عادي

التهاب التيه.. مضاعفات تؤذي الأذن الداخلية

21:31 مساء
قراءة 5 دقائق

تحقيق: راندا جرجس

تعتبر الأذن الداخلية الجزء الأعمق من الجهاز السمعي، حيث إنها تقع في تجويف الرأس والأقرب إلى الدماغ، وفي بعض الحالات تتعرض هذه المنطقة لعدوى الالتهاب الذي ينجم عن فيروس أو بكتريا، وتسمى هذه الحالة «التهاب التيه»، وتؤدي إلى تهيج واضطراب في الأجزاء المسؤولة عن التوازن والسمع، وتتسبب بالعديد من الأعراض المزعجة، كالطنين المستمر وضعف السمع والدوخة واختلال توازن الجسم، وغيرها، وفي السطور التالية يسلط الخبراء والاختصاصيون في طب الأنف والأذن والحنجرة الضوء على هذا المشكلة المرَضية وطرق التشخيص والعلاج.

يقول الدكتور أحمد الواع استشاري طب وجراحة الأنف والأذن والحنجرة، إن هناك العديد من الإصابات الشائعة التي تصيب الأذن الداخلية، وأبرزها الطنين الذي ينجم عن نقص السمع، والالتهابات، وآفات الأذن الوسطى، وأسباب خارجية كمشكلات المفصل الفكي الصدغي، والتأثيرات الجانبية لبعض الأدوية، وربما تعود الأسباب لحالات نفسية، ويمكن أن يترافق الطنين مع الدوار الدهليزي، أو نوبات الصداع النصفي (الشقيقة)، كما يحدث عند زيادة ضغط سائل الأذن الداخلية نقص في السمع مع دوار وطنين منخفض التواتر، ويطلق عليه «داء مينير».

أسباب متعددة

ويضيف د. أحمد إن الإصابة بالتهاب مجرى السمع الخارجي تزيد في فصل الصيف نتيجة السباحة، خاصة في المياه الملوثة، وفي حالات نقص المناعة تتعرض الأذن بشكل عام للالتهابات الفيروسية والجرثومية، وعند وجود ثقب في الطبلة يحدث التهاب الأذن الوسطى عند دخول الماء من خلال قناة استاكيوس من الأنف، وتمتد الإصابة إلي المجرى الداخلي، ويعاني المريض نقص السمع الحسي والتوازن، وهناك أيضاً أسباب كثيرة لآلام الأذنين من مصادر لا تتعلق بأجزاء الأذن نفسها، فربما يكون منعكساً من البلعوم في التهاب اللوزتين، والجيوب الأنفية، والتهابات الحنجرة، وضرس العقل، أو المفصل الفكي الصدغي في الأسنان، أو إصابات العمود الفقري الرقبي.

فئة مستهدفة

يوضح د. أحمد أن التهابات الأذن الداخلية يمكن أن تصيب جميع الأعمار، ولكنها شائعة على الأكثر عند الأطفال بسبب تعرضهم لنزلات البرد المتكررة، ونقص وظيفة قناة استاكيوس التي تصل الأذن بالبلعوم الأنفي الخلفي، أو نتيجة ضخامة الناميات، ويُذكر أن أغلبية التهابات الأذن الوسطى تكون فيروسية وتشفى بصورة ذاتية، ويمكن أن تحدث عقابيل نقص السمع واختلال التوازن أو إصابة العصب الوجهي.

عادة خاطئة

يلفت د. أحمد إلي أن الأذن تقوم بتنظيف المجرى الخارجي بشكل ذاتي في الحالات الطبيعية، ويعتبر استخدام الأعواد القطنية للتنظيف من العادات الخاطئة التي يمارسها الأشخاص، ويجب ألا يتم إدخال أي جسم أجنبي بالداخل، حيث إن هذه الأدوات يمكن أن تؤدي إلى ثقب الطبلة أو أذية العظيمات في الأذن الوسطى والتهابها، ما يؤذي الأذن الداخلية، وفي بعض الحالات يصاب البعض بالتهاب بآلية المناعة الذاتية مثل مرض الذئبة الحمامية، ويتسبب بنقص السمع الحسي العصبي.

أعراض وعلامات

يذكر الدكتور نافين جوبتا أخصائي جراحة الأنف والأذن والحنجرة، أن الأذن الداخلية المعروفة باسم المتاهة، تتعرض في أغلب الأحيان للإصابة بما يسمى «التهاب التيه» الذي ينجم عن عدوى فيروسية، أو بكتيرية أو أمراض المناعة الذاتية، ويرافقه في معظم الحالات اضطراب في السمع والتوازن بدرجات متفاوتة في إحدى الأذنين، أو كلتيهما، كما يسبب الدوخة، وصوتاً غير طبيعي في الأذن، مثل الرنين أو الصفير، وفقدان القدرة السمعية، والشعور بملء الأذن أو انسداد الإحساس، والقيء أو الغثيان، وألم في الأذن، وإفرازات كريهة الرائحة، وعدم تناسق في الوجه، كما يؤدي التفاقم الشديد إلى تصلب الرقبة.

طرق التشخيص

يلفت د. نافين إلى أن التهاب التيه الذي يصيب الأذن الداخلية الناجم عن العدوى الجهازية، يتم تشخيصه عن طريق فحص الدم الشامل لتحديد نوع الإصابة سواء كانت فيروسية، أو بكتيرية، أما في حالات التهاب السحايا المصاحب، فيوصى باختبار الثقب القطني لتحديد الكائن المخالف، وتعتبر الاختبارات السمعية، مثل قياس السمع النقي، فهو مفيد في تحديد سبب المشكلة، لأنه يُظهر أنواعاً مختلفة من فقدان السمع اعتماداً على العوامل المسببة مثل التهاب تيه الأذن الفيروسي، الذي يؤدي إلى فقدان السمع العصبي الحسي، أو الناتج عن التهاب الأذن الوسطى، ويسبب فقدان السمع المختلط، وفي المرضى غير المتعاونين يوصى بإجراء اختبار الانبعاث الصوتي من الأذن، أو اختبار استجابة جذع الدماغ السمعي لتحديد الحالة السمعية.

فحوص واختبارات

يؤكد د. نافين أن الاختبارات الدهليزية مثل: تخطيط كهربية الرأرأة وفحص السعرات الحرارية تساعد في تشخيص وتوقع الشفاء لدى المرضى الذين يعانون الدوار بسبب التهاب التيه، كما تساهم دراسات التصوير بالأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي، باستخدام وسيط التباين، في تحديد وجود التهاب تيه الأذن الحاد وشبه الحاد، ويمكن أيضاً تحديد العوامل المسببة للإصابة مثل عدوى الأذن الوسطى والورم الصفراوي، أو استبعاد الأورام العصبية الصوتية وخراج الدماغ، وما إلى ذلك.

مشكلات مرضية

يشير د. نافين إلى أن العديد من المشكلات المرضية التي تتسبب بزيادة الخطورة بالتهاب التيه الذي يصيب الأذن الوسطى، مثل: الالتهابات البكتيرية التي تستهدف الأذن الوسطى الحادة والمزمنة، ومرض تآكل العظام، والورم، وكذلك العدوى الجهازية والتهاب السحايا الأخرى، إضافة إلى التهابات الجهاز التنفسي العلوي الحادة الشائعة، ونزلات البرد، والفيروسات المحملة بالسموم المنتشرة مثل: الحصبة الألمانية، الفيروس المضخم للخلايا، النكاف الذي يلحق الضرر بالأذن الداخلية، فيروس إسفاريكيلا-زوستر الذي يسبب الهربس النطاقي الأذني، أو متلازمة رامزي، وأمراض المناعة الذاتية الجهازية مثل الورم الحبيبي فيجنر، أو التهاب المفاصل العقدي.

تركيب دقيق

ويؤكد الدكتور محمد الزهر أخصائي طب الأنف والأذن والحنجرة، أن الأذن الداخلية هي الجزء الذي يتواجد في تجويف الرأس بالقرب من الدماغ، وتحتوي على تركيبات دقيقة من الجهاز السمعي، وتنقسم إلى القنوات الشبه دائرية المسؤولة عن التوازن، إلى القوقعة عن السمع، والدهليز الذي يربط بينهما، ومن أهم المشكلات التي تتعرض لها الأذن الداخلية هو الالتهاب الذي ينشأ عن العدوى الفيروسية، أو البكتيرية، والتي تستهدف جميع الأعمار من الجنسين، وتزداد فرص الإصابة مع التقدم في العمر، وبوجود أمراض مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم، وداء السكري.

مضاعفات خطيرة

ويقول د. محمد إن التهاب الأذن الداخلية يعتبر من المشكلات الخطيرة نظراً لتواجدها في محيط الدماغ، وتشمل المضاعفات التي تسببها هذه الحالة: الدوخة، الغثيان، القيء، مشاكل في التوازن، فقدان السمع، آلام وطنين في الأذن، إفرازات قيحية، وتتفاقم في حال عدم العلاج ويتعرض المريض لالتهاب الخشاء الذي يصيب العظام المجاورة للأذن، أو ثقب في الطبلة، شلل في عصب الوجه، التهاب السحايا، وربما يعاني البالغين في حالات نادرة من داء مينير.

خيارات علاجية

ويشدد د. محمد على أن تحديد العلاج لالتهاب الأذن الداخلية يعتمد في الأساس على سبب الإصابة ونوع العدوى بعد تأكيد التشخيص وعمل الفحوص اللازمة، وعلى سبيل المثال إذا كان السبب فيروسياً وتناول المريض المضادات الحيوية المعالجة للبكتيريا، فإن ذلك يزيد سوء الأعراض ويؤخر الشفاء، وتجدر الإشارة إلى أن فقدان السمع الجزئي أو الكلي من أبرز المضاعفات التي ترافق هذه الحالة، ولذلك في حال وجود نقص أو ضعف في السمع عند البالغين، فيجب البحث عن المسبب، فربما يكون ناجماً عن تقدم العمر، أو أمراض مزمنة، أو التهاب ما، أو نتيجة العوامل الوراثية عند الصغار.

نقص السمع

يعتبر نقص السمع من المشكلات المرضية التي تحدث نتيجة مشكلات الأذن بشكل عام، ويقسم إلى أنواع عدة، كنقص السمع النقلي، أو الحسي العصبي أو المختلط، وتنجم هذه الحالة نتيجة العوامل المكتسبة، أو الوراثية، أو التقدم في العمر، والتعرض المستمر للضجيج والأصوات الصاخبة، أو عند استخدام السماعات مع الموسيقى العالية، وهناك أيضاً ضعف السمع الذي يرافق إصابة الأذن الداخلية منذ الولادة، ويعرف باسم «الصمم الولادي» ويحتاج للتدخل المبكر بالتشخيص والعلاج، حتى يستطيع الطفل تعلم اللغة والكلام.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"