عادي
أوراق قضائية

المحتال البنكي

22:57 مساء
قراءة 3 دقائق

كتب: أمير السني

أقام زملاؤه في العمل حفلة وداع له، بعد أن قضى 25 عاماً في الشركة متفانياً في العمل، مخلصاً ومحبوباً وسط الجميع، يعامل الناس داخل الشركة وخارجها، بأخلاق عالية، ونال عدداً من شهادات التكريم، لأمانته وجودة عمله، إلى أن ترقى فأصبح مدير شؤون الموظفين. وخلال ترؤسه القسم كان يسعى إلى حل مشكلات الموظفين ويجلس مع الموظف المعاقب أو لمن وجه له إنذار ويحاول أن يبحث له عن مخرج حتى لا يفصل. ويلبي طلبات باقي الأقسام بسرعة، ويقابل الجميع بابتسامة جميلة تفرح كل من يلتقيه.

غادر الشركة، وهو ينظر إلى المبنى النظرة الأخيرة، ولم يكن يتخيل أن يفارقه وعاد إلى المنزل، ولكنه قرر ألا يستسلم لليأس ويجلس مع أبنائه ويتفرغ لهم ويتقرب إليهم، بعد أن كان العمل يأخذ كل وقته، ولم يكن يستطيع الجلوس معهم، وكانت المسؤولية على الزوجة التي تدرس وتطبخ وتشرف عليهم، فقرر أن يقاسمها العمل داخل المنزل ويراعي الأبناء معها.

واقترحت الزوجة عليه أن يفتح مشروعاً ليزيد الدخل، لأن الجلوس في المنزل طوال اليوم قد يسبب له أزمة نفسية، ويحتاجون إلى زيادة الدخل، وقرر أن يستفيد من مستحقاته المالية من الشركة، البالغة 200 ألف درهم.

وبدأ يبحث عن مشروع مناسب، كي يجني منه فوائد كبيرة، واتصل بعدد من أصدقائه ومعارفه، لمعرفة المشروع المناسب وعمل دراسة جدوى له، ووجد أن أنسب مشروع هو محل أدوات مكتبية، فلا يوجد محل قريب في منطقتهم، وقرر أن يبدأ في تنفيذ الفكرة.

أثناء جلوسه في المنزل جاءه اتصال من هاتف ثابت، يخبره المتصل بأنه من البنك الذي يتعامل معه وطلب منه تحديث بياناته، لأن جوازه وهويته انتهت مدة صلاحيتيهما، ولم يتردد في ذلك، فقد انتهى جواز سفره والهوية والإقامة، وجدّدها قبل مدة قليلة ومن الطبيعي أن يطلب منه تجديد البيانات، والمعلومات التي أعطاها له المتصل وهي اسمه بالكامل ورقم حسابه جعلته يطمئن، وكذلك الرقم لم يكن من جوال وإنما من هاتف ثابت، فضلاً عن أن الموظف كان يعامله بالطريقة التي يعامله بها موظفو البنك في السابق، وطلب من المتصل أن يتابعه على الهاتف ويبدأ في تنفيذ عدد من الخطوات لتجديد البيانات.

وعندما اكتملت البيانات، شكره المتصل وأخبره بأن جميع البيانات اكتملت، وأغلق الاتصال، وحتى هذه اللحظة لم يشكك، في الإجراءات البنكية التي عملها، ولم يشكك في المتصل، وقرر أن يبحث عن عقار مناسب لفتح محل الأدوات المكتبية، وبعد أن عثر عليه اتفق مع صاحبه على أن يؤجره سنوياً، وأبلغه بأنه سيذهب إلى البنك ويحضر المبلغ، وفي اليوم الثاني ذهب إلى البنك، وذهب إلى الموظف وطلب المبلغ المحدد، فطلب منه الموظف الهوية، وراجع حسابه وأخبره بأن رصيده خال من المبلغ. أصيب بالذهول من هول الصدمة، وقال للموظف إنه لم يسحب مبلغه، فيما أكد الموظف أن المبلغ سحب قبل يومين، فأخبره بأن اتصالاً جاءه من البنك بتجديد بياناته، وأخبره الموظف بأن بياناته لم تجدد وأنه وقع ضحية احتيال إلكتروني، وسيتحقق من الأمر، وذهب إلى الشرطة ليدون بلاغاً جنائياً، بالتحقيق والتحري ومراجعة المكالمة التي جرت بينه وبين المحتال، توصلت إلى المتهم وقبضت عليه وحوّل إلى المحكمة، التي قضت بسجنه 5 سنوات، مع تشديد العقوبة والغرامة 100 إلف درهم، وإرجاع المبلغ المسروق.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yck67wfx

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"