عادي

العالـم يتحصـن بمليار جرعـة ضـد «كورونـا»

21:59 مساء
قراءة 4 دقائق
لقاح كورونا

باريس - أ ف ب
في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، رفعت مارجريت كينان البريطانية التسعينية، كمّ قميصها وتلقت أول جرعة من لقاح مضاد لفيروس كورونا، وبعد خمسة أشهر على أول عملية تلقيح في الدول الغربية، سجل إعطاء مليار جرعة من اللقاحات المضادة للجائحة حول العالم.
وتساهم اللقاحات الـ12 التي تمّ تطويرها بالكاد خلال عام، في إخراج الدول الأفضل حالاً من كابوس الوباء. ولا يزال ينبغي تأكيد هذا الانتصار المرحلي على الوباء الذي أودى بحياة ثلاثة ملايين شخص وشلّ العالم، مقابل النسخ المتحوّرة الجديدة من منه التي لم تُعرف بعد بالتحديد درجة مقاومتها للقاحات، وكذلك في مواجهة التفاوت في توزيع الجرعات بين الدول الغنية والفقيرة، الأمر الذي يُفسد حتى فكرة تشكل مناعة جماعية.
ومنذ تلقت مارجريت اللقاح، يكشف ملايين الأشخاص عن أكتافهم للحصول على الحقنة الثمينة على أمل لقاء أقاربهم مجدداً، واستئناف نشاطهم والخروج والسفر، آملين ببساطة العودة إلى الحياة.
وفي فبراير/ شباط الماضي، قال لازلو سيرفاك البالغ 75 عاماً أثناء انتظار دوره في مركز تلقيح في بودابست،:«جئت إلى هنا لاستعادة حياتي ما قبل كوفيد».
وبعد عدة انتكاسات بشأن أحجام الحقن والبرادات لحفظ جرعات لقاحي «فايرز/بايونتيك» و«موديرنا» اللذين يستخدمان تقنية الحمض النووي الريبي نفسها، انطلقت عجلة التطعيم، وباتت الآن تسير بسرعة البرق.
في الملاعب والكنائس والمدارس والصيدليات، يجري التطعيم في كل مكان وزمان وبكثافة. وفي تكساس، تنتظر ماري دونيجام دورها في سيارة ابنتها في موقف للسيارات. وتقول من نافذة السيارة المفتوحة ساخرة: «عمري 89 عاماً ونصف العام، ولا أريد أن أموت وأنا ما زلت شابة!».
من جهتها، تحتفل إسرائيل باستعادتها حريّتها في الباحات الخارجية للمقاهي. ومقابل الحصول السريع على ملايين الجرعات، قدّمت البلاد لشركة «فايزر» البيانات الطبية لتأثير اللقاح على سكانها: فمنذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تلقى 80% من الإسرائيليين الذين تفوق أعمارهم 20 عاماً، الجرعتين وباتت البلاد تسمح بعدم وضع الكمامات في الأماكن العامة.
وتتابع الولايات المتحدة عن كثب حملة التلقيح، فبعد أن عاشت العام الماضي جحيم المستشفيات الميدانية في سنترال بارك، فتحت السلطات الاثنين مجال التلقيح لكافة الفئات العمرية. وتلقى نصف الأمريكيين جرعة واحدة على الأقل.
ويعادل أداء الولايات المتحدة، أداء المملكة المتحدة، كل بحسب حجمه، مع حقن نصف البريطانيين (32 مليوناً) بجرعة واحد على الأقل.
وعلى سبيل المقارنة، تلقى الاتحاد الأوروبي في الفصل الأول من العام الحالي، 107 ملايين جرعة من كافة اللقاحات المرخصة على أراضيه، لسكان يبلغ عددهم 446 مليون نسمة. وحجّمت رئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين هذا التأخير وأبقت على هدفها وهو «تلقيح 70% من البالغين الأوروبيين بحلول الصيف».
وتعرقلت خطط حملات التلقيح التي وضعها قادة الاتحاد الأوروبي، بسبب صعوبات في الإنتاج أثارت في فبراير/ شباط الماضي غضب بروكسل. إضافة إلى ما أثير حول أعراض جانبية نادرة خلفتها بعض اللقاحات مثل لقاح «جونسون آند جونسون» التي اعتبرت وكالة الأدوية الأوروبية أن منافعه تفوق مخاطره، على غرار لقاح أسترازينيكا.
لكن في وقت تنطلق عجلة الاقتصاد الأمريكي مجدداً وسط ضجة كبيرة، قد يكلف تأخر حملات التلقيح في الاتحاد الأوروبي مع تدابير الإغلاق التي تُفرض مجدداً، 123 مليار يورو للدول الـ27 الأعضاء، بحسب شركة «أويلر هيرميس».
ولا يزال الوصول إلى اللقاحات غير عادل، وفقاً للقارات.
فقد تلقت اليمن وليبيا، أول شحنة لقاحات مؤخراً. ويقول مدير المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها الدكتور جون نكينغاسونغ، إن القارة اليوم «في مأزق».
وتلقت 55 دولة إفريقية 35 مليون جرعة لسكان يُقدّر عددهم بـ1,2 مليار نسمة. ويشير المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبرييسوس، إلى أن نتيجة ذلك هي أن في الدول الغنية هناك شخصاً ملقّحاً من أصل كل أربعة، مقابل شخص واحد ملقّح من أصل كل 500 في دولة فقيرة. ويكلّف هذا التفاوت في توزيع اللقاحات غالياً.
ورغم إنشاء آلية «كوفاكس» التي تديرها منظمة الصحة العالمية، ومن شأنها أن تضمن الوصول العادل إلى اللقاحات، تسببت صعوبات في التمويل في 15إبريل/ نيسان الجاري، بعرقلة عمليات تسليم حوالى 38 مليون جرعة لـ113 بلداً.
وتضامناً مع الشعوب الأشدّ فقراً، أعلنت الناشطة البيئية الشابة جريتا تونبرج، أنها ترفض تلقي اللقاح، وقدّمت مئة ألف يورو لآلية «كوفاكس».
وتبذل الصين وروسيا من جهتهما، جهوداً على صعيد «دبلوماسية اللقاحات»، النسخة الجديدة من «القوة الناعمة» عبر الحقن. وتكثّف بكين وهي في الخط الأمامي، إعلاناتها عن تقديم هبات، وجعلت من صربيا بطلة التلقيح ضد كوفيد-19 في أوروبا! لكن لم يعد يراهن أحد على «مناعة جماعية» بحلول نهاية العام. ففي وقت يعود سكان كاليفورنيا إلى المتنزهات، ينشط عمال أكبر مقبرة في ساو باولو في البرازيل ليل نهار لمواراة الضحايا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"