ليبيا تتهيأ للحل

02:38 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

على غير العادة السائدة في السنوات الماضية، بدأ منسوب الأمل يرتفع في ليبيا مع تصاعد الحديث من مسؤولين محليين ودوليين عن قرب التوصل إلى تسوية للأزمة، قبل أيام من الْتئام الملتقى الوطني الجامع منتصف هذا الشهر، وهو الحدث الذي أصبح موضع رهان على أمل رسم خطة عملية للمصالحة الوطنية تنهي الفوضى المدمرة، وتضع أسس عهد جديد مختلف عما سبق.
على المستوى الشعبي هناك حالة تفاؤل يعبر عنها الليبيون من أرجاء البلاد عبر وسائط التواصل الاجتماعي والإعلام. كما تتجه غالبية النخب إلى تبني رؤية واقعية تستوعب متطلبات المرحلة، على الرغم من وجود بعض الأطراف التي يساورها الشك أو تخشى من فقدان امتيازاتها لأسباب عديدة، منها طغيان انعدام الثقة بين أطراف الأزمة طوال الفترة الماضية، وتراكم فشل المبادرات والخطط الدولية العديدة، فضلاً عن تضارب مصالح المتدخلين الإقليميين والدوليين. ولكن هذه المرة يبدو أن الخلافات خفت نسبياً، خصوصاً بعد اجتماع اللجنة الرباعية الدولية على هامش القمة العربية الأخيرة في تونس، فقد قال المبعوث الأممي غسان سلامة أن الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي «أجمعوا على تبني توصيات ملتقى غدامس»، مما يعني أن كل المجتمع الدولي ملتزم بالعمل على إنهاء الأزمة الليبية، وهو موقف لم يكن موحداً قبل أشهر، فمثلًا لم يلعب الاتحاد الإفريقي دوره كاملًا بسبب هيمنة التدخلات الغربية والصراعات المعلنة، بين فرنسا وإيطاليا على الخصوص، وهو ما انعكس احتقاناً شديداً بين أطراف الأزمة.
ملتقى غدامس، الذي يفترض أن ينعقد في موعده، لن تختلف توصياته عما توصلت إليه المؤتمرات السابقة، فالوصفة جاهزة وتتعلق بتوحيد التفكير في حكومة انتقالية تسهر على حماية مؤسسات الدولة والإشراف على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وحل الميليشيات ومكافحة الإرهاب، وهذه السلة من الأهداف تتطلب العزم على العمل أكثر من إبداء النوايا. والتوصيات المتوقعة يجب أن تجد طريقها إلى التنفيذ في أقرب وقت، دون إغفال أن كثيراً من التحديات ستظهر في وقتها، فمخرجات الملتقى الوطني يجب أن تحصل على ثقة مجلس النواب الحالي المقيم في شرق البلاد. ومن غير المستبعد أن تكون المواقف متباينة حول الاتفاقيات، وهو ما يهدد ببروز انقسامات قد تطول.
كل المؤشرات تؤكد أن ليبيا تتهيأ للحل، والواضح أن الأمم المتحدة تتجند بقوة لإحداث اختراق فعلي، فبعد اجتماع تونس، سيعاود الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريس لقاء الفرقاء السياسيين لتأمين نجاح ملتقى غدامس. أما المسؤولية الأكبر، فتقع على القوى الدولية الضامنة لتعمل على تحقيق وحدة الليبيين لا البحث عن المصالح الفردية، فقد تبين من تجربة سنوات الفوضى أن الجميع، بلا استثناء، خاسرون، بعدما أصبحت ليبيا مصدر تهديد للاستقرار ومنصة للإرهاب والجريمة المنظمة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"