عادي

عذب الكلام

23:02 مساء
قراءة 3 دقائق
2102

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغَتنا العربيّةُ، يُسْرٌ لا عُسْرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومُفرداتٍ عذبةٍ تخاطبُ العقل والوجدان، لتمتعَ القارئَ والمستمعَ، تحرّكُ الخيالَ لتحلّق به في سماء الفكر المفتوحة على فضاءاتٍ مرصّعةٍ بدرر الفكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدورِ اللغةِ العربيةِ الرئيسِ في بناءِ ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، ننشرُ زاويةً أسبوعيةً جديدة تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضادِ السّاحرة.

في رحاب أمّ اللّغات

الاستِطْرادُ: أنْ يخرجَ المُتكلّمُ منَ الغَرضِ الذي هو فيهِ إلى غَرضٍ آخرَ، لمناسبةٍ بينَهما، ثمّ يرجِعُ فينتقلُ إلى إتْمامِ الكَلام الأول، كقول السّمَوأل:

وَإِنّا لَقَوْمٌ لا نَرى القَتلَ سُبَّةً

إِذا ما رَأَتْهُ عامِرٌ وَسَلولُ

يُقَرِّبُ حُبُّ المَوتِ آجالَنا لَنا

وَتَكرَهُهُ آجالُهُم فَتَطولُ

فسياقُ القصيدةِ لِلْفَخْر بقومه، وانتقلَ منه إلى هَجْوِ قبيلتي «عامر وسلول»، ثم عادّ إلى مقامه الأول وهو الفخر بقومه. وكقولِ حسّان بن ثابت

إنْ كُنْتِ كَاذِبةَ الَّذي حَدّثْتِنِي

فَنَجَوْتِ مَنْجَى الحَارِثِ بْنِ هِشَامِ

تَرَكَ الأحِبَّةَ أنْ يُقَاتِلَ دُونَهُمْ

وَنَجَا بِرَأسِ طمِرَّةٍ ولِجَامِ

دُررُ النّظم والنّثْر

رُبَّ أُمٍّ أحْيَتْ أُمَّة

أحمد أمين

يُخْطِئُ مَنْ يظُنُّ أنَّه يستطيعُ أنْ يُؤسِّسَ جيشاً مِن رجالٍ بإعدادِهم وتسليحِهم، مِن غيرِ أنْ يَدْعَمَه بجيشٍ مِن قُلوبِ النِّساء؛ فالجيشُ مِن دونِ قُلوبٍ آلاتٌ جَوْفاء، وسَرابٌ ولا ماء.

قلِّبْ صَفَحاتِ التَّاريخِ إنْ شِئْتَ؛ فحيثُما رأيْتَ للأُمِّ قلباً رأيْتَ للرَّجُلِ قلباً، فإذا انْخلَعَ قلبُها انْخلَعَ قلبُه؛ كلُّ هذا يُلخِّصُ لنا الأمرَ في جُمْلة: شَجُعَتِ المرأةُ فشَجُعَ الرَّجُل، وماعَتِ المرأةُ فماعَ الرَّجُل!

ليستْ تُعَدُّ الأُمَّةُ راقيةً تَستحِقُّ البقاءَ إلَّا إذا أرسلَتِ الأُمُّ أبناءَها إلى ميادينِ القِتالِ وهي تبتسِمُ، وودَّعَتِ الزَّوجةُ زوجَها إلى الحربِ وهي تملأه أملاً بالعِيشةِ السَّعيدةِ بعدَ النَّصر، وقالَتِ الأُمَّهاتُ لأبنائِهنَّ ما قالَتْ أسْماءُ بنتُ أبي بكرٍ «إنَّ ضَرْبةً بسيفٍ في عِزٍّ، خيرٌ مِن لَطْمةٍ في ذُلٍّ».

إنَّ وراءَ كلِّ جيشٍ في الأُمَّةِ جيشاً غيرَ مَنْظورٍ مِن قُلوبِ نِسائِه، ووراءَ كلِّ جيشٍ صاخِبٍ جيشَ المرأةِ الصَّامِت، ووراءَ الأعلامِ والبُنُود، والذَّخائرِ والجُنُود، ذخيرةً أسْمى وأرْقى، وأقْوى وأغْلى؛ وهي قلبُ المرأة.

من أسرار العربية

في الحلي: الشَّنْفُ والقُرْطُ والرَّعْثَةُ: للأُذُنِ. الوَقْفُ والقُلْبُ والسِّوارُ: للمِعْصَمِ. الخَاتَمُ: للإصْبَعِ. الدُّمْلُجُ: لِلعَضُدِ. الجَبِيرَةُ: للسَّاعِدَ. القِلاَدَة والمِخْنَقَةُ: لِلْعُنُقِ. المُرْسَلَةُ: لِلصَّدْرِة. الخَلْخَالُ والخَدَمَةُ: للرِّجْلِ. الفَتَخُ: لأصَابِعِ الرِّجْلِ، تَلبَسُها نِسَاءُ العَرَبِ؛ قال إيليا أبو ماضي:

أَيَّ شَيءٍ في العيدِ أُهدي إِلَيكِ

يا مَلاكي وكُلُّ شَيءٍ لَدَيكِ

أَسِواراً أَمْ دُمْلُجاً مِنْ نُضارٍ

لا أُحِبُّ القُيودَ في مِعْصَمَيكِ

في تَرْتِيبِ سِنِّ المَرْاَةِ: طِفْلَة: مَادَامَتْ صَغِيرَةً. ثُمَّ وَليدَةٌ: إِذَا تَحَرَّكَتْ. ثُمَّ كَاعِبٌ: إذا أشرف ثدياها، ثُمَّ نَاهِد. ثم مُعْصِرٌ: إذا أَدْرَكَتْ. ثُمَّ عَانِس: إذا ارْتَفَعَتْ عَنْ حَدِّ الإعْصَارِ. ثُمَّ خَوْد: إذا تَوَسَّطَتِ الشَّبَابَ. ثُمَّ مُسْلِف: إذا جَاوَزَت الأرْبَعِينَ. ثُمَّ نَصَفٌ: إذا كَانَتْ بَيْن الشَّبَاب والتَّعْجِيزِ. ثُمَّ شَهْلَة كَهْلَة: إذا وَجَدَتْ مَسَّ الكِبَرِ وَفِيها بَقِيَّة وَجَلَدٌ. ثُمَّ شَهْبَرَة: إِذَا عَجَّزَتْ وَفِيها تَمَاسُك. ثُمَّ حَيْزَبُون: إذَا صَارَتْ عَالِيَةَ السِّنِّ نَاقِصَةَ القوَّةِ. ثُمَّ قَلْعَم: إذا انْحَنَى قَدُّهَا وَسَقَطَتْ أَسْنَانُهَا.

هفوةٌ وتصويبٌ

يقول بعضُهم: «وقد أصيب فلانٌ بِدَوْخَةٍ»، ويَقْصدون عدمَ التوازن أو الاضطراب، وهي خطأ، والصّواب «أصيب بدُوار». لأنّ داخَ يَدُوخُ دَوْخاً: ذَلَّ وخَضَع. ودَوَّخَ المكانَ: جالَ فيه. ودَوَّخَ الوجعُ رأْسَهُ: أَداره.

أمّا الدُّوَارُ والدَّوَارُ: كالدَّوَرَانِ يأْخذ في الرأْس. ودِيَر به وعليه وأُدِيرَ به: أَخذه الدُّوَارُ من دُوَارِ الرأْس.

قال أبو ذؤيب الهذلي:

حتى أُتِيح له يوماً بِمَرْقَبَةٍ

ذُو مِرَّةٍ، بِدوَارِ الصَّيْدِ، وَجَّاسُ

من أمثال العرب

لَيْسَ التَّطَاوُلُ رافِعاً مِنْ جَاهِلٍ

وكَذا التَّوَاضُعُ لا يَضُرُّ بِعَاقِلِ

لَكِنْ يُزَادُ إِذَا تَوَاضعَ رفْعَةً

ثُمَّ التَّطَاوُلُ مَا لَهُ مِنْ حَاصِلِ

البَيْتان للخليل بن أحمد، يَحُثُّ فيهما على فَضيلةِ التّواضُع، لأنّ العاقل الحَصيفَ، كلّما تواضعَ وكان كيّساً في تعامله، ازدادَ رفعةً وعلتْ مكانتُهُ في نفوس من يتعاملون معه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"