عادي

«رفقة الغرباء».. تاريخ روائي للاقتصاد

23:50 مساء
قراءة دقيقة واحدة
7

البشر هم النوع الوحيد من الكائنات الذي استطاع تطوير قدرة فائقة على التقسيم المتقن للعمل بين الغرباء. ويعتمد نشاط بسيط، كشراء قميص، على شبكة مدهشة من التفاعل والتنظيم تغطي العالَم بأسره. ولكن على عكس اللغة تلك السمة التي تتفرد بها البشرية لم تتطور قدرتنا على التعاون مع الغرباء تدريجياً خلال عصور ما قبل التاريخ؛ فمنذ عشرة آلاف سنة فقط وهي طَرفة عين من منظور الزمن التطوري كان البشر الذين اعتادوا الصيد في جماعات يرتابون بشدة في الغرباء، ويقاتلونهم. ومع معرفة الزراعة، أدخل البشر تحسينات كبيرة على تقسيم العمل حتى وصلنا إلى أن أصبحنا اليوم نعيش ونعمل وسط الغرباء، ونعتمد في حياتنا على ملايين منهم؛ ففي كل مرة نسافر فيها بالقطارات أو على متن الطائرات، نعهد بحياتنا إلى أفراد لا نعرفهم. فما المؤسسات التي جعلت هذا الأمر ممكنا؟

في كتاب «رفقة الغرباء.. تاريخ طبيعي للحياة الاقتصادية» من تأليف بول سيبرايت، وترجمة رشا صلاح الدخاخني، يقدم لنا المؤلف سرداً مشوقاً من منظور تطوري واجتماعي لظهور تلك المؤسسات الاقتصادية التي لا تتولى إدارة الأسواق فحسب، بل تدير أيضاً الكثير من الشؤون الأخرى في حياتنا. ويستند المؤلف إلى آراء ثاقبة مستمدة من علوم الأحياء، والأنثروبولوجيا، والتاريخ، وعلم النفس، ليكشف لنا كيف أدت قدرتنا المتطورة على التفكير المجرد إلى ظهور مؤسسات مثل الأسواق والمدن؛ ومن ثم وفّرت الأساس الذي قامت عليه الثقة الاجتماعية. ويُظهر لنا هذا السرد الغرابة والضعف المذهلين اللذين تتسم بهما حياتنا اليومية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"