عادي

صناعة الكتاب.. سوق واعد

22:32 مساء
قراءة 6 دقائق

استطلاع: نجاة الفارس

يؤكد عدد من الناشرين، أن حالة النشر في الإمارات ممتازة ومبشرة بمزيد من النجاحات، بسبب عدة عوامل أولها الدعم القوي والمستمر من الدولة للثقافة بشكل عام، ولدور النشر بشكل خاص، ثم دور الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين، المهم والفعّال ليس على مستوى الإمارات فقط، وإنما على مستوى العالم، موضحين أن سوق النشر في الإمارات واعد، ولديه جميع الإمكانات للتميز والنجاح والتفوق، وصناعة الكتاب في الإمارات تسير في الطريق الصحيح والأمثل.

الصورة
1

الكاتبة والباحثة الدكتورة فاطمة حمد المزروعي مديرة ومؤسسة دار حكايات للنشر، تقول: «حالة النشر في الإمارات ممتازة ومبشرة بمزيد من النجاحات، بسبب عدة عوامل أولها الدعم القوي والمستمر من الدولة للثقافة بشكل عام، ولدور النشر بشكل خاص، أيضاً دور الشيخة بدور القاسمي رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين المهم والفعّال، ليس على مستوى الإمارات فقط، وإنما على مستوى العالم، ونحن نتابع أنشطتها وما تقوم به من جهود كبيرة، لدعم صناعة نشر الكتاب وهذا مقدر من الجميع، كما أن الكثير من المبادرات الموجودة في الإمارات مرتبطة بصناعة النشر، مثل مشروع كلمة وما يترجمه من أعمال مميزة، وكذلك الإصدارات العديدة لدائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، والتي تنشر لكثير من الكتّاب من الإمارات ومن خارجها، وتدعم حركة الترجمة على مستوى العالم العربي، ولا ننسى مبادرة «ألف عنوان وعنوان»، وهي مبادرة مهمة أيضاً، فجميع الأمور تساعد على ازدهار صناعة النشر».

وتشير المزروعي إلى ما يقدمه معرض أبوظبي الدولي للكتاب، من منح لشراء الحقوق فهو دعم ممتاز يغطي تكاليف الترجمة والطباعة، فلهم جزيل الشكر والتقدير، وهم أيضاً يهتمون دائماً بالناشرين، فاللقاء السنوي الذي يقام بين مركز أبوظبي للغة العربية في دائرة الثقافة والسياحة والناشرين يعد مهماً جداً، وقد تم تنظيمه منذ أشهر قليلة ماضية، وهم يحرصون على سماع آرائنا، ويطلعونا على جميع مبادراتهم وفعالياتهم خلال العام، ويطلبون آراءنا ويتواصلون معنا من خلال الحوار والنقاش والعصف الذهني والعمل الجماعي، وهذا يحسب لهم، أيضاً ما يقوم به معرض الشارقة الدولي للكتاب من دور قوي ومهم يسهم في تنشيط وإثراء صناعة النشر، وكذلك الجوائز تحفز النشر على مستوى العالم العربي، فهي حافز لدور النشر لتجويد منتجاتها، خاصة جائزة الشيخ زايد للكتاب وجوائز معرض الشارقة للكتاب، وجوائز مهرجان الطفل، كل ذلك يحفز صناعة النشر بشكل جيد.

وتذكر أن المؤشر الذي يؤكد أن صناعة النشر بخير، هو استمرار إنشاء دور النشر الجديدة في الإمارات حتى أثناء جائحة كورونا وما بعد الجائحة ما زال هناك الكثير من دور النشر الجديدة التي فتحت، وهناك دور نشر تخصصية، منها ما هو مختص في أدب الطفل، نلاحظ وجود تركيز على هذا الجانب، فالأمور بخير ومبشرة وهناك حراك ثقافي مميز، ربما ما نحتاج إليه أكثر هو الوعي المجتمعي بأهمية القراءة، والاطلاع على كل ما هو جديد، كما نلاحظ وجود العديد من المنصات المرتبطة بدور النشر والحسابات الإلكترونية لها، والتي تتطور من سنة لأخرى؛ بحيث أصبح شراء الكتاب الإلكتروني أمراً سهلاً ولدينا العديد من المواقع المميزة.

شغف

شيماء المرزوقي رئيسة دار التفرد لخدمات التصميم ونشر المطبوعات، تقول: «تحقق دور النشر مكاسب، قد لا تكون كبيرة ووفق المأمول، لكن بالتخطيط والإدارة المدروسة، تستطيع تجاوز بعض العقبات والصعوبات، وتحقيق عوائد ليست كبيرة لكن قد تغطي الخسائر، والحقيقة أن هناك شغفاً بالعمل كناشر مع خطورته كاستثمار، لكن الرغبة والشغف لدى البعض، هما الدافع نحو هذا المضمار».

وتضيف، أن حركة النشر الناجحة، تعتمد على حركة مبدعة متميزة في الكتابة والتأليف، تعتمد على مؤلفين لديهم شغف بتقديم نصوص متفردة وقوية، ويعتمد نمو الحماس وتطور الشغف لدى كل كاتب ومؤلف، على ما يراه ويلاحظه من مهارة الناشر، وقوة حضوره وعمله لنشر وتوزيع المنجزات الإبداعية.

وتتابع، مع الأسف الملاحظ أن هناك خللاً لدى الطرفين؛ إذ إن بعض الناشرين، لا يملكون شغفاً في فتح أسواق جديدة أمام كتبهم التي يتولون نشرها، وبعض الكتّاب، يقدمون منجزات متواضعة، من هنا، ومن مثل هذه الحالة، قد نسمع من يتحدث عن تعثر في حركة النشر، لكننا إن أمعنا النظر بدقة، وموضوعية، سنجد أن هناك حراكاً إيجابياً وجميلاً في النشر، ليس مثالياً، لكنه متميز بالجدية وملاحقة الإبداع.

وتلفت إلى أن الصعوبات التي يواجهها الناشر، لا تكمن في شح النصوص المبدعة وتميزها، وإنما في جملة من العقبات الأخرى، مثل صعوبات الطباعة؛ حيث تستهلك الكثير من ميزانية الكتاب، وتؤثر في تسعيره وقيمة بيعه، هذا إذا تجاوزنا التصميم والإخراج ونحوها من الجوانب الفنية الأخرى المهمة في صناعة الكتاب، حتى يكون جاهزاً للنشر والتوزيع، ولا أنسى أيضاً صعوبات التوزيع، والنسبة الكبيرة التي تستقطع من قيمة الكتاب، من شركات ومؤسسات التوزيع، وهذه تسبب ضغطاً كبيراً على الناشر، وتأخذ من حصة الربح من الكتاب ما قد يتجاوز 60% كنسبة للتوزيع، وهذه لوحدها مشكلة كبيرة يعانيها الناشرون، إذا أضفتها مع تكاليف الطباعة، وتقلبات الأسعار وارتفاعها في المطابع.

وتقول المرزوقي: سوق النشر في الإمارات واعد، ولديه جميع الإمكانات للتميز والنجاح والتفوق، وأعتقد أن صناعة الكتاب في الإمارات تسير في الطريق الصحيح والأمثل، نتطلع إلى المزيد من المبادرات التي تقدم لدعم الكتاب ونشره، مثل دعم الطباعة أو التوزيع، والنقل، ونحوها، المبادرات في هذا المجال، ومعالجة مثل هذه الصعوبات، ستطلق صناعة معرفية ثقافية، سيكون لها صدى في مختلف أرجاء العالم.

نماذج

محمد السقا مدير الاتصال الثقافي في دار السويدي للنشر، يقول: «أصبحت الإمارات أبرز البلدان العربية في قطاع النشر، ليس هذا من باب المبالغة؛ بل هو تقرير للواقع ولنأخذ دليلاً على صحة هذه الفرضية بالنماذج التي قدمتها المؤسسات الثقافية والجهات الرسمية الإماراتية ودور النشر المحلية، وأخص بالذكر مدينة الشارقة للنشر، وجمعية الناشرين الإماراتيين، ومشروع كلمة وملتقى أبوظبي للنشر والصناعات الإبداعية».

ويذكر أن المثير للدهشة في الحديث عن صناعة النشر في الإمارات هو حالة عدم الرضا عن المنجز التي تتلبس القيّمين على العمل المعرفي والثقافي، الأمر الذي يشعل الرغبة في تقديم المزيد والمزيد، فلا تقنع الإمارات أبداً في مضمار الثقافة والكتاب وتكاد كل الدوائر الثقافية تتهامس بأن ما أنجز ليس إلا عشرة في المئة من الطموحات، والتي إن استمرت وتيرتها المتصاعدة ستكون نتائجها الحضارية إعادة إنتاج نماذج مشرفة من عصر النهضة العربية والإسلامية، كما فعلت بغداد في العصر العباسي وقرطبة الأندلسية في عصر الازدهار، والقاهرة وبيروت إبان فتوتهما.

خبرات

فواز المطيري الرئيس التنفيذي لدار قهوة للنشر، يقول: «تعيش حالة النشر في الإمارات، أزهى أوقاتها مقارنة بمثيلاتها في الخليج والعالم العربي؛ حيث إنها استطاعت تخطي أزمة كورونا، بفضل التكاتف عالي المستوى بين الناشرين والقطاع الثقافي الحكومي في الإمارات، وفي مقدمتها وزارة الثقافة والشباب التي أطلقت، أخيراً، مبادرة «أبدع انشر» في خطوة إبداعية وجديدة في صناعة النشر، وكذلك مركز أبوظبي اللغة العربية، المركز الذي خلق مفهوماً جديداً لمعارض الكتب وأسهم في إحياء الزوار للمعارض التي كانت تعاني قلة الزوار منذ عام 2018 في حال عدم وجود مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث بدأ المركز مفهومه الجديد حول المعارض بتغيير المسمى من معرض الكتاب إلى مهرجان الكتاب، وأيضاً بدأ في تغيير «الديكورات» القديمة للمعارض التي لم تتغير منذ التسعينات إلى ديكورات عصرية، تريح الزائر وتجعله يقضي وقتاً أكثر في المعرض، هذه التغييرات ربما يراها البعض بسيطة وهامشية، غير أنها بالفعل كانت علامة فارقة كبيرة ساهمت في الإقبال الكبير على مهرجاني العين والظفرة، وعلى الرغم من أنها معارض محلية فإن عدد الزوار يتخطى أعداد زوار معارض دولية شهيرة في بعض البلدان العربية، وكذلك لا ننسى الدور الكبير الذي تقوم به هيئة الشارقة للكتاب وخبرتها العريقة في عالم النشر، وما تقدمه من خدمات للناشرين والمؤلفين على حد سواء.

ويضيف المطيري: استكمالاً لهذا النجاح، وبرصدنا لما يقوم به الناشرون من صناعة تفوق التوقعات للكتاب بدعم كبير من القطاع الثقافي الحكومي، ما جعل دور النشر الإماراتية في مقدمة الدور العربية، ويسعى كل مؤلف في الإمارات أو في أي دولة عربية لنشر مؤلفه معها، نقترح دعم الناشرين في تصدير نتاجاتهم الثقافية للدول العربية والعالمية، ودعم مشاركاتهم في المعارض العربية والعالمية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdyjs3u4

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"