تخليد «الهولوكست» وتجاهل الفاشية

03:34 صباحا
قراءة 3 دقائق
حافظ البرغوثي

انتقد رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو القناة 13 «الإسرائيلية»؛ لعرضها تحقيقاً في خضم الحملة الانتخابية حول إحراق الطفل الفلسطيني محمد أبوخضير من قبل مستوطنين قبل سنوات، وفي الوقت نفسه بيّن المركز العربي للحريات الإعلامية والتنمية والبحوث في تقرير كمي رصد خطاب التحريض والعنصرية في الإعلام «الإسرائيلي»، ضد كافة شرائح المجتمع الفلسطيني، أن المنصة التي تشهد أكثر حالات التحريض على الفلسطينيين، هي شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك بنسبة 31 في المئة.
وقال المركز إن بحثه تضمّن رصداً للصحافة المكتوبة، والمرئية، والمسموعة، إضافة إلى تعقب صفحات سياسيّين وإعلاميين «إسرائيليين» في مواقع التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أن مدة البحث امتدت لنصف عام، بدأت في شهر يناير/كانون الثاني من عام 2019، حتى
يونيو/حزيران الأخير، ورصد 452 مقالاً وخبراً وخطاباً محرّضاً و/أو عنصرياً ضد الفلسطينيين.
وبيّن المركز أن صحيفة «يسرائيل هيوم» تأتي في المرتبة الثانية، بنسبة تحريض تصل إلى13في المئة، تليها صحيفة «معاريف» بواقع 8 في المئة وصحيفة «يديعوت أحرونوت» وشبكة «تويتر» بنسبة 7 في المئة لكل منهما.
وأظهرت نتائج البحث، أن أسلوب التحريض الأكثر اتباعاً في الإعلام «الإسرائيلي» هو نزع الشرعية عن الفلسطيني بنسبة 74 في المئة، يليه استخدام خطاب العنصرية بنسبة 64 في المئة.
واستُعملت الشيطَنة والتعميم، بنسبة 55 في المئة، والفوقية العرقية بنسبة 43 في المئة، وشرعنة العقوبات الجماعية واستخدام القوة بنسبة 14 في المئة.
وذكر المركز أن العديد من الصحافيين «الإسرائيليين» (يميلون) لتصوير الاحتلال والمجتمع «الإسرائيلي» بدور الضحية، في واقع الصراع الموجود، وقد تم استعمال هذا الخطاب بنسبة 28 في المئة.
وبدأت القناة «الإسرائيلية» الثامنة هذا الأسبوع في بث مسلسل بعنوان: «كراهية حتى الموت» يظهر كيف تحولت دعوة «الموت للعرب» من صرخة كانت تسمع في الهامش إلى أيديولوجية سائدة في كل مكان في «إسرائيل».
وينقل المسلسل أقوال عالم الاجتماع اليهودي العراقي الأصل سامي سموحة، الذي يتابع منذ سنوات طوال، مؤشر العلاقات بين العرب واليهود، وهو يقول إن السنتين الأخيرتين شهدتا تطرفاً في الموقف تجاه العرب بين الجمهور اليهودي، وهي المرة الأولى التي يظهر فيها تحول جذري منذ عشرات السنين.
ويعزو سموحة، هذا التحول إلى وجود حكومة يمين «نقية» وإلى صعود ترامب وانتشار المد اليميني في العالم، وتعاظم كراهية العرب والمسلمين في العالم، والتي أعطت شرعية كبيرة ل«الإسرائيليين»، مكّنت من تحويل كراهية العرب إلى حالة إجماع.
أما الكاتبة أريانة ملميد، فوصفت الإجماع «الإسرائيلي» ذاك بأنه ينتشر في صفوف اليمين واليسار، وأظهرت معطيات مذهلة إن كان في منشورات شبكات التواصل الاجتماعي، أو في دعوات «الموت للعرب» أو غيرها.
في موازاة ذلك يشن يهودي ألماني يدعى أوليفر بينكوفيسكي، حملة ضد الحكومة المغربية لأنها هدمت نصباً تذكارياً كان يقوم ببنائه في جنوب مراكش؛ لتخليد ضحايا الهولوكست ضد اليهود على يد النازية، وعلى الرغم من تبرؤ الجالية اليهودية المغربية من المشروع، فإنه يواصل البحث لإنجاز مشروعه، على الرغم من عدم حصوله على ترخيص بالبناء، ويدعي أنه يريد نشر ما يخص المأساة التي تعرض لها اليهود في أوروبا على أيدي النازيين، ويتجاهل بديهية بسيطة وهي لماذا لم يقم بمشروعه في ألمانيا موئل النازية والهولوكست؟ كما أنه يتجاهل التاريخ المغربي وكيف أن الملك محمد الخامس، رفض طلباً من حكومة فيشي الفرنسية العميلة للحكم النازي بتسليم اليهود المغاربة إلى النازيين، وقال قولته الشهيرة: «أنا ملك لكل المغاربة مسلمين ويهوداً».
ويزخر التاريخ في تلك المرحلة بأحداث دافع فيها المغاربة عن اليهود سواء في المغرب أو الجزائر أو تونس وليبيا؛ حيث خبأ العرب اليهود من بطش النازية، على الرغم من تدخل الحركة الصهيونية لتأليب اليهود لاحقاً ضد العرب وإجبارهم على الهجرة إلى فلسطين.
وكان بوسع الألماني هذا أن يقارن بين العداء للعرب بين يهود «إسرائيل»؛ حيث يتحول اليمين الحاكم إلى الفاشية والعنصرية والفوقية العرقية وبين العداء لليهود في أوروبا، أو أن يسرد تاريخ التعاون بين النازية والحركة الصهيونية عن طريق ايخمان، الذي وقع معه كبار الطائفة اليهودية في هنغاريا اتفاقاً يقضي بتسليم اليهود من كبار السن للنازيين؛ ليلاقوا مصيرهم وتدريب الشبان على السلاح وتهريبهم إلى فلسطين بسبب وقف الهجرة في الثلاثينات من قبل بريطانيا.
وقد زار ايخمان، الذي حكم عليه بالإعدام بعد اعتقاله في الأرجنتين فلسطين بدعوة من الوكالة اليهودية في سنة 1934 وألقى خطابا أمام اليهود قال فيه إنه صهيوني مثلهم.
والجدير بالذكر أن «إسرائيل»ما زالت تمنع نشر محاضر محاكمة ايخمان حتى الآن، ربما لأنه كشف أسراراً عن تعاون الحركة الصهيونية مع النازيين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"