عادي
يحدثون إرباكاً مرورياً ويتسببون بالمآسي

«الديلفري».. توصيل الطلبات فوق كل اعتبار

01:23 صباحا
قراءة 5 دقائق

تحقيق: محمود محسن
لا تخلو الطرقات عادةً من السلوكات غير القانونية والتجاوزات التي ينتهجها بعض مرتادي الطريق، على الرغم من القانون الرادع وأدواته من دوريات مرورية وكاميرات مراقبة بمختلف أنواعها وغيرها، والتي دائماً ما تضع حداً للمخالفين؛ لكننا من ذلك نجد سلوكات مرورية مرفوضة قانونياً ومجتمعياً؛ كونها تتسبب بإحداث حالة من الإرباك المروري الذي ما يلبث أن يتحول إلى حادث عواقبه وخيمة، ولعل أبرز منتهجي تلك السلوكات، خاصة داخل المدن، قائدو الدراجات النارية، وتحديداً العاملين في توصيل الخدمات للجمهور، متخذين السرعة المفرطة والتجاوز الخاطئ وسيلة للتميز في تقديم الخدمة، تحت ذريعة تقييدهم بزمن محدد للتوصيل.

مع تزايد انتشار هذه الظاهرة بين قائدي دراجات شركات التوصيل والمطاعم، أعرب عدد من قائدي المركبات عن انزعاجهم من تلك السلوكات؛ لما تحدثه من توتر يلحق بجميع مرتادي الطريق، ويشكل خطراً على سلامة الآمنين. «الخليج» ناقشت تلك السلوكات وكيفية الحد منها خاصة وأنهم يرون أن توصيل الطلبات فوق كل اعتبار بغض النظر عن جميع عناصر الطريق، وسلامتهم عبر التحقيق الآتي.

يقول حسن كامل: السرعة غير المبررة والتجاوز المفاجئ من قائدي دراجات التوصيل على الطريق أمام المركبات، وكل السلوكات المتهورة ظاهرة تستوجب وضع قانون حاسم، يردع المخالفين، حتى وإن بلغ حد توقيع المخالفة، وسحب رخصة القيادة لمدة محددة، ليستوعب المخالف أنه ارتكب مخالفة جسيمة قد تتسبب في ضياع الأرواح.

وأضاف: أعلم مدى أهمية خدمات التوصيل التي تقدمها الشركات أو المطاعم والتي زاد الاعتماد عليها خلال جائحة «كورونا»، خاصة خلال العام الماضي، وعلى الرغم من إيجابياتها، فإن سلوك بعض قائدي الدراجات المنفر على الطريق، جعل منها وسيلة تشكل خطراً على أرواح مرتادي الطريق، خاصة في حال ورود خطأ وحيد من هؤلاء، قد يكلفهم أرواحهم، في ظل عدم توافر وسائل الأمان الكافية الكفيلة بوقايتهم، لعدم التكافؤ بين حجم الدراجات، وما يقابلها من تفاوت في حجم المركبات مع تباين أنواعها وسرعتها.

دورات تأهيلية

أما سناء جرادات فتقول: «زاد في الآونة الأخيرة انتهاج بعض قائدي دراجات التوصيل لسلوكات خطرة جداً، صارت تحدث يومياً؛ بل قد تتكرر في اليوم الواحد؛ إذ قد تصادف أحدهم قادماً نحوك بعكس الاتجاه في الشوارع الداخلية أو على الطريق العام بسرعة منخفضة، وفي أحيانٍ أخرى يتجاوز قائد الدراجة ليظهر أمامك بشكل مفاجئ، فيصعب تفاديه ويقع الاصطدام. ولعل أكثر السلوكات في الوقت الراهن التعطل غير المبرر الناتج عن صف الدراجات بصورة خطأ خلف المركبات، ما يستدعي الانتظار حتى ينتهي موظف التوصيل من تسليم جميع الطلبات، ويتسنى لصاحب المركبة تحريك مركبته».

وتابعت: «قد يكون المستوى التعليمي لعمالة توصيل الطلبات عاملاً أساسياً في انتهاج بعض السلوكات وتحكم تصرفاتهم؛ لذا اقترح إخضاعهم لدورات تأهيلية مستمرة بالتنسيق مع جهات العمل؛ لحمايتهم وحماية الآخرين على الطريق».

قلة وعي

وقالت آية بسيوني: «إن قلة وعي الكثير من قائدي الدراجات النارية، يلعب دوراً مهماً فيما يصدر عنهم من سلوك غير آمن، يعرض حياتهم للخطر في المقام الأول، وهو ما وجب التركيز عليه وتكثيف الحملات الدورية على أصحاب المحال وشركات التوصيل، خلال أوقات محددة على مدار العام، وتزويدهم بكل مستجدات القوانين، وعمل عروض تقديمية تتضمن صوراً ومقاطع فيديو قادرة على إيصال الفكرة لغير المتعلمين منهم، ما يسهل تلقي المعلومة بشكل صحيح، واختتام تلك المحاضرات بوضع اختبارات؛ لتقييم مدى الاستيعاب وقياس تركيزهم.

وفي بعض الأحيان قد تلتقي مع أحدهم خلال توقف المركبات عند الإشارات الحمراء، وفي محاولة بعضهم السير بين المركبات على الخطوط المتقطعة، قد يقع جدل بينهم وبين قائدي المركبات، لتضررهم من وقوفهم بصورة غير مناسبة تعرقل حركة السير، وتحدث إرباكاً مرورياً، ومع ذلك تجدهم مصرين على موقفهم دون أدنى قناعة بحديث الطرف الآخر، ما يعني غياب الوعي لكثير منهم».

ضيق الوقت

محمد نجيد، أحد عمال التوصيل، عبر الدراجات النارية، كان له هذا الرأي «أعمل على دارجة لنقل الطلبات في أحد المطاعم، في إمارة الشارقة، من أكثر من 10 سنوات، ما يعني أن لدي الخبرة الواسعة في الطرقات، أقصرها وأقلها ازدحاماً، وعلى الرغم من ذلك أضطر في بعض الأحيان إلى زيادة السرعة، والتنقل من مسار إلى آخر مرات عدة، لتقيدي بزمن 45 دقيقة، لإيصال الطلب من المطعم إلى العميل، حتى العودة مجدداً إلى المطعم، مع ضرورة الاحتفاظ بالطعام بدرجة الحرارة اللازمة، وفي حال التأخير أو عدم الوصول بالطعام في الحالة المرضية للزبائن، قد أتحمل كُلفة الوجبة لرفض الزبون تسلّمها».

وأضاف: «نتعرض لكثير من المخالفات المرورية، أثناء إقدامنا على بعض التجاوزات على الطريق، ويظل خيار السرعة هو الحل، لتفادي التأخير والمحافظة على جودة الأطعمة، كي لا نتضرر بأجورنا الشهرية. وهي، كذلك، وسيلة لزيادة الدخل في حال توصيل طلبات عدة في اليوم الواحد».

خطورة الدراجات

عوامل عدة تجعل الدرجات النارية سبباً في وقوع الحوادث الخطرة على الطريق، يتحدث عنها د. المهندس محسن بلوان، مدير إدارة هندسة المرور بهيئة الطرق والمواصلات في الشارقة قائلاً: تزيد احتمالية التعرض لحوادث الإصابات أو الوفاة عند التنقل باستخدام الدراجة النارية بنسبة أكثر ب 20 ضعفاً، مقارنة بالتنقل باستخدام السيارة، لقطع المسافة نفسها، أو الانتقال من وجهة إلى أخرى، ويحدث هذا أيضاً في السباقات الخاصة بالدراجات النارية مقارنة بسباقات السيارات، وهذه المعلومة قد تكون منطقية لأسباب، أهمها عدم وجود وسائل السلامة في الدراجات النارية والمتوافرة في غيرها من وسائل النقل.

في عدد من الإحصاءات، تبين بأن الحوادث التي تحدث للدراجات النارية تكون بينها وبين مركبات أخرى، والجزء القليل، يكون لتلك الدراجات وحدها.

حملات ومخالفات

وعمدت الجهات المختصة، بتحري أكثر المتسببين في حوادث الدراجات النارية على الطرقات، عبر الإحصاءات والتحليلات المستمرة، والحملات الدورية في إمارة الشارقة؛ وفي هذا الشأن يقول النقيب سعود الشيبة، مدير فرع التوعية والإعلام المروري، بالقيادة العامة لشرطة الشارقة «رصدت المتابعة المستمرة، عبر الدوريات المرورية، أن أكثر المتسببين في الحوادث بين الدراجات النارية والمركبات هم قائدو الدراجات النارية لأسباب عدة، أبرزها الإفراط في استخدام السرعة خلال السير على الطرقات العامة، ومن ثم عدم ترك مسافة كافية خلف المركبات الأمامية، والتجاوز الخطأ، وأخيراً عدم صلاحية الإضاءات الأمامية أو الخلفية بالدارجات، ما يعني إحداث حالة من الإرباك في الطريق ومن ثم تكون كفيلة بوقوع حوادث يتضرر بها الطرفان.

وأضاف: عبر الدورات التأهيلية والتوعوية التي تنفذها الإدارة لقائدي الدراجات، لوحظ أن شريحة واسعة منهم لديهم الدراية الكاملة بجميع الاشتراطات والقواعد المرورية الصحيحة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"