الصين تخترق الساحة النفطية العراقية

04:05 صباحا
قراءة دقيقتين

وقعت وزارة النفط العراقية مع شركة الواحة الصينية عقدا لتطوير حقل (الأحدب) النفطي في محافظة واسط بتكلفة 3،5 مليار دولار أمريكي، يؤمل أن يدر على العراق خلال مدة إنتاجه التقديرية والبالغة عشرون عاما عوائد تقدر بحوالي 63 مليار دولار . ويبلغ احتياطي هذا الحقل المكتشف في العام 1979 أكثر من 225 مليون برميل من النفط . وكان العراق وقع خططه التطويرية مع الصين في العام ،1997 لكن آليات التنفيذ جمدت بسبب الحصار الدولي الذي كانت ترزح تحته البلاد قبل أن تحتلها الولايات المتحدة الأمريكية في العام 2003 في عدوان غير مسوغ، ولا يستند الى الشرعية الدولية .

إن العقد الذي وقع بين الطرفين أخذ منحى الخدمة لا الاستثمار، وهذا بحد ذاته اتجاه لحماية الثروات الوطنية من أشكال الاستثمار التي تلح عليها الولايات المتحدة وترغب في تضمينها في قانون النفط والغاز الذي ترغب بتشريعه ليفتح لها المجال واسعا في التمكن من الثروة النفطية العراقية الهائلة . إلا إن ذلك القانون المؤمل عليه أمريكيا يصطدم بجملة من المعوقات، أهمها وأكثرها فاعلية الرفض الشعبي لمثل هكذا اتجاهات تحاول أن ترهن الإرادة والثروة الوطنية عند المحتل .

إن تطوير واستثمار حقل الأحدب وبطريقة الخدمة التي حصلت عليها وزارة النفط العراقية وشركة الواحة الصينية هو علامة مضيئة لشكل العلاقات الثنائية بين البلدين، كما أنها سابقة جديرة بالتقدير لمن يريد أن يحافظ على ثروته الوطنية، وفي الوقت نفسه ينفتح على العالم وجديده . فالصين ومن خلال شركاتها المتعددة أوجدت لنفسها مساحة نفطية استثمارية كبيرة في العديد من دول العالم مثل السودان، وليبيا وفنزويلا واندونيسيا وغيرها، وهذا يدل على جدية وشفافية العقود التي تبرمها الشركات الصينية، عكس ما يحصل مع الشركات الغربية، وفي مقدمتها الشركات الأمريكية .

فالصين حينما وقعت عقد الأحدب فإنها تريد أن تستفيد، لكنها في الوقت نفسه تراعي وتطور فائدة الطرف العراقي من هذا العقد بأشكال متعددة، منها خدمة محطة الزبيدية الكهربائية في محافظة واسط، وتطوير مهارات الكادر النفطي العراقي عبر إقامة الدورات التدريبية التخصصية، بالإضافة الى إنتاجها النفطي من الحقل والمؤمل أن يصل إلى 200 ألف برميل يوميا، يصدر عبر الموانئ الجنوبية، وهي بذلك تقدم نفسها شريكا تجاريا جديرا بالثقة، وصديقا يرى في مصالح وفوائد أصدقائه وكأنها عائدة له، وهي بهذا تكسر تلك الانشوطة التي يحاول الكارتل الغربي لفها وربط العراق بها من خلال تعدد أوجه النشاط النفطي بعيدا عن الهيمنة والنفوذ والنهب المنظم الذي تجيده الشركات النفطية الأمريكية بتفوق لا يقارن .

إن الولايات المتحدة حينما شنت عدوانها على العراق في العام 2003 فهي وعلى الرغم من كل التبريرات التي ساقتها لتبرير هذا العدوان لكنه بالحقيقة حرب من أجل النفط الغزير في إنتاجه واحتياطياته، لكنها ستواجه الكثير من المتاعب للوصول لأهدافها المخططة . وحققت الصين اختراقا عميقا قد يتطور لآفاق أوسع، لأنها كانت واضحة مع أصدقائها العراقيين، ولم تشن عليهم حربا أو عدوانا، بقدر ما كانت تجتهد بتقديم الأشكال الإيجابية المعززة لمسيرة وتقدم الشعب العراقي .

* خبير اقتصادي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"