غورباتشوف.. محبوب الغرب منبوذ الروس

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

يمكن وصف ميخائيل غورباتشوف، آخر رئيس للاتحاد السوفييتي قبل تفككه وانهياره، الذي توفي قبل يومين، عن 91 عاماً، بالمنبوذ والمحبوب في الآن نفسه.
إنه محبوب في الغرب الذي يرى أنه ما كان الاتحاد السوفييتي سيتفكك، لولا السياسات التي اتبعها غورباتشوف، بعد أن استوى زعيماً للحزب الحاكم وللدولة، فالدولة القوية التي ترسخت عبر مسار معقد عمره سبعون عاماً، غربت شمسها في لحظة. ماذا كان الغرب يتمنى أكثر من هذه الهدية الثمينة التي من أجلها خاض حرباً باردة، لا تقل ضراوة عن الحروب بالنيران والأسلحة؟ لذا تسابق زعماء الغرب، بعد إعلان وفاة غورباتشوف، في الثناء عليه، واصفين إياه ب«الزعيم الموثوق به الذي فتح الطريق لأوروبا حرة».
ولكن غورباشوف المحبوب في الغرب، أصبح منبوذاً في وطنه روسيا، فالعديد من الروس، إن لم تكن غالبيتهم الساحقة، يلقون باللوم عليه وعلى سياساته في زوال مجد دولتهم السوفييتية وتفككها إلى جمهوريات منفصلة، ها هي إحداها، أي أوكرانيا، في حال حرب معهم، من الصعب التنبؤ بمآلاتها التالية، وبما يمكن أن ينجم عنها من تداعيات وتموضعات أوروبية ودولية. 
ويذكر أن غورباشوف قام بمحاولة واحدة فاشلة، للعودة إلى الحياة السياسية في عام 1996، حيث حصل على 0.5 في المئة فقط من الأصوات في الانتخابات الرئاسية، ما يظهر عزلته وفقدانه لأي قبول مجتمعي.
الحق أنه لن يكون منصفاً تحميل الرجل وحده مسؤولية تفكك الدولة السوفييتية، ونسيان دور لا يقل خطورة لعبه بوريس يلتسين الذي اجتمع مع رئيسي بيلاروسيا وأوكرانيا، لمناقشة حل الاتحاد السوفييتي، وإنشاء اتحاد للدول المستقلة، ودفع بروسيا إلى أحضان الغرب بصورة مبتذلة، لا تليق بتاريخها ومكانتها.
لا يبدو أن وداً كبيراً جمع بين غورباتشوف والرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين، ولكنه قال، وقبل سنوات، إن الغرب يتعمد استفزاز روسيا، وإنه مقتنع بأن «الإعلام الغربي لديه تعليمات خاصة بتشوية بوتين والتخلص منه، من نتيجته أن ارتفعت شعبية بوتين إلى 86 في المئة».
أهو الحنين إلى مجد غابر أضاعه، ما حمل غورباتشوف على أن يدندن، وبتأثر، في ختام لقاء صحفي معه، بأغانٍ يحبها من الحقبة السوفييتية؟
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p93e33u

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"