرض كوفيد-19، ما يميز هذا البحث هو أن نتيجة الفحص سريعة وتظهر النتائج في الوقت نفسه، وأنها غير مكلفة للمريض. وكانت جامعة الشارقة داعمة للفكرة، حيث إنها وفرت مختبراتها للتجارب التي عمل عليها الفريق البحثي، وسيكون المستفيدون من هذا الابتكار إذا طبق، المجتمع بشكل عام والمستشفيات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"