ترامب نحو ولاية ثانية

05:08 صباحا
قراءة 3 دقائق
حسام ميرو

كان من المتوقع ألا يتم عزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فمجلس الشيوخ يسيطر عليه الجمهوريون، حيث إن عزل أي رئيس أمريكي غير ممكن من دون مصادقة مجلس الشيوخ، ومع ذلك، فإن الحزب الديمقراطي سعى إلى إثارة قضية تبدو من حيث النتائج خاسرة، حيث إن أسباب المطالبة بالعزل كانت محصورة في ما يسمى «إساءة استخدام السلطات»، وهذه المسألة بالنسبة إلى المواطن الأمريكي العادي ليست قضية أساسية، فعينه على مكان آخر، وهو اقتصاد أمريكا، وانعكاسه على بيئة الأعمال، والوظائف.
وصل الرئيس دونالد ترامب إلى الحكم بعد أن فاز على 16 مرشحاً من حزبه، ومن ثم فاز على الديمقراطية المخضرمة هيلاري كلنتون، فيما عرف بأنه مفاجأة مدوية، ومنذ البداية حاول الديمقراطيون عرقلة عمل الرئيس، والتشويش على سمعته، وجمع أدلة لإدانته، كما انتقد الديمقراطيون آليات عمله، وإقالته لوزراء ومسؤولين وكبار موظفين، واستخدامه «تويتر» في طرح مواقفه تجاه قضايا كبرى، لكن كل تلك المحاولات لم تؤت ثمارها المرجوّة، وواصل الرئيس عمله، وحروبه الخارجية على أكثر من صعيد، معولاً على سياسة هجومية، بدلاً من الانكفاء كما في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما.
استطلاع الرأي الأخير الذي أجراه مؤخراً «معهد جالوب» الشهير، ونُشر قبل ساعات من خطاب الاتحاد الذي ألقاه ترامب، أظهر أن 49% من الأمريكيين يؤيدونه، وهي أعلى نسبة تأييد يحظى بها منذ عام 2017، وتعدّ هذه النسبة المرتفعة ذات دالات متعددة، في مقدمتها عدم وجود بدائل يقدمها الديمقراطيون، وهو ما ظهر جلياً في المؤتمر التحضيري الذي عقده الحزب الديمقراطي في ولاية أيوا، في مطلع الشهر الجاري، حيث غابت عن خطب المرشحين أية توجهات استراتيجية في ما يخص القضايا الرئيسية في داخل أمريكا، وخارجها، بل إن جلّ الكلمات ركزت على مهاجمة الرئيس ترامب.
وإذا كان ترامب خاض حملته الانتخابية التي أوصلته للرئاسة في عام 2016 تحت عنوان لافت وشعبوي هو «أمريكا أولاً»، فإنه أراد في خطاب الاتحاد أن يركز على أنه تمكن فعلياً، وبالأرقام، من إعادة أمريكا إلى الصدارة، فخطاب الاتحاد هذه السنة مصيري بالنسبة إلى الرئيس ترامب، لأنه يأتي بمثابة بيان انتخابي، وجردة حساب، قبل الانتخابات الرئاسية في الثالث من نوفمبر/‏ تشرين الثاني من هذا العام، ولهذا، فقد ركّز ترامب على النجاحات الاقتصادية التي حققها، وجميعها تصبّ في مصلحة الاقتصاد الأمريكي.
وفي السنوات الثلاث الماضية من عمر الرئاسة الأمريكية، استعاد ترامب الروح القتالية الأمريكية، لكن هذه المرّة ليس في ميدان المعارك العسكرية، بل في ميدان الاقتصاد والأعمال، وأظهر شراسة، وعناداً في مواجهة الصين، عبر فرض نسبة أعلى من التعرفة الجمركية على بضائعها، ما جعلها تتكبّد خسائر كبيرة، والقبول في نهاية المطاف بإبرام اتفاقيات تجارية جديدة مع واشنطن، تصب في مصلحة الأخيرة، والأمر نفسهه مضى فيه ترامب مع حلفائه الأوروبيين، حيث رفع التعرفة الجمركية على الحديد والصلب، كما أنه يستمر في ممارسة ضغوط متزايدة بشأن حصتهم من الإنفاق في حلف الناتو.
وفي مجال السياسة الخارجية، أحدث ترامب انقلاباً مفاجئاً على الاتفاق الذي كان أبرمه سلفه الرئيس أوباما مع طهران، بشأن ملفها النووي، واتّخذ خطوة ميدانية خطيرة، في إعطائه الأمر باغتيال رئيس فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، مع زيادة العقوبات الاقتصادية على صادرات النفط الإيراني.
وفي ظل غياب برنامج واضح للديمقراطيين، وعدم وجود شخصية كاريزمية بين صفوفهم، وانكفاء البرامج الانتخابية نحو قضايا اجتماعية، من دون خطط وآليات واضحة، ومع قدرة ترامب على تجاوز إجراءات العزل، وزيادة شعبيته، في ضوء الأداء الجيد للاقتصاد الأمريكي، على خلاف ما يحدث في أماكن أخرى من العالم، فإن حظوظ ترامب للاستمرار في ولاية ثانية تبدو قوية.


[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"