عادي

حق الطريق

23:42 مساء
قراءة دقيقتين
أحمد حلمي

أحمد حلمي سيف النصر

عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والجلوس على الطرقات. فقالوا: ما لنا بد إنما هي مجالسنا نتحدث فيها. قال: فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها. قالوا: وما حق الطريق؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، وردّ السلام، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر. رواه البخاري.

وهذه الحقوق ليست من باب الحصر، وإنما هي بعضها، وقد بيّنت أحاديث أُخر حقوقاً للطريق غير هذه. وهكذا نظم الإسلام حياة المسلم الخاصة والعامة، وشملت تعاليم هذا الدين محاسن الآداب ومكارم الأخلاق التي تنظم حياة المجتمع الإسلامي، وتكفل له السعادة والتحابّ والترابط. ومن هذه الآداب الإسلامية الرفيعة حق الطريق وآدابه التي يتأدب بها المسلم ويسلكها، وبتحققها يرقى المجتمع الإسلامي في ظل هذه التعاليم فالطريق ملك لكل الناس، والجميع لهم حق الانتفاع به، ولذلك حذر الإسلام من كل ما يؤذي المارة أو المشاة بالطريق، أو يضايقهم من الذين يتخذون مجالس على الطريق، فإنها توقع في أمور ممنوعة شرعاً.

أما الأمر بغض البصر فيشترك فيه الرجال والنساء على حد سواء، وذلك لأن إطلاق البصر فيما يحرم يجلب عذاب القلب وألمه، وهو يظن أنه يروح عن نفسه ويبهج قلبه، ولكن هيهات. وأعظمهم عذاباً مدمنهم، وكما قال ابن تيمية رحمه الله:«تعمد النظر يورث القلب علاقة يتعذب بها الإنسان، وإن قويت حتى صارت غراماً وعشقاً زاد العذاب الأليم، سواء قدر أنه قادر على المحبوب أو عاجز عنه، فإن كان عاجزاً فهو في عذاب أليم من الحزن والهم والغم، وإن كان قادراً فهو في عذاب أليم من خوف فراقه، ومن السعي في تأليفه وأسباب رضاه».

الإسلام لا يرضى أن يطلق الجالس في الطريق نظره، فيحرج من يمر بالطريق من النساء خاصة، ويضيق عليهن أو يؤذي المارة بأي نوع من أنواع الإيذاء المادي أو المعنوي.

كما حث الإسلام ورغّب في إزالة الأذى عن الطريق، وجعله من أعمال الطاعات والقربات التي تدخل صاحبها الجنة. عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلي الله عليه وسلم: «مر رجل بغصن شجرة على ظهر الطريق فقال: والله لأنحّين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم فأدخل الجنة». رواه مسلم.

وقال صلى الله عليه وسلم: الإيمان بضع وسبعون شعبة أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان. رواه البخاري.

وإماطة الأذى من الصدقات، وبسببها أدخل رجل الجنة، ففي حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله: وتميط الأذى عن الطريق صدقة. رواه البخاري ومسلم.

ومما يتعلق أيضاً بحق الطريق في الإسلام آداب المشي، فمن ذلك أن يكون المسلم في مشيته متواضعاً متسامحاً يقول الله تعالى:«وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً». الفرقان: 63، فعباد الرحمن المؤمنون حقاً، الواصلون إلى مقام العبودية وشرفها يمشون هوناً: أي بسكينة ووقار وتواضع، فلا خيلاء ولا كبر، ولا تعالي ولا افتخار على الناس، يتحملون أذى الغير ويتساهلون في معاملتهم مع الآخرين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yvmann4f

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"