القاهرة: راشد النعيمي
بدأت السياحة المصرية تستعيد أنفاسها وتستجمع قوتها خاصة في الوجهات الشهيرة مثل شرم الشيخ والغردقة والعلمين، بعد التعافي من أزمة فيروس كورونا التي أثرت في عملية التنقل في العالم بعد القيود التي فرضت لمنع انتشار الفيروس، إلا أن مصر عادت لتقدم نفسها كوجهة موثوقة تمتلك كنوزاً سياحية متنوعة وعوامل جذب عديدة.
«الخليج» رصدت عن قرب ومن خلال رحلة نظمتها هيئة تنشيط السياحة المصرية بوادر تعافي النشاط السياحي الذي استؤنف مجدداً عبر جولة في أهم المقاصد السياحية في شرم الشيخ ودهب والعلمين، إضافة إلى القاهرة التي تشهد تنفيذ مشروعات كبرى سواء في البنية التحتية أو القطاعات السياحية على وجه التحديد، كما اطلعت عن كثب على ملامح الاستراتيجية السياحية التي ستقدم مصر للعالم بوجه جديد يراعي المرحلة القادمة.
دعا المهندس أحمد يوسف الرئيس التنفيذي لهيئة تنشيط السياحة المصرية، المواطنين والمقيمين في دولة الإمارات إلى التمتع بالوجهات السياحية المتنوعة في مصر التي ترحب بهم وتترقب قدومهم بحرارة وتعدهم بتجربة سياحية غنية ومتنوعة وآمنة في نفس الوقت في ظل الإجراءات الاحترازية المطبقة على أعلى المستويات في المنشآت السياحية، والتي تضمن لهم رحلة آمنة في ظل التعافي الذي يشهده العالم حالياً من فيروس كورونا.
الأسواق الرئيسية
ولفت يوسف إلى وجود استراتيجية عالمية لترويج السياحة في مصر ستنطلق في وقت لاحق من العام الجاري استغرق الإعداد لها حوالي 6 أشهر، وقام فيها مسؤولو التحالف وفريق العمل الخاص بعمل دراسة متعمقة للسوق السياحي المصري والأسواق الرئيسية المصدرة للسياحة إلى مصر من مختلف دول العالم، وكذلك الأسواق المنافسة.
وأضاف أن الاستراتيجية التي تمتد لثلاث سنوات تضمنت استبياناً للمعلومات من أجل قياس مستوى رضا السائحين وتوصياتهم ومقترحاتهم عن المقصد السياحي المصري، ونقاط الضعف التي تجب معالجتها والعمل على تحسينها، وتعتبر الاستراتيجية منهجاً واضحاً وجديداً يتضمن الرؤية والرسالة وأولويات الترويج في خطة مرحلية واضحة بما سيساهم في وضع الآليات اللازمة.
تعتبر الاستراتيجية منهجاً واضحاً وجديداً يتضمن الرؤية والرسالة وأولويات الترويج في خطة مرحلية واضحة بما سيساهم في وضع الآليات اللازمة التي سيتم على أساسها تنفيذ الاستراتيجية على أرض الواقع للترويج للمقصد السياحي المصري ومنتجاته المتنوعة في الأسواق السياحية المستهدفة خلال الثلاث سنوات القادمة في ضوء المتغيرات الحديثة لهذه الأسواق.
وقال إن المستهدف هو تسليط الضوء على أن مصر مقصد سياحي آمن يتمتع ببنية سياحية قوية وشمس مشرقة وجو دافئ وشواطئ خلابة وحياة بحرية متميزة وحضارة متفردة، إلى جانب الفنون الحديثة والسينما والمسرح والحرف التراثية والأكلات المصرية التقليدية الشهية والفعاليات الرياضية والفنية والأثرية والثقافية وغيرها من مصادر الجذب السياحي، لإبراز الخبرات السياحية المتراكمة للعنصر البشري ومشروعات البنية الأساسية السياحية القوية التي تقوم بها الدولة في مختلف المجالات.
شرم الشيخ
أكدت وزارة السياحة والآثار أن جنوب سيناء والبحر الأحمر مؤمنان تماماً من فيروس كورونا كما تم تطعيم العاملين في السياحة بالمحافظتين بالكامل وأيضاً المواطنين، وأشارت الوزارة إلى أنه لم يتم رصد أي حالات لإصابة بفيروس كورونا بين العاملين بالسياحة في المحافظتين أو بين السياح.
وأكدت الوزارة أن الإجراءات الاحترازية المصرية نالت ثقة السياح حول العالم، والدليل على ذلك زيادة تدفق السياح من مختلف دول العالم في وقت استأنفت فيه حركة الطيران نقل الوفود السياحية من روسيا إلى شرم الشيخ والغردقة.
من جهته، قال رئيس مجلس إدارة شركة مصر للطيران عمرو أبو العينين: إن الشركة الوطنية المصرية باتت تؤمن سبع رحلات أسبوعية مباشرة بين موسكو ومطاري الغردقة وشرم الشيخ لتلبية الطلب المتوقع من جانب السياح الروس، فيما أفادت وكالة تاس الروسية بأن وفداً روسياً تفقد في نهاية يوليو/تموز المطارين وعدة منتجعات فندقية في المدينتين لتقييم تطبيق الإجراءات الأمنية والاحتياطات الصحية في المكان.
نشاط متزايد
وتشهد شرم الشيخ هذه الأيام نشاطاً متزايداً شكل ارتفاعاً في نسبة إشغال الفنادق والمنتجعات وزيادة في الطلب على الرحلات البحرية والغوص في ظل متابعة من الجهات المختصة لتوفير الإجراءات الوقائية وضمان تطعيم جميع العاملين في القطاع السياحي إلى جانب توفير اختبارات PCR المعتمدة لتسهيل عملية التنقل والسفر بسلاسة.
وكان الغوص بالمعدات في البحر الأحمر قد بدأ في خمسينات القرن الماضي عندما شرع العمال اليونانيون والإيطاليون بصيد الأسماك بالرمح أثناء فترة إقامتهم في مصر. وأظهرت الاستكشافات التي قام بها الدكتور هانز هاس، العالم النمساوي المتخصص في علوم الحيوان وأحد المخرجين المشاهير للأفلام التي تصوّر جوانب الحياة تحت سطح الماء، وجاك كوستو الغواص الفرنسي الشهير أن البحر الأحمر يحتوي على الكثير من تكوينات الشعاب المرجانية المدهشة التي تجتذب الآلاف من أنواع الكائنات البحرية.
رياضة الغوص
ومنذ ذلك الحين، شهدت رياضة الغوص تزايداً وانتشاراً كبيرين، ويوجد الآن الكثير من المنشآت المجهزة بكل المعدات اللازمة لممارسة هذه الرياضة، والسفن التي يمكن الإقامة فيها بضعة أيام لممارسة هذه الرياضة إلى جانب ما لا يعد ولا يحصى من البرامج والمدربين المعتمدين على المستوى العالمي في هذه الرياضة. وتعتبر منتجعات البحر الأحمر في الغردقة وشرم الشيخ ومرسى علم والجونة وطابا من أفضل الأماكن التي توفر البرامج والمنشآت السياحية لقضاء عطلات يستمتع فيها الزوار برياضة الغوص على مدار العام بفضل درجة الحرارة المعتدلة التي تتميز بها. وليس من المهم أن يكون قد سبق لك ممارسة رياضة الغوص، أو ما إذا كنت من المبتدئين أو المتمرسين فيها، ذلك لأنك سوف تجد البرنامج المناسب لك ومن المؤكد أنك سوف تعود مرة أخرى للحصول على مزيد من المتعة.
رحلات مباشرة
وتوفر «فلاي دبي» ثلاث رحلات أسبوعية إلى مطار شرم الشيخ الدولي (SSH) كما أعلنت عن إطلاق ثلاث رحلات أسبوعياً إلى مطار سوهاج الدولي (HMB) اعتباراً من 25 يوليو. تعمل هذه الرحلات إلى سوهاج عبر توقف قصير في شرم الشيخ. وبذلك يرتفع عدد النقاط التي تشغلها فلاي دبي في مصر إلى ثلاث نقاط، بما في ذلك مطار برج العرب الدولي بالإسكندرية (HBE).
وتوفر الناقلة من خلال خدماتها إلى الوجهات الثلاث خيارات متنوعة للسفر لآلاف المصريين المقيمين في الإمارات، بالإضافة إلى رحلات الربط عبر مطار دبي بما يوفره كمركز عالمي للطيران لأكثر من 200 وجهة حول العالم. كما تعزز رحلات فلاي دبي من حركة التجارة والسياحة بين البلدين حيث بمقدور المقيمين في دبي والإمارات أيضاً السفر إلى مصر للاستمتاع بمزايا هذا البلد السياحي والتعرف إلى آثاره التاريخية العريقة.
«فلاي دبي»
ويؤكد حمد عبيد الله، الرئيس التنفيذي للعمليات التجارية في فلاي دبي: «إن مصر تعد سوقاً مهمة للغاية بالنسبة لفلاي دبي ولها مكانة خاصة جداً في مسيرة الناقلة. كانت الإسكندرية من بين أولى النقاط التي قمنا بتشغيل رحلات إليها عند بدء عملياتنا في العام 2009. ويسعدنا جداً أن نرى تواجدنا في مصر ينمو. ونود أن نشكر السلطات على دعمها المستمر. تلتزم فلاي دبي بدعم الروابط السياحية والتجارية بين البلدين ونحن نتطلع إلى بدء عملياتنا في سوهاج التي نتوقع أن تحظى بإقبال كبير بين مسافرينا من الإمارات العربية المتحدة والمنطقة». وشكلت عودة السفر الجوي فرصة للناقلة للتوسع في عدد من الأسواق العالمية ذات الشعبية العالية للمسافرين ومنها أنقرة في تركيا، وبودابست في المجر، وليوبليانا في سلوفينيا، وسالزبورغ في النمسا، وتيرانا في ألبانيا، ووارسو في بولندا. ووسعت فلاي دبي شبكتها إلى أكثر من 95 وجهة من ضمنها عدد من الوجهات الموسمية الصيفية مثل بودروم وطرابزون في تركيا، وباتومي في جورجيا، وميكونوس وسانتوريني في اليونان بالإضافة إلى تيفات في الجبل الأسود.
سياحة الآثار
رصدت «الخليج» خلال جولتها في المناطق الأثرية في الهرم والمتحف المصري، إقبالاً كبيراً من السياح من داخل مصر وخارجها على زيارة تلك الوجهات في ظل سلاسة في الإجراءات للمحافظة على صحة الجميع، فيما تشهد تلك المناطق تحسينات مستمرة في البنية التحتية والتطوير فيما يتواصل تنفيذ تطوير عدد من المباني الأثرية بالقاهرة التاريخية والفسطاط في إطار مشروع الدولة لإحياء المنطقة التراثية وإعادتها إلى رونقها ومظهرها الحضاري، مع الحفاظ على جميع المباني الأثرية، والسعي لإعادتها إلى بريقها وتاريخها العريق المميز لها.
المتحف المصري الكبير
من المشروعات الجديدة التي يترقب العالم افتتاحها مشروع المتحف المصري الكبير غرب القاهرة بالقرب من أهرام الجيزة، وقد اختير هذا الموقع ليكون المشروع الضخم والشاهد على عظمة مصر في الماضي والحاضر والمستقبل؛ حيث تم تصميم المتحف ليكون أكبر متحف للآثار في العالم؛ إذ تبلغ مساحته 117 فداناً (نصف مليون متر مربع)، وسيحوي أكثر من 100 ألف قطعة أثرية من العصور الفرعونية واليونانية والرومانية، ويتوقع أن يزوره سنوياً أكثر من 5 ملايين زائر، وسوف يضم المتحف عدداً من المباني الخدمية التجارية والترفيهية، ومركزاً لعلوم المواد القديمة والترميم، وحديقة متحفية ستزرع بها الأشجار التي عرفها المصري القديم. وينفذ المشروع الذي يتكلف 550 مليون دولار على ثلاث مراحل رئيسية.
وخلال عام 2010 تم افتتاح المرحلة الثانية من المشروع التي تشمل مركز الترميم الذي يضم عدداً من معامل الفحوص والتحاليل مثل معملي الميكروبيولوجي والميكروسكوب الإلكتروني الماسح، بالإضافة إلى معامل الصيانة والترميم مثل معمل صيانة المومياوات، ومعمل الأخشاب، ومعمل الأحجار، ومعمل الخزف والزجاج والمعادن. وستتضمن المرحلة الأخيرة - وهي المرحلة التي يجري تنفيذها حالياً - إنشاء صالات العرض المتحفي، ومتحف الدارسين، ومركز المؤتمرات والسينما، والمكتبة الأثرية، ومتحف الطفل، وسيتم افتتاح المرحلة الأولى بعرض مقتنيات الملك توت عنخ آمون، بحيث يتم الافتتاح النهائي للمشروع في نوفمبر 2022.
ويبدأ مسار الزائر للمتحف برؤية ميدان المسلة الذي تعرض فيه أول مسلة معلقة بالعالم ويرى أمامها الواجهة المهيبة للمتحف «حائط الأهرامات» بعرض 600 متر وارتفاع 45 متراً، يدلف منها الزائر إلى داخل المبنى الذي يتألف من كتلتين رئيسيتين هما مبنى المتحف وهنا يقف رمسيس الثاني مرحباً بالزائرين ويضم العديد من القاعات من أبرزها قاعة الملك توت عنخ آمون التي تضم كنوز الملك مجتمعة لأول مرة ومكتبة للكتب النادرة ومخازن للآثار.
