عادي
«رؤوس مرفوعة» في استاد البيت

المغاربة.. بين دموع الفخر وإضاعة «إنجاز القرن»

23:44 مساء
قراءة 4 دقائق
بكاء بعد الخسارة
اللاعبون يحيون مشجعيهم بعد الخسارة

رغم دموع المغاربة والشعور بالحزن على ضياع فرصة تاريخية والفخر بالمنتخب، أثنت الصحف المحلية على أسود الأطلس الذي خرج «مرفوع الرأس»، من استاد البيت في نصف نهائي مونديال قطر أمام فرنسا (2-0)، بعد مسار تاريخي أثار شغفاً وإعجاباً عارمين تخطيا حدود المملكة.

وصفت صحيفة المنتخب المتخصصة نتيجة المباراة، التي كانت أول ظهور لفريق إفريقي أو عربي في نصف نهائي المونديال، بأنها «هزيمة بطعم الانتصار»، مؤكدة «دخلتم قلوبنا يا أسود الأطلس».

وتابعت الصحيفة في مقال على موقعها الإلكتروني «لا نلوم أسود الأطلس في شيء، رغم أننا حلمنا جميعاً كمغاربة بوضع رجل في نهائي كأس العالم، نرفع قبعة الاحترام لكل العناصر الوطنية وللناخب الوطني وليد الركراكي».

وكتب موقع «لكم2» الإخباري «المغرب يخرج من بطولة كأس العالم مرفوع الرأس بعد إنجاز تاريخي»،وهي العبارة نفسها التي تصدرت الصفحة الأولى لصحيفة الصباح «خروج برؤوس مرفوعة»، مع صورة لجماهير أسود الأطلس وهي تحيي اللاعبين بعد نهاية المباراة.

وقالت الصحيفة اليومية إن المنتخب «كتب تاريخ مشاركته في كأس العالم بقطر بمداد من الفخر، حتى وهو ينهزم أمام نظيره الفرنسي، مبهراً العالم بأسلوب لعبه واستماتة لاعبيه وحضور جماهيره الاستثنائية».

بدوره توقف موقع «لو 360 سبور» عند «التلاحم غير المعقول بين أسود الأطلس وجماهيرهم» بعد نهاية المباراة، مع فيديو يوثق هذه «الصورة الجميلة التي رسمتها الجماهير» في ملعب البيت بمدينة الخور.

لكن الموقع أشار أيضاً إلى أن «المنتخب الوطني كان بإمكانه أن يأمل تحقيق نتيجة أفضل، لو أن الإصابات البدنية لم تنل من دفاعه».

إصابات

وبعد تنفّس المغاربة الصعداء باعتماد المدافعين العائدين من إصابة نايف أكرد ونصير مزراوي، سحب المدرب وليد الركراكي بعد عملية الاحماء، الأول الغائب عن مباراة البرتغال في ربع النهائي بسبب الإصابة ودفع بأشرف داري بدلاً منه.

كما غادر قطب الدفاع العميد رومان سايس المباراة بعد المباراة في الدقيقة 21، بعد ألم في الفخذ.

رغم هذه الإصابات وتلقيه هدفاً مبكراً من تيو هرنانديز، صمد المغرب وشكل خطراً على مرمى الحارس هوغو لوريس بتسديدات وركلات حرة لزياش وأكروباتيات في القائم، حتى حُسم الأمر بالهدف الثاني للبديل راندال كولو مواني.

لكن مسيرة المنتخب، الذي أقصى قوى كروية كبيرة (البرتغال إسبانيا وبلجيكا)، كانت في مجملها «مثل حلم لا يتكرر»، كما كتبت صحيفة الأحداث المغربية.

بدورها أثنت صحيفة «ليكونوميست» على صانعي هذه «الملحمة المغربية» في مونديال قطر، مشيرة إلى أن «متوسط أعمار اللاعبين 26 عاماً، ما يشكل قاعدة صلبة يمكن البناء عليها للمستقبل».

كما وحدت الاحتفالات المغاربة بمختلف الأعمار والفئات إثر الانتصارات في المباريات الماضية، وحد الثناء على أسود الأطلس رواد مواقع التواصل الاجتماعي التي نادراً ما تشهد الإجماع في المغرب.

قصة خيالية

وغابت الابتسامة عن مشجعي المنتخب المغربي، لكن هذه الخسارة لم تمنعهم من التنويه بمسيرة مشرّفة لفريق حظي بحبّ كبير تخطّى حدود المملكة.

ويلخص المشجع أسامة أبدوح (35 عاماً) هذا الشعور قائلاً «لقد لعبوا مباراة جيدة لكن الحظ خانهم. واجهنا بندّية حامل اللقب، هذا رائع».

ويضيف الشاب الذي تابع المباراة بالدار البيضاء «هذا الفريق جعلنا نحلم حتى النهاية، أرفع لهم القبعة».

في المقابل كانت مشاعر الشاب حكيم سلامة أكثر مرارة، إذ ظل يتمنى أن تستمر المسيرة الرائعة لأسود الأطلس، «لكننا ضيعنا فرصة تحقيق إنجاز القرن، أنا محبط».

وفي العاصمة الرباط وجه بعض السائقين التحية إلى المنتخب بإطلاق العنان لمنبهات سياراتهم، تحت السماء الماطرة، لكن بعيداً عن أجواء الفرح العارم التي كانت تغمر شوارع المدينة إثر كل انتصار كان أسود الأطلس يحقّقونه خلال الأسبوعين الأخيرين.

والحلم الذي عاشته كل أرجاء المملكة جرّ إليه أيضاً الأفارقة والعرب وكل دولة غير واثقة بنفسها في مقارعة الكبار، وذلك بعدما تخطى الفريق المغربي منتخبات أوروبية قوية، وسجّل اسمه في تاريخ البطولة كأول منتخب عربي وإفريقي يبلغ نصف النهائي.

وحبست الموقعة الفرنسية - المغربية الأنفاس في المملكة طيلة الأيام الأخيرة، بين ترقب وتفاؤل، فيما بدا آخرون متحرّرين من ضغط النتيجة إعجاباً بما حقّقه منتخبهم حتى الآن.

معجزة

وفي حيّ درب السلطان الشعبي بالدار البيضاء قال لوكالة فرانس برس البائع الجوال رشيد صديق قبيل ساعات من انطلاق المباراة إنّ «المنتخب الوطني حقّق معجزات منذ بدء المونديال... لذلك لست مهتماً كثيرا للربح أو الخسارة».

وأضاف الرجل الذي استبدل بيع حلويات بالأعلام الوطنية «لقد ربحوا احترام وإعجاب كل المغاربة، وهذا لا يقدّر بثمن».

وهذا الحي الشعبي يعد من معاقل الكرة المغربية إذ ولد فيه في 1949 نادي الرجاء البيضاوي، أحد أكبر ناديين مغربيين ومن بين الأشهر في إفريقيا.

وفي هذا الحيّ أيضاً ولد لاعبون من نجوم الكرة المغربية، مثل محمد جرير (حمان) صاحب أول هدف مغربي في تاريخ المونديال العام 1970 ضد ألمانيا الغربية في المكسيك.

ويقول اليافع محمد نظيفي، الذي يحلم أن يصير يوماً مثل قدوته سفيان بوفال، «نحن مولعون بالكرة في هذا الحي، من الطبيعي أن انتصارات المنتخب غذّت أحلامنا».

ولا يكاد يخلو أي متجر في الحيّ من أقمصة المنتخب المغربي بأسعار زهيدة (بين 4.5 إلى 7 يورو فقط)، بل حتى سترات شتوية بألوان العلم الوطني.

ويضيف أحد تجار الحي خالد علوي (31 عاماً) «لقد أسعدنا أسود الأطلس ولكنّهم أيضا نشّطوا تجارتنا»، وهي تباع «بسهولة منذ الانتصار على بلجيكا»، كما يضيف الشاب الذي يرتدي هو الآخر أحدها.

أما الخمسينية ثريا متروكي التي جاءت إلى سوق الحيّ لشراء ألبسة بألوان المنتخب لأربعة من صغار العائلة فتقول «لقد رفعوا العلم الوطني عالياً، لا يمكن أن نوفّيهم حقّهم مهما شكرناهم».

فخر إفريقي

ويتقاسم مشجعون أفارقة نفس مشاعر الفخر بأداء المنتخب الذي بقي الممثّل الوحيد للقارّة منذ دور الربع نهائي.

ويؤكّد الإيفواري المقيم بالمغرب سيديبي زومانا أنّ «المغرب جعل كل إفريقيا فخورة، لقد تابعت بحماس مسار هذا الفريق كما لو أنّه منتخب بلادي».

أما المشجّع المغربي سعيد محسن (48 عاماً) فيواسي نفسه بعد الخروج من نصف النهائي بقوله إنّ «أسود الأطلس أعطوا جاذبية وتعاطفاً مع بلادنا، وأكدوا أيضاً أن بلداً إفريقياً يمكنه أن يذهب بعيداً ويكون تنافسياً».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/69c73hfj

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"