الانتخابات والفدرالية

05:34 صباحا
قراءة دقيقتين

تعطي الوطنية مضامينها الكبيرة رغم بساطتها التي تصل إلى حد العفوية أحياناً، من خلال مناخات الحرية وحق الاختيار والتي ألقت بظلالها على جميع مكونات الشعب العراقي بمختلف أطيافه وقومياته وطوائفه، ولعل في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت نهاية يناير/ كانون الثاني ،2009 تجربة لها أكثر من دلالة، خصوصاً في نتائجها النهائية التي غيرت الكثير من المعطيات والاتجاهات التي كان البعض متمرساً بضرورة تحقيقها تحت هذه الحجة أو تلك، لكن وعي المواطن ووطنيته وإدراكه لمخاطر تلك الطروحات على الوطن والمواطن صحح من الانحراف الحاصل منذ عام 2003.

إن النتائج التي تحققت من هذه الانتخابات سوف تفضي بقيام حكومات محلية تأخذ قوتها وفعلها المتحقق من خلال الارتباط بحكومة مركزية قوية تجد في العراق الواحد حالة نهائية لا يمكن المساس بها أو المزايدة عليها، خاصة بعد أن أزال المواطن من خلال تصويته حالة التشابك الحاصلة في بعض الخنادق والتي كانت بعض القوى السياسية ترتهن عليها لغرض استمرار خطابها السياسي التقسيمي، والذي عاشت عليه منذ عام ،2003 فما حصل كان رسالة واضحة بإعلاء المواطنة تجاه أي عنوان آخر، وفي المقدمة طروحات البعض بإقامة الفدرالية في وسط العراق وجنوبه مستندين في ادعاءاتهم بحالة الفدرالية المتحققة في شمال العراق، وكأن هذه التجربة التي أخذت كمقياس هي النموذج السويسري المتكامل.

إن أشكال الفعاليات الوطنية التي تحققت تحت عنوان مجالس الصحوة والإسناد لعبت دوراً بارزاً وأكيداً في ترسيخ مفهوم المواطنة قبل أي مفهوم آخر بحيث باتت هذه الفعاليات الشعبية العفوية عنواناً للإطار العراقي العام بخصوص بناء الدولة بما يضمن وحدة الوطن والمواطن بعد اتضاح استحالة تقسيم ما هو الرقم العراقي لقطع وشظايا تحت أي مسمى سواء كان عنصرياً أم طائفياً رغم كل المجهودات التي صبت في هذا الاتجاه والتي كانت تسعى لتفتيت وتشظية العراق على طريقة تقسيم ما هو مقسم وتشظية ما تشظى من دون الوقوف تحت أية فاصلة زمنية أو ظرفية.

والغريب أن اتجاهات التقسيم التي كانت معدة للعراق قد جاءت برغبة اقليمية وعربية غايتها في ذلك تغييب العراق ونفيه عن دائرة الاحداث، وعزله عن محيطه أو القيام بدوره.

إن أي شكل دستوري أو سياسي يراه الشعب ملائماً لحياته ومتماهياً مع الوطن وتطلعاته سيكون محل اتفاق الجميع، لأن في ذلك رغبتهم وخياراتهم، ولن يكون بالإمكان فرض سيناريوهات معدة ومصممة على العراق رغم كل الجهد الذي بذل منذ عام 2003. وفي تجربة السنوات الماضية الدليل على ما نقول، لكن الأكيد وهذا ما بات واضحاً في نتائج الانتخابات الأخيرة أن عموم الشعب العراقي يقف مع العراق الواحد القوي المتطلع دوماً للأمام وفي ذلك ليس تطوراً ايجابياً للعراق وشعبه، بل بارقة أمل واعدة لكل شعوب المنطقة.

* كاتب وأكاديمي عراقي

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"