أسواق الطاقة العالمية تترقـــب الشتـــاء المقبـــل

21:06 مساء
قراءة 3 دقائق

جون كيمب *

ساعدت درجات الحرارة المعتدلة نسبياً في معظم أنحاء نصف الكرة الشمالي هذا الشتاء، إلى جانب الأسعار المرتفعة للغاية، على تجنب أزمة أسوأ بكثير في أسواق الغاز والفحم والنفط التي كان من الممكن أن تحوّل جنوح الأسعار إلى نقص تام في إمدادات الوقود خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

 ودخلت المناطق المستهلكة الرئيسية الشتاء مع نفاد مخزونات النفط والغاز والفحم، ومنذ ذلك الحين وهي تكافح للخروج إلى الربيع وسط تهديد انقطاع الإمدادات نتيجة للأزمة الراهنة بين روسيا وأوكرانيا.

 وبين ديسمبر/ كانون الأول، وفبراير/ شباط الماضي، كانت درجات حرارة سطح الأرض في نصف الكرة الشمالي نحو 1.54 درجة مئوية فوق المتوسط طويل الأجل لفصول الشتاء العشرة السابقة (1.48 درجة مئوية)، وفقاً للإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي.

ومع ذلك، فقد أنهت كل من أوروبا وآسيا فصل الشتاء لهذا العام بمخزونات دون المستوى الطبيعي للنفط والغاز والفحم، وكاد الوضع أن يصبح أسوأ بكثير. ومع حلول الربيع، يتحول تركيز السوق بالفعل إلى إعادة بناء المخزونات المستنفدة من الطاقة فوق المتوسط خلال فصلي الربيع والصيف للتعامل مع الشتاء المقبل الأكثر برودة، مع توقع ارتفاع الأسعار بشكل كبير.

 وفي الولايات المتحدة، ينخفض إجمالي استهلاك الطاقة الأحفورية عادة بنسبة 11% إلى 13% في الأشهر الثلاثة من مارس/ آذار إلى مايو/ أيار، مقارنة بالأشهر الثلاثة من ديسمبر/ كانون الأول إلى فبراير/ شباط من كل عام، ما يسمح بإعادة بناء المخزونات. كما ينخفض استهلاك الغاز بشكل أكبر بنحو 29% في الربيع مقارنة بالشتاء، ما يسمح بتعاف أكبر للمعروض أيضاً، وفقاً للتقديرات التي أعدتها إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.

ولا يزال استهلاك الطاقة الأحفورية أقل بنسبة 6% إلى 8% في أشهر الصيف من يونيو/ حزيران، إلى أغسطس/آب، مع انخفاض استهلاك الغاز بنسبة 21% مقارنة بأشهر الشتاء الثلاثة. لكن تراكم المخزون يبقى متغيراً للغاية ويعتمد على درجات الحرارة المعتدلة وتجنب أي اضطرابات كبيرة في الإمداد.

وعليه، سيتعين على السوق هذا العام التكيف مع حالة عدم اليقين الإضافية بشأن عدم توفر النفط والغاز والفحم من روسيا التي تعد واحدة من أكبر مصدري العالم للوقود الأحفوري، بأنواعه الثلاثة.

 وبلغت شحنات الفحم الروسية إلى أوروبا 1.16 مليون طن في الأسبوعين الأولين من شهر مارس، بحسب بيانات «رفينيتيف»، ولشهر فبراير، بلغت صادرات الفحم الروسية إلى أوروبا 3.37 مليون طن، وإجمالي صادرات يناير/ كانون الثاني كانت 3.88 مليون طن. وأظهرت البيانات أن صادرات الفحم الروسية إلى آسيا في طريقها للتراجع الحاد هذا الشهر، حيث إنه تم شحن 1.84 مليون طن فقط، في أول أسبوعين، مقارنة ب 6.16 مليون طن صدّرتها روسيا إلى آسيا في فبراير، و4.88 مليون طن في يناير، من دون أن يتم ترتيب شحنات جديدة في الوقت الحالي، مع الأخذ في الاعتبار كون الصين أكبر مشتر للسلعة.

تستعد روسيا لتصدير نحو 33.89 مليون برميل من الخام إلى مشترين في آسيا لشهر مارس بالكامل، وأقل قليلاً من 36.24 مليون في يناير. 

ومع ذلك، فإن صادرات النفط الخام الروسي إلى أوروبا تتراجع بالفعل.

إلى ذلك، ارتفعت أسعار العقود ذات الآجال القريبة لجميع أنواع الوقود الثلاثة في الأسابيع الأخيرة للحفاظ على أكبر قدر ممكن من المخزون في نهاية هذا الشتاء، وبدء الترميم المبكر للمخزون هذا الربيع. وفي مواجهة الكثير من عدم اليقين، من المرجح أن تظل أسعار العقود الآجلة مرتفعة نسبياً لفرض أقصى تراكم للمخزون في أقرب فرصة في إبريل/ نيسان ومايو/ أيار.

ومن شأن الأسعار المرتفعة على المدى القريب أن تخلق احتمالية لانخفاض الأسعار على المديين المتوسط والبعيد، وترسم ضغوطاً أقل لبناء المخزون بحلول أغسطس/ آب وسبتمبر/ أيلول، بشرط ألا تتعطل الصادرات الروسية إلى العالم بشكل كبير.

ودفعت الأزمة المندلعة بين روسيا وأوكرانيا العديد من الشركات الغربية إلى الانسحاب من استثماراتها في روسيا، وتراجعت العديد منها عن شراء سلع الطاقة، وهي الدعامة الأساسية للاقتصاد الروسي، أو تقليص مشترياتها، بسبب مزيج من الخوف من المعارضة العامة والصعوبات في تأمين التمويل والتأمين، وإحجام مالكي السفن عن التحميل من الموانئ الروسية. وفي حين أن الحكومات الغربية لم تفرض عقوبات مباشرة بعد على هذه السلع، فمن المحتمل أن يتم ترتيب وتحميل المزيد من السفن إلى أوروبا وآسيا من روسيا لما تبقى من شهر مارس.

وإذا توقفت الصادرات الروسية بسبب العقوبات المفروضة على موسكو، فقد لا يكون من الممكن فعلياً إعادة بناء المخزونات إلى المستوى المطلوب قبل الشتاء المقبل، حيث من المرجح أن ترتفع الأسعار مرة أخرى وأن تظل مرتفعة للغاية حتى عام 2023.

* محلل الأسواق في «رويترز»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

محلل الأسواق في «رويترز»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"