محتوى فوضوي

00:19 صباحا
قراءة دقيقتين

تسجل منصات التواصل الاجتماعي رواجاً كبيراً يوماً بعد الآخر، وتتنافس بجانبها التطبيقات الذكية الاجتماعية أيضاً، التي تحرص على تطوير خدماتها وأدواتها باستمرار، لجذب المزيد من الأفراد في المجتمعات، للاستخدام أو المتابعة، لنجد أنفسنا في مواجهة كمٍّ هائل منها، يتسم بسرعة التدفق وشدة الانتشار، وكأننا نعيش في «مولد وصاحبه غائب».
نعيش حالة من عدم الاتزان، مع كثرة هذه المنصات والتطبيقات، لاسيما مع وجود محتوى فوضوي، يغيب الأخلاق تارة، وينشر التفاهة والابتذال تارة أخرى، وثالثة يُصدّر لأبنائنا أفكاراً مسمومة تهدد اتجاهاتهم وتؤثر سلباً في سلوكياتهم، فهناك سباق دائم ومستمر بين روادها، يركز فقط على جمع المتابعين والمشاهدين، من دون النظر إلى المحتوى ومضمونه وتأثيره، لدرجة أن الأمر أصبح «مهنة لمن لا مهنة له»، لكسب المال وجني الأرباح.
استوقفتني خلال جولتي بين منصات التواصل الاجتماعي، والتطبيقات، محتويات لا تليق بعاداتنا وتقاليدنا وأخلاقنا، وتخلف فكري، وعنف لفظي، ونقد غير موضوعي، ومع الأسف تورط فيها أشخاص معروفون، وأسماء عُرفت أكثر عبر تلك الوسائل، وهذا يأخذنا إلى وجود فوضى حقيقية، تهدد أبناءنا وأجيالنا، فالقليل يستحق المشاهدة والمتابعة، ومعظم المحتويات تشكل صوراً متنوعة من الابتذال والافتقار الأخلاقي بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
البعض يعتقد خطأ أن ما يتم عرضه في تلك المنصات والتطبيقات وقنواتهما، نوع جديد من الإعلام، وهذه إحدى المفاهيم الخاطئة، التي يحاول أصحاب المحتوى المبتذل تصديرها إلى عقول الأفراد في المجتمعات، فالإعلام بمكوناته ومسمياته واتجاهاته ومساراته، يستند إلى المسؤولية والأخلاق عند انتقاء المحتوى، والأمانة والشفافية عند الطرح، واحترام عادات وتقاليد المجتمعات عند المناقشة، والالتزام بالقوانين التي ابتكرت لغة «يجوز أو لا يجوز».
الإمارات وضعت ضوابط لاستخدام تلك المنصات، وتعاملت مع العديد من المحتويات المسيئة غير اللائقة، وحاسبت المخطئين المتطاولين، ولكن الإشكالية الأكبر نجدها في المحتوى الذي يأتينا من الخارج، ولا يراعي عاداتنا وقيمنا، ولا يفهم ماهية شريعتنا وأخلاقيات ديننا، ويستهدف أبناءنا في كل الأعمار.
الوالدان هما الدرع الواقية لحماية الأبناء، والتصدي للمحتوى الذي يجنح للفوضى عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ليخرج عن المسار الإيجابي ويؤثر سلباً في المجتمعات، نحتاج إلى وقفة جادة مع ما يتم تصديره إلى عقول أبنائنا؛ ولنعلم أن «الحظر والإلغاء» لا يكلفنا إلا «كبسة زر».
وإذا أردنا الاستفادة من قنوات التواصل الاجتماعي ومنصاته، علينا بانتقاء المحتوى، فالسب لا يجدي والقذف لا يفيد، والعروض المخلة لا تدوم، والتجاوزات يتصدى لها القانون، وعلى رواد المنصات والتطبيقات، إعادة النظر فيما يبثون، والتعامل بمسؤولية في المحتوى الذي يؤثر في الملايين.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"