الأجيال الجديدة معذورة

00:52 صباحا
قراءة دقيقتين

وسط هذه الغابة من التطبيقات وصفحات السوشيال ميديا وارتفاع موجة التواصل الإلكتروني لتطغى على أي تواصل واقعي بين البشر، وخصوصاً الأطفال والشباب حول العالم، تعذر الأجيال الجديدة إذا ابتعدت عن كل ما هو «تقليدي»، واتجهت أكثر فأكثر نحو عالم افتراضي يقدم المعلومة مختصرة وجاهزة وسريعة، فلا يضطر معها الشاب أو الطفل إلى تكليف نفسه بإجراء أبحاث مطولة أو عناء التحرك من مكانه من أجل الذهاب إلى مكتبة للحصول على كتاب يستند إليه في بحثه أو ليثري معلوماته أو حتى لشراء كتاب يمتع النظر بصوره ويغذي روحه ويحلّق في أفقه، معذور في تعوّده على النفس القصير والعصبية وسرعة إيقاع حياته وملله، لأن كل عالمه سريع التبدل والتجدد، وكل ما فيه يتم اختصاره كي يتعود الجيل على سرعة التقاط المعلومة والقراءة والكتابة بسطرين لا أكثر. 
حين تعلم مثلاً أن تطبيق التواصل الاجتماعي «تيك توك» أصبح الأكثر تنزيلاً في العالم حيث تم تنزيله منذ بداية هذا العام أكثر من ١٧٦ مليون مرة، ليصبح خامس تطبيق يتم تنزيله أكثر من ٣.٥ مليار مرة منذ إطلاقه، وهو التطبيق المفضل لدى كل الأطفال والمراهقين وحتى المشاهير حول العالم، تحسب أن الموج يعلو كثيراً ولن تستطيع إنقاذ هؤلاء الأبناء وتغريهم بقراءة كتاب أو حتى زيارة معرض، لكن الحقيقة تقول غير ذلك وتؤكد أنك مخطئ ولا يجب الاستسلام أو التعميم، بل إن المثابرة على خلق فرص لجذب الناس إلى المعارض القرائية والثقافية ضرورية ومهمة جداً؛ ومن هنا يعتبر مثلاً معرض الكتب «بيج باد وولف» بدورته الثالثة في دبي، فرصة حقيقية لحث الأبناء على شراء الكتب، وهو يشهد إقبالاً كثيفاً حيث يتجاوز عدد زواره ال ١٥ ألف زائر يومياً، ويضم في أروقته نحو مليون كتاب بمختلف اللغات، والمهم أيضاً أنه يقدم عروضاً وتخفيضات ما بين ٥٠ و٨٠ في المئة على الكتب. 
في المقابل تلتقي الشارقة مع دبي في التركيز على أهمية دعم الفكر وتنمية الوعي والثقافة لدى الجميع، وتبشرنا «هيئة الشارقة للكتاب» بانطلاق فعاليات الدورة ال ١٣ من «مهرجان الشارقة القرائي للطفل» في مايو/أيار المقبل، ليستمر لأول مرة على مدار ١٢ يوماً في مركز «إكسبو الشارقة».
أطفال ويافعون سيلتقون في المعرض المحبب إلى قلوبهم، والذي يحمل هذه المرة شعار «كوّن كونَك». وميزة المعرض كما عهدناه أنه يجمع بين العالمين الورقي والإلكتروني، ويعتبر مساحة تحث الصغار على الإبداع والابتكار والاكتشاف، من خلال الكتب والورش العملية والعروض الفنية والمسرحية. 
كل طاقة ثقافية نفتحها أمام الأطفال والشباب هي بمثابة طاقة أمل ندفعهم من خلالها نحو تغذية العقل والروح والارتقاء بالذات، وهي كنوز لا نحصل عليها إلا من خلال الكتاب والورش التثقيفية والإبداعية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"