عادي

منارات المعرفة

22:30 مساء
قراءة 5 دقائق
جناح جمعية الناشرين الإماراتيين في أحد معارض الكتب

الشارقة: علاء الدين محمود

الاهتمام بالكتاب والقراءة في الإمارات عبر الكثير من المشاريع، أدى إلى نشأة العديد من دور النشر، وبالتالي إلى ابتكار مبادرات ترتقي بالنشر، وتقف خلف تلك العملية العديد من المؤسسات الثقافية الرسمية والخاصة على رأسها وزارة الثقافة والشباب في الدولة، إضافة إلى الجهات المختصة مثل جمعية الناشرين الإماراتيين، حتى تطورت الحالة النشرية وارتقت وبلغت مكاناً كبيراً نافست به الإمارات العديد من البلدان العالمية، حيث تصدّرت البلدان العربية، وذلك بفضل الدعم المتواصل للدولة التي تضع ضمن استراتيجيتها للتنمية مكاناً كبيراً للفعل الثقافي، ويتضح ذلك من خلال الانتشار الكثيف لدور النشر.

أصبحت عملية النشر بشقيه الورقي والإلكتروني صناعة في الدولة، نتيجة لرؤى اقتصادية وفكرية واستراتيجية ضمن ما صار يعرف باقتصاديات المعرفة في الإمارات. ولعل ذلك الازدهار الكبير لحركة النشر ارتبط بصورة كبيرة باسم برز في هذا المجال على المستويين المحلي والدولي، ومن الواضح أننا نشير في هذا المقام إلى الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، التي تترأس الاتحاد الدولي للناشرين الدوليين، ويؤكد ذلك المكانة الكبيرة التي باتت تحتلها الإمارات في هذا الشأن، وامتد ذلك ليشمل الاهتمام بحركة النشر العربية، والعالمية، حيث صارت إمارة الشارقة تستقبل مؤتمر الناشرين الدوليين، والناشرين العرب ضمن دورات معرض الشارقة الدولي للكتاب.

تأهيل

وبفضل تلك الجهود الكبيرة المبذولة لصناعة الكتاب، نشطت عملية النشر بصورة سريعة، ولم تعد محصورة في بعض المؤسسات الثقافية؛ بل توسّعت دور النشر وكبرت حتى صار هناك حالياً أكثر من 166 داراً تعمل في صناعة النشر، وفق ما بيّنته إحصاءات جمعية الناشرين الإماراتيين، وذلك التوسع تحقق بعد أن تغلبت هذه الصناعة على كثير من المصاعب التي كانت تعترض دور النشر؛ بل نجحت في تبنّي مفهوم السوق العالمي المفتوح بدلاً من التركيز المحلي، فبات هناك الكثير من المؤسسات الثقافية المهتمة بالنشر والدور المختصة.

ولعل من أكبر المؤسسات المختصة في النشر في الدولة، هي جمعية الناشرين الإماراتيين التي تأسست في عام 2009، وظلت تعمل على تطوير قطاع النشر داخل الدولة، بما يخدم مختلف فئات المجتمع فكرياً وثقافياً، وتهدف إلى تمثيل الناشر الإماراتي محلياً وإقليمياً، وتقدم كافة أوجه الدّعم اللازم للمشاركة في المحافل الثقافية العربية والعالمية، إلى جانب الارتقاء بواقع صناعة الكتاب في الدولة من خلال سلسلة البرامج التأهيلية والتدريبية التي ترفع كفاءة العاملين في هذا المجال، وتحسين شروط المهنة والقوانين الخاصة بها، كما تولي الجمعية اهتماماً بالغاً بحماية كافة الحقوق المتعلقة بالنشر مثل الملكية الفكرية والترجمة، وتمثل الجمعية أحد أعضاء اتحاد الناشرين العرب، وعضو في اتحاد الناشرين الدوليين.

ومن دور النشر ذات الأثر الكبير في الفعل الثقافي الإماراتي والعربي، هناك «منشورات القاسمي» التي رسمت لنفسها، منذ تأسيسها عام تأسست عام 2009، مساراً مختلفاً وفلسفة تضع في اعتبارها الثقافة والتراث العربي والإسلامي، في الماضي والحاضر والمستقبل، فقد اهتمت الدار بالإنتاج والجهود الفكرية والبحثية في التراث والتاريخ، والتعمق في الحضارة العربية من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، فكان أن رفدت المكتبة العربية والعالمية، بما يزيد على 60 كتاباً، من إنتاج صاحب السمو، حاكم الشارقة.. تلك المؤلفات التي تعددت وتنوعت مواضيعها في طرق التعبير عن الفكرة، ما بين روايات وكتب في السيرة الذاتية والشعر والمسرح، وأخرى غاصت في أعماق التاريخ، إضافة إلى مؤلفات أخرى في مختلف مجالات العلوم والثقافة والأدب.

مبادرة

ومن ضمن المؤسسات الكبيرة والمتطورة المهتمة بالنشر هناك «مشروع كلمة»، وهو في الأصل مبادرة تتبع لدائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، كان قد أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عام 2007، بهدف إحياء حركة الترجمة في العالم العربي ودعم الحراك الثقافي الفاعل الذي تشهده أبوظبي للمساهمة بقوة في خارطة المشهد الثقافي الإقليمي والدولي، من أجل تأسيس نهضة علمية ثقافية عربية تشمل مختلف فروع المعرفة البشرية ويمثل الكتاب فيها حجر الزاوية والمرتكز، إلى جانب تنظيم الفعاليات والأنشطة المتصلة بالترجمة، حيث يقوم بترجمة المؤلفات العالمية إلى اللغة العربية، وفي كل عام يختار المشروع أهم المؤلفات العالمية الكلاسيكية والحديثة، من مختلف اللغات، ليقدمها للقارئ العربي، وقد ترجم «كلمة» نحو 700 كتاب عن أكثر من 13 لغة، بعد خطة اعتُمدت بترجمة 100 كتاب سنوياً.

احتفاء

وتحتل دائرة الثقافة في الشارقة، موقعاً متقدماً في عملية النشر منذ تسعينات القرن الماضي، بإصدارات متنوعة في مجالات الثقافة والمعرفة والمسرح والتراث والأدب والفكر والتاريخ، إضافة إلى الكتب والمؤلفات الإلكترونية. وهناك إدارة متخصصة في الدراسات والنشر، وظلت تلك الإدارة تحتفي على الدوام بمؤلفي إصداراتها، وتحرص على الإسهام والارتقاء بالذائقة الفكرية والأدبية والفنية في المجتمع وتشجيع المؤلفين الواعدين، اتباعاً لرؤية صاحب السمو، حاكم الشارقة؛ لما لذلك من أثر في النهوض بالأمم وفكرها، وإيماناً بأثر الثقافة والعلم في تطور الفكر الإنساني ونهضة الأمم.

أما مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم في دبي، فقد قدمت خدمات مهمة في دعم حركة النشر عبر العديد من الإصدارات المتنوعة، حيث إن عملية النشر تمثل أحد أبرز المشاريع التي تركز عليها المؤسسة، سواء من خلال ملخصات «كتاب في دقيقة» الشهري، أو المساهمة في برنامج دبي الدولي للكتابة، أو من خلال برنامج الترجمة ونشر أهم الإصدارات العالمية، وهو ما بات يمثل ميزة لهذه المؤسسة التي قطعت أشواطاً مهمة ذات جدوى في إطار النشر، والوقوف إلى جانب الكتاب المواطنين والناشرين المحليين.

ولعل الحديث عن دور النشر والمؤسسات المهتمة بصناعة الكتاب لا يكتمل دون ذكر أحد أعرق وأقدم تلك المؤسسات، وهي دار الكتب الوطنية التي تأسست عام 1981، لتصبح واحدة من أهم منصات النشر في الدولة، وهي ذات إسهام واضح وكبير في نشر العلوم والثقافة في المجتمع المحلي ترسيخاً للأهداف المتمثلة في تحقيق النتاج الفكري العربي والإسلامي والعالمي، بالاعتماد على مصادره المعرفية الأصيلة، مع التركيز على القضايا ذات الصلة بالدولة، ودعم وتشجيع حركة النشر المحلية وترجمة أمهات الكتب العالمية.

بيئة إبداعية

ومن المؤسسات التي احتلت مكانة كبيرة في قلب عملية النشر في الدولة، دار «كلمات» التي تأسست عام 2007، وصارت من مؤسسات النشر الرائدة في المنطقة، والتي تلتزم بالتطوير من خلال الابتكار، ضمن بيئة إبداعية محفِّزة تعمل على جذب أفضل المواهب العاملة في هذا القطاع، لتصبح الدار علماً من أعلام النشر، وهي المؤسسة التي توسّعت بشكل كبير لتشمل شركات ودور نشر مختلفة مثل «حروف»، و«روايات»، و«كومكس»، و«كلمات كوراتو».

وقد استهدف نشاط الدار عبور المجال العربي إلى الدولي من أجل المشاركة في كل المحافل الأدبية العالمية المهتمة بالنشر والكتب، حيث تمكنت المجموعة منذ تأسيسها من توزيع كتبها في 16 دولة.

وهناك أيضاً العديد من دور النشر الخاصة التي كان لها أثر كبير في مجال صناعة الكتاب، من أهمها دار نبطي للنشر التي عملت على نشر الأعمال التي تشكّل إضافة نوعية إلى المكتبة العربية، وتحافظ على الهوية الوطنية وتعزز التبادل الثقافي بين الحضارات الإنسانية، وهناك دار «كتاب» للنشر التي تعد من أكبر الدور الإماراتية، وهي تواكب التطور التكنولوجي، فلا تكتفي بالمطبوع ورقياً؛ بل تسعى إلى التنوع في إصداراتها الإلكترونية أيضاً، وحصلت على أفضل دار نشر في معرض الشارقة للكتاب 2018، وهناك أيضاً دار «مدارك»، للنشر و«الياسمين»، و«هماليل»، و«سيف الجابري»، والعديد من الدور التي وضعت بصمتها في حراك النشر وأصبحت منارات سامقة للمعرفة.

تخصص

وهناك دور لافت تلعبه المؤسسات المتخصصة في النشر، فهناك معهد الشارقة للتراث، وهيئة الشارقة للمواثيق والأرشيف، ونادي تراث الإمارات في أبوظبي، وهي الدور التي ظلت ترفد المكتبة بمؤلفات التراث الإماراتي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4hdnjp5u

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"